أثارت الفتوى المنسوبة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بتشريع الجدار الذي تقيمه مصر على حدودها مع قطاع غزة، والتأكيد على أن الشرع يبيح هذا الإجراء وإن كل من يخالف هذا الرأي يعتبر مخالفا للشريعة الإسلامية، تنديدات أعضاء الكتلة البرلمانية لنواب "الإخوان المسلمين" الذين تقدموا بعدد من طلبات الإحاطة بمجلس الشعب حول بناء الجدار. وطالب النائب علي لبن، رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف- بصفته وزير الدولة لشئون الأزهر- بإلقاء بيان عاجل أمام مجلس الشعب حول فتوى مجمع البحوث الإسلامية بشرعية بناء الجدار الفولاذي العازل على حدود مصر مع قطاع غزة، محذرا من أن هذا يمثل "تهديدًا" للأمن القومي المصري والفلسطينيين معا، خاصة وأن فلسطين هي البوابة الشرقية لأمن مصر، داعيا إلى إحالة الموضوع إلى لجنة الشئون الدينية بالمجلس لمناقشته بحضور المسئولين المعنيين. وفي تعقيبه على البيان الصادر عن أعلى هيئة فقهية بالأزهر بشرعية بناء الجدار عقب اجتماعه الشهري الخميس الماضي، قال لبن إن القرار فيه تعد على اختصاصات المجمع، خاصة في ضوء عدم حضور ربع أعضائه من غير المصريين، وإنه يتعارض مع المادة 22 من القانون رقم 103 لسنة 1961م الخاص بتنظيم الأزهر، والتي تشترط لصحة قرارات المجمع حضور ربع الأعضاء غير المصريين على الأقل. ووصف النائب الفتوى بشرعية إقامة الجدار بأنها "مزورة وباطلة"، وأنها تؤدي إلى التفرقة والفوضى التي ينشدها أعداء الأمة الإسلامية، خاصة إسرائيل والولايات المتحدة، وقال إنها تعد تقزيمًا لدور الأزهر كمؤسسة إسلامية عالمية تتمثل فيها كل المذاهب الإسلامية إلى هيئة محلية تقتصر على الأعضاء المصريين البالغ عددهم 20 عضوا والذين يعدون أبرز شيوخ في الإسلام في بلادهم. وتساءل: لمصلحة من يصدر المجمع قرارات "مزورة" في هذا الأمر الخطير ويعلن شرعية بناء الجدار، وكيف يُقبل من "مجلس المجمع"- أي الأعضاء المصريين وحدهم- أن يخالفوا القانون بإعلان رأيهم في هذا الموضوع من خلف ظهر المجمع الذي لم يجتمع أصلا، في حين أن المجمع هو الذي يَجمع الأمة الإسلامية ولا يغرقها؟. وأكد النائب أن الجدار الذي تقيمه مصر حاليا يتعارض مع حق قطاع غزة علي مصر، خاصة وأن هذا القطاع كان يخضع للإدارة المصرية قبل ان تحتله إسرائيل عام 1967م، فضلا عن تعارض الجدار مع تاريخنا وشعارنا الذي رفعة مصطفي كامل "الجلاء بالدماء" والذي حررنا به مصر من الاستعمار البريطاني كما حررنا به سيناء من الصهاينة. إلى ذلك، اعتبر الدكتور حمدي حسن المتحدث باسم الكتلة البرلمانية ل "الإخوان" أن بيان المجمع "صدمة فاجعة وتدليس على الأمة من المجمع وعلمائه، وأن الهدف منه التخديم على مصالح الحكومة بدعوى حق السيادة المصرية والإرادة والأمن القومي المصري"، والتي وصفها ب "الاسطوانة المشروخة". ووصف فتوى المجمع بأنها "فضيحة علمية ودينية وتاريخية تلزم جميع علماؤه أن يتبرءوا منها تبرأ معلنا وواضحا وصريحا لمن يريد