القوات المسلحة تنفى مزاعم بشأن منح ضباطها امتيازات بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون    5.5 ملايين نشاط.. برلماني يكشف أسباب تخفض رسوم ترخيص المحال لمدة 6 أشهر    مصر وتنزانيا تدرسان إعداد برامج سياحية مشتركة    أموريم: مانشستر يونايتد خسر وهو الأفضل.. وهذه طبيعة إصابة برونو    نقيب المأذونين يفجر مفاجأة: ليس كل زواج مسجلًا بالأحوال المدنية    فلكية جدة: هلال رجب يزيّن سماء الوطن العربي    تامر أمين: الهجوم على محمد صبحي خناقة في حارة مش نقد إعلامي    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    قناة ON تنقل قداس عيد الميلاد من مصر وبيت لحم والفاتيكان    المعهد القومي للاتصالات يفتح التقديم ببرنامج سفراء الذكاء الاصطناعي    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    مركز الميزان يدين بشدة استمرار جرائم قتل وتجويع وتهجير المدنيين الفلسطينيين    هايدينهايم ضد بايرن ميونخ.. البافاري بطل الشتاء في الدوري الألماني    بعد حادث تريلا المريوطية.. كيف تحصل على تعويض حال تعرض سيارتك للحريق؟    زوج ريهام عبد الغفور يساندها فى عرض فيلم خريطة رأس السنة    التواء في القدم، المهن التمثيلية تكشف تفاصيل الحالة الصحية ل إدوارد    مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة ينظم عرضا خاصا لفيلم فلسطين 36    حفل توقيع كتاب "وجوه شعبية مصرية" بمتحف المركز القومي للمسرح.. صور    ديانج: مستعد للتضحية بنفسي للتتويج بأمم إفريقيا مع مالي    أسباب قلة الوزن عند الأطفال الرياضيين    مدير تعليم القاهرة تكرم الطلاب ذوي الهمم بمدرسة الفسطاط    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    تباين الأولويات يعقّد الحلول.. جهاد حرب: نزع سلاح غزة يواجه صعوبات كبيرة دون ضمانات دولية    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    سيسكو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في البريميرليج    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    وكيل الأزهر يلقي محاضرة لعلماء ماليزيا حول "منهج التعامل مع الشبهات"| صور    جامعة عين شمس تحقق إنجازًا جديدًا وتتصدر تصنيف "جرين متريك 2025"    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    محافظ كفرالشيخ يتفقد الأعمال الإنشائية لربط طريق دسوق المزدوج والطريق القديم    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رئيس الإمارات يبحث مع نظيره الفرنسي تعزيز العلاقات    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    محمد صلاح ضمن التشكيلة المثالية لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    انطلاق المسح الصحي لرصد الأمراض غير السارية بمحافظة قنا    فيديو | الجمهور يتجمع حول محمد إمام إثناء تصوير "الكينج"    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    توجيهات الرئيس السيسى خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزى ووزير المالية (إنفوجراف)    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا ينزل الفلسطينيون إلى الملاجئ؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 13 - 07 - 2014

لعل من يقرأ العنوان من العارفين بالقضية الفلسطينية يستغرب السؤال لعلمه بأنه لا ملاجئ في قطاع غزة حتى ينزل إليها الناس، وحتى غير العارف من العالم الأجنبي بواقع فلسطين واحتلالها قد يتساءل عن سبب موت الناس في الطرق والشوارع ولم لا يلجأون إلى أماكن آمنة، لقد أقرت الحرب الأولى عام 2008 قاعدة تقول إنه «لا مكان آمنًا في القطاع»، حتى أكثر الأحياء رقيًا وبعدًا عن الأحداث طاولها الدمار آنذاك، ومنها مثلًا «تل الهوا» غرب غزة.

وجاء في التقرير المنشور بجريدة «الأخبار» اللبنانية، أن كل ما يمكن العثور عليه في غزة هو بعض ملاجئ من زمن الحرب المصرية الإسرائيلية «أكتوبر 1973» ولا تعد على أصابع اليد، وهي مهجورة منذ ذلك الوقت ولم يلتفت إليها الغزيون في أي تصعيد إسرائيلي.

لكن، ماذا لو كان هناك ملاجئ في غزة، هل سينزل إليها الناس؟ الإجابة تأتي من الروح المعنوية العالية التي يتمتع بها المواطنون هناك، رغم أنهم كل ساعة على موعد مع دفعة جديدة من الشهداء أو الإصابات، فضلًا عن المشاهد المروعة التي تخلفها الآلة الحربية الإسرائيلية عبر «تفريم» الصواريخ أجساد الأطفال والنساء وبتر أجزائهم، ما يصعب على الطواقم الطبية والمعنيين معرفة اسم الشهيد «الأشلاء» حتى التقاط إشارة على هويته من ورقة أو ساعة.

المشهد منذ ثلاثة أيام هو نفسه، فرائحة الموت في الأزقة والشوارع لا تزال منتشرة، فيما تتسارع أرقام الشهداء وتتبدّل كل لحظة، ومعها تصل الهستيريا الإسرائيلية إلى الذروة بعد أن تلقي الطائرات حممها على رؤوس المدنيين، أما السفن الحربية فتتلمّس درب الجنون ذاته، وتطلق رصاصات رشاشتها على شاطئ البحر، وسط هذه العتمة ووجوه الأطفال المضرّجة بالدم، يعلو صوت المقاومة والالتفاف الشعبي حولها.

