لا ينتظر ذوو العقول والألباب خيرا يذكر من العالم الدكتور سيد طنطاوي الذي يشغل منصب شيخ الأزهر الشريف، فالرجل معروفة مواقفه مسبقا فرغم علمه وسنه فإنه فَضّل الكُرسي ومُغرَيَاته علي مما يفرضه عَليه عِلمه ومكانته فلا يُمكن أن ننسي مَوْقفه من منع الحِجاب في فرنسا وثلاثيته الشهيرة «هذا حقهم، هذا حقهم، هذا حقهم» و طريقة مقابلته المُبتذلة مع ساركوزي، ورحم الله العالم الأستاذ الدكتور عبد الصبور مرزوق الذي وقف موقف العلماء الأحرار الرجال، رافضا مقولة الشيخ ومواقفه المبتذلة، وأيضا لا يمكن أن ننسي موقف الشيخ من قضية هدم باب المغاربة بالأقصي الشريف وقوله «وأنا مالي » ولا يمكن نسيان لقائه ومصافحته المزدوجة للإرهابي بيريز وادعائه أنه لا يعرفه ثم جلوسه معه علي منصة واحدة وأخيرا موقفه من تلميذة الحجاب وتأكيده علي أنه أعلم منها ومن اللي خلفوها «ونحن نقر ونعترف بأنه بالفعل كذلك». ولكن كانت صدمتنا فاجعة أن يخرج بيان بفتوي من المجمع بأن الجدار الفولاذي الذي تبنيه مصر علي حدودها مع غزة حلال شرعا وأن مخالفيه في الرأي مخالفون للشريعة الإسلامية .هكذا ! وبالقراءة المتأنية لبيان الفتوي نجد أنه أحل للحكومة إقامة الجدار الفولاذي لمنع الأنفاق و المخدرات وغيرها وهذا حق للسيادة المصرية والأمن القومي المصري !!! وتجارة المخدرات لا تحتاج إلي بيان من المجمع أو غيره ولم يطالب به عاقل، وتأسيس فتوي مجمع البحوث علي هذا الأساس يضيف تهمة التدليس علي الأمة إلي المجمع وعلمائه! يعلم علماء المجمع أن فتواهم كان يجب أن تبحث وتلم بالموضوع من جميع جوانبه، أما ما أصدره المجمع فهو فضيحة علمية ودينية وتاريخية تلزم جميع علمائه أن يتبرأوا منها تبرؤاً معلنا وواضحا وصريحا لمن يريد أن يحتفظ بمروءة العلماء وقدره بين أمته. وإذا كنت أعتبر أن بيان الفتوي فضيحة لجميع علماء المجمع - حيث لم يتبرأ منها أحد حتي الآن - إلا أن تبرير أحدهم للموضوع في حديث لقناة الجزيرة أضاف إلي الفضيحة فضائح أخري - لا أجد لها وصفا - فالسيد العالم الدكتور ينبه إلي الآية الكريمة وقول الله تعالي : (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتي تستأنسوا وتسلموا علي أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون «النور : 27» واعتبر أن الأنفاق تدخل في هذا النهي حيث تسمح بالدخول والخروج لمصر بلا استئذان وهذا مرفوض شرعا في رأيه ورأي المجمع ! وهذا والله تدليس إبليسي وتحميل لأياتِ الله وشرعه لا يقول به ولا يقبله عاقل أو ذو فطرة سليمة فضلا عن عالم، واتهم محاوره بأنه بعيد عن فقه الواقع ! أليس من العجيب أن يطالب المجمع وعلماؤه بهدم الأنفاق لأنها تسمح بمرور الفلسطينيين دون استئذان ونسوا أو تناسوا أن الحكومة تمنعهم من الدخول بالاستئذان « باسبور و تأشيرة دخول» بينما تسمح للصهاينة المحتلين لمقدساتنا بالدخول رسميا بدون استئذان وبدون باسبور ولا تأشيرة وقتما وكيفما شاءوا . ولن أتعجب إذا بررت هذه النوعية من العلماء بأن الآية تخاطب المؤمنين فهي تلزمهم، أما اليهود والصهاينة فليسوا بمؤمنين ولذا من حقهم الدخول مباشرة دون استئذان