الآن فقط عرفنا سر حصولنا علي صفر في تنظيم مونديال 2010، فالمسألة لم تكن مجرد ملف يضم مجموعة أوراق وتصورات وخرائط وأفكار، بل لم تكن القضية هي مَنْ يحمل الملف ويذهب به إلي الاتحاد الدولي؟! فتنظيم كأس العالم أكبر بكثير من مجرد حملة دعائية ساذجة وتافهة وغبية - قمنا بها- أو حتي حملة ناجحة ورائعة ومحترمة قامت بها جنوب أفريقيا، لكن الفرق أكبر وأعمق، إنه الفرق بين من يقدر علي التنظيم ومن يحلم به فقط، الفرق بين من يملك كل الإمكانيات ويستطيع توظيفها ومن يدعي أنه يملك كل شيء وهو لا يعرف أي شيء. هذا هو الفرق بين مصر وجنوب أفريقيا، الفرق بين دولة عمرها سبعة آلاف سنة وتمتلك تاريخ وجغرافيا وعلماء ومفكرين وموهوبين في كل المجالات لكنها لا تسمح إلا لأنصاف المواهب بالوقوف أمام الكاميرات وتصدر المشهد في حين نجد دولة أخري لا يزيد عمرها علي 20 عاما لكنها استطاعت أن تفسح الطريق أمام أصحاب القدرات الخاصة وتستعين بنماذجها المتفردة فتترك الساحة لزعيمها الروحي نيلسون مانديلا وتسخر كل طاقاتها من أجل أن تحصل علي شرف تنظيم أهم حدث كروي في العالم. لذلك كان بدهيا أن تكتسح وتحصل علي أصوات تعد تاريخية ونحن أيضا من الطبيعي أن نحصل علي أكبر صفر في تاريخنا، لكن الصدمة وقتها جعلتنا نردد كلاماً لا علاقة له بالتنظيم مرة نقول إن الفيفا متواطئ مع جنوب أفريقيا وأخري نقول إنهم قاموا بشراء الأصوات بل إن البعض قال إن كأس العالم هو الخاسر لأنه خسر أفضل جمهور في الدنيا وهو الجمهور المصري وكل هذه الادعاءات لم نكتشف زيفها ولم نشعر بمأساتنا إلا عندما شاهدنا المونديال العالمي وروعة التنظيم فلم نشاهد مباراة تأخرت عن موعدها لأن الحكم كان «وراه مشوار» أو لأن اللاعبين كانوا «مش عارفين لون فانلة الفريق المنافس» أو لأن الجمهور كان يقذفهم بالحجارة! وقتها فقط شعرت أننا «انضحك علينا» وأن المسألة كانت أكبر من الأسماء التي كان تديرها فلا يجوز أن يقود ملف كأس العالم أشخاص أقصي قدراتهم أن ينظموا كأسا بين المدارس الثانوية لأن بعضهم لم يستطع تنظيم كأس مصر بالشكل الأمثل لذلك علينا أن نراجع أنفسنا ونحاول أن نتعلم الدرس دون تعال حتي نستطيع أن نعود مرة أخري لأن الاستادات التي رأينها لم يتم إنشاؤها في يوم وليلة ولم يتم الاستعداد لكأس العالم قبل بدايته بأشهر ولا حتي بسنوات قليلة، لأن جنوب أفريقيا ليست فرنسا كي تستطيع أن تحشد قوتها وتطلب التنظيم وهي طوال الوقت جاهزة ومعدة لاستقبال هذا الحدث العالمي ولو كان الحدث في فرنسا كان لا يمكن أن نضع وجها للمقارنة ولم نكن وقتها يمكن أن نتعلم الدرس لأن الفرق مذهل ولا علاقة له بكرة القدم ولا حتي بتنظيم كأس العالم، فالفرق لا يمكن تداركه، لكن في حالة جنوب أفريقيا البلد التي كانت تعاني كل شيء، النموذج قابل للتكرار لأن الفروق بسيطة لكن الفرق الوحيد هو أن أساتذة علم النصب عندهم اختفوا أثناء تقديم الملف وعندنا حدث العكس!