يشعر الضحايا هنا بالفخر، رغم ما أصابهم، لأن صواريخ المقاومة ضربت تل أبيب وما بعدها، ولم يتخيل المحاصرون أن مقاومتهم ستبدأ معركتها من حيث انتهت في الحرب الماضية، كان لسان حالهم أن القطاع يمكن أن يحترق من شماله إلى جنوبه، لكن العدو على مرمى حجر من صواريخ المقاومة، ويزيد فخرهم حين يرون الخوف في نفوس دولة الاحتلال.

مع ذلك، تبقى مساحة الألم كبيرة بينهم، فهم يفقدون أعز الناس عليهم، بل عائلات بأكملها تصعد أرواحها في لحظة، وقد يبقى منها طفل يظن أن ذويه تركوه لزمن قصير حتى يعود من نزهة!

كذلك، يدرك الأهالي الفرق الشاسع في الإمكانات العسكرية والطاقة التكنولوجية بين المقاومة وإسرائيل، لذلك يعذرون الفصائل حين لا يسمعون أخبارًا عن تحقيق إصابات قوية ومباشرة في الأراضي المحتلة، حتى من ألمّت بهم فاجعة الموت أو فقدان البيت لا يطمحون إلى إيصاد المقاومة أبواب المعركة قبل ترميم قوّة ردعها وفرض اشتراطاتها بإسقاط العزلة السياسية عن القطاع وفكّ الحصار.

محمد كوارع، أحد الناجين من مجزرة عائلته في مدينة خان يونس (جنوب) التي حصدت أرواح 7 شهداء وأكثر من 25 جريحاً، يعبّر محمد عن افتخاره بصنيع المقاومة، مطالبًا إياها بإطلاق الصواريخ إلى ما بعد مدينتي ديمونة والخضيرة، يتحدّث الشاب (43 عاماً) بنبرة خاليّة من الانهزامية والضعف، ويقول ل«الأخبار»: «هذه هي الفاتورة التي يجب علينا أن ندفعها، فلن تُقصف حيفا ويتسلل المقاومون إلى عسقلان للاشتباك مع جنود الاحتلال دون أن نقدّم في المقابل الشهداء والجرحى... كلّ جراحنا تهون أمام تقصير المسافة إلى فلسطين».

في سياق المعاناة، يعبر الغزيون بشيء من السخرية المليئة بالحزن عن أن الحرب فرغت جزءاً كبيراً من الضغط النفسي الذي كانوا يعيشونه قبلها بسبب أزمة الحصار الممتد منذ ثماني سنوات، وأخيراً أزمة الرواتب التي كادت تودي بغزة إلى هاوية اجتماعية كبيرة. واليوم يلتفت الناس في غزة إلى أنهم نصروا مدينة القدس المحتلة والضفة وأراضي ال48 عبر حملهم عبء مواجهة إسرائيل في ظل عجز باقي المدن عن المواجهة إلا بالحجارة، كما أن السؤال عن نهاية الحرب لا يسبق السؤال عن طبيعة النهاية وما سيجنونه بعد هذه الدماء والخراب الكبير، لكنهم قلقون من قضية إعادة الإعمار التي بقيت عالقة منذ سنوات بسبب الحصار.

على كفة أخرى، ورغم أن وتيرة الاحتجاجات هدأت في المدن الأخرى، فإن ما يجري في غزة خلق حالة من السخط الشعبي على الفتور الرسمي في رام الله والدول العربية بشأن التعامل مع العدوان على غزّة. ويقول المقدسي محمد شحادة ل«الأخبار»: «هناك من يتبنّى الخطاب السلطوي، ويبدأ بعقد المقارنات بين خسائر العدوّ وخسائر غزّة ليصل إلى قناعة منهزمة تتمثّل في أنّ صواريخ المقاومة أخفقت في إصابة الجبهة الإسرائيلية الداخلية مقابل خسارة مادية وبشرية مهولة تلحق بالقطاع»، مضيفاً: «هؤلاء يرون أن الحرب غير المتكافئة لا تعجّل في تحرير فلسطين». ويستدرك شحادة: «معظم الفلسطينيين يؤكدون أن شرعية الصاروخ هي التي تصمد، فلا يمكن التعويل أبداً على الشرعية الدوليّة التي يلوّح بها الرئيس محمود عباس»، متمنّياً أن تُطلق السلطة يد المقاومة وتكفّ عن سياسة التنسيق الأمني. في ظل هذه الأجواء الشعبية المشحونة بالإيجابية تجاه المقاومة، لم يتراجع الاحتلال، مع اليوم الخامس لعدوانه، عن سياسة قصف منازل المدنيين وحثّ بعضهم على إخلائها وتحديداً من يقطنون في المناطق الحدودية، إلى جانب ترويعهم عبر الاتصالات الهاتفية وتهديدهم بقصف بيوتهم لخلق حالة من البلبلة والنزوح الداخلي. المواطن عمر منصور كان من بين من تلقّوا اتصالاً لإخلاء بيته في شمال القطاع، لكنه أصرّ على المكوث فيه. ويقول ل«الأخبار»: «نرفض أن نصبح لاجئين مرّة أخرى، وقد قرر جميع سكان المنطقة البقاء نصرةً للمقاومة ودعما لها».

عند هذه النقطة، يعلق المحلل السياسي، حسن عبدو، إن «الالتفاف الشعبي حول المقاومة هو التفاف حول الذات الفلسطينية، فالفلسطينيون لم يعترفوا بالهزيمة يوماً، بل يحمّلونها للقيادات السياسية والفكرية التي قادت المراحل السابقة من النضال وفقاً لمصالح فئوية ضيقة لا تتعدّى مساحة الحزب أو الفصيل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.