أو خلافه، بل من حقهم «رفس» الباب بأرجلهم والدخول مباشرة للاطلاع علي أحوال البيت وعوراته .. وهذا هو الواقع وفقهه عندهم للأسف الشديد ! السادة علماء المجمع : أذكركم - من باب أن الذكري تنفع المؤمنين - أن الإدعاء بأن الأنفاق هي لتجارة المخدرات ادعاء مكذوب فتجارة المخدرات نعلم أنها تجارة الكبار المتنفذين وليس تجارة أنفاق غزة، أما الأنفاق فهي تمد أهالينا المحاصرين في غزة ب 80% من احتياجاتهم الضرورية بعد أن منعهم الكيان الصهيوني وحاصرهم بكل أنواع الحصار وشاركتهم حكومة مصر بإغلاق معبر رفح وعدم فتحه إلا في أوقات قصيرة ومحدودة . وإن قيل أنها تستخدم لمدهم بالسلاح فهذا حق وواجب وشرف ينبغي جميعا أن نؤديه دفاعا عن الأرض والعرض . يا علماء المجمع : لقد قررت جامعة الدول العربية كسر الحصار، خاصة الحصار المالي عن أهالينا في غزة وفشلت الدول العربية كلها بما فيها مصر في كسر هذا الحصار ياعلماء المجمع : مصر تمد الكيان الصهيوني بالغاز وبكميات لن نستطيع أن نوفيها وبأسعار متدنية أقل من السعر العادي وشعبنا أولي بالغاز وفرق السعر، بينما يمنع أهالينا المحاصرين في غزة من جميع أنواع الوقود حتي اضطروا إلي طهي طعام مرضي المستشفيات وتعقيم الأدوات الطبية بأخشاب الأبواب والشبابيك وغيرها من أخشاب الأشجار. يا علماء المجمع : منعت الحكومة المصرية الشعب من تسليم معوناته الغذائية والطبية إلي أهالينا المحاصرين في غزة إلا القليل من كميات محدودة وتركت المساعدات ملقاة في استاد غزة وشوارع رفح والعريش حتي فسدت وتلفت ولم تفتح معبر رفح للإغاثات الإنسانية والأطباء المعالجين إلا لعدد محدود وبشق الأنفس وبعد مناوشات ومناشدات !! يا علماء المجمع : منعت الحكومة المصرية قافلة شريان الحياة من دخول مصر عبر نويبع وصممت- دون أسباب مفهومة أو معقولة- علي أن تسلك طريقا آخر أطول وأكثر كلفة، بل منعت مئات الناشطين الموجودين بالقاهرة من الذهاب إلي غزة دعما لأهالينا المحاصرين بينما هي تسمح الآن لمئات من اليهود الصهاينة بزيارة دمنهور للاحتفال بما يسمي مولد أبو حصيرة ورغم معارضتي لأي مولد فإنني أتساءل: لماذا منعت الحكومة موالد الطرق الصوفية بدعوي الخوف من عدوي إنفلونزا الخنازير، بينما تسمح لهؤلاء الصهاينة بإقامة مولدهم؟! مما يفتح الباب واسعا عن مفهوم السيادة والإرادة والأمن وغير ذلك من أسطوانة حكومتنا المشروخة . يا علماء المجمع : الموضوع أكبر من أن يُحصي في مقال وأعلم والله أنكم تُدركُونه جيدا، وأن هذا هو الحق الواضح والأبلج الذي نعرف به الرجال . وأنصحكم - والدين النصيحة - أن تُعطوا العلم الذي تحملونه حقه الذي أمركم الله به ولا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا إن بيانكم وفتواكم بخصوص الجدار الفولاذي لم يُرحِب بهما إلا الحُكومة الصهيونية وصُحفها وإعلامها فهل يعطيكم هذا مؤشرًا ما ؟ يا علماء المجمع : إذا استمر موقفكم و شيخكم علي هذا النهج من البيانات والفتاوي وفي قضايا الأمة المصيرية فأرجوكم أن تصدروا بياناتكم بأنها صادرة من «مجمع البحوث الإسلامية - فرع تل أبيب» ولا حول ولا قوة إلا بالله