أن يحتفظ بمروءة العلماء وقدره بين أمته،" وقال إن "فضيحة الفضائح" هي تبرير أحد هؤلاء العلماء لفضائية "الجزيرة" بأن الله نهى عن ذلك بقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون"، واعتباره الأنفاق تدخل في هذا النهي حيث تسمح بالدخول والخروج لمصر بلا استئذان وهذا مرفوض شرعا في رأيه ورأي المجمع، واعتبر أن هذا "تدليس إبليسى" وتحميل لآيات الله وشرعه لا يقول به ولا يقبله عاقل أو ذو فطرة سليمة فضلا عن عالم. واستطرد قائلا: "أليس من العجيب أن يطالب المجمع وعلماؤه بهدم الأنفاق لأنها تسمح بمرور الفلسطينيين دون استئذان ونسوا أو تناسوا أن الحكومة تمنعهم من الدخول بالاستئذان- عبر تأشيرة الدخول- بينما تسمح للصهاينة المحتلين لمقدساتنا بالدخول رسميا بدون استئذان وبدون تأشيرة وقتما وكيفما شاءوا". وأضاف أنه لن يتعجب إذا برر "هذه النوعية" من العلماء بأن الآية تخاطب المؤمنين فهي تلزمهم أما اليهود والصهاينة فليسوا بمؤمنين، ولذا من حقهم الدخول مباشرة دون استئذان أو خلافه بل من حقهم "رفس" الباب بأرجلهم والدخول مباشرة للاطلاع على أحوال البيت وعوراته، وهذا هو الواقع وفقهه عندهم للأسف الشديد، على حد قوله. وهاجم الناطق باسم كتلة "الإخوان"، الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الشريف، وأكد أن ذوي العقول والألباب "لا ينتظرون خيرا من هذا الرجل، فرغم علمه وسنه إلا أنه فَضّل الكُرسي ومُغرَيَاته علي ما يفرضه عَليه عِلمه ومكانته"، فمواقفه المسبقة من قضية منع الحِجاب في فرنسا ورده بثلاثيته الشهيرة "هذا حقهم, هذا حقهم, هذا حقهم"، وطريقة مقابلته الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أثناء شغله منصب وزير الداخلية، وموقفة من قضية هدم باب المغاربة بالأقصى الشريف وقوله "وأنا مالي"، ومصافحته المزدوجة للإرهابي شيمون بريز وادعائه أنه لا يعرفه ثم جلوسه معه علي منصة واحدة، وأخيرا موقفه من تلميذة الحجاب وتأكيده على أنه أعلم منها ومن اللي خلفوها "تؤكد صدق ما أقوله". وأشار حسن إلى أهمية الأنفاق بالنسبة لسكان غزة، حيث أنها تمدهم ب 80% من احتياجاتهم الضرورية بعد أن منعهم إياها الكيان الصهيوني وحاصرهم بكل أنواع الحصار، وشاركتهم حكومة مصر بإغلاق معبر رفح، وعدم فتحه إلا في أوقات قصيرة ومحدودة وحتى منع قافلات المساعدات من الدخول إلى الأراضي المصرية، في حين أن مصر تمد الكيان الصهيوني بالغاز وبكميات لن نستطيع أن نوفيها وبأسعار متدنية اقل من السعر العادي وشعبنا أولي بالغاز وفرق السعر، بينما يمنع المحاصرون في غزة من كافة أنواع الوقود حتى اضطروا إلي طهي طعام مرضي المستشفيات وتعقيم الأدوات الطبية بأخشاب الأبواب والشبابيك وغيرها من أخشاب الأشجار، واعتبر أن الحديث على أن تلك الأنفاق تستخدم لمد الفلسطينيين بالسلاح أن صح فإنه يعد "حقا وواجبا وشرفا ينبغي جميعا أن نؤديه دفاعا عن الأرض والعرض". وناشد المتحدث علماء مجمع البحوث وشيخ الأزهر بأن يُعطوا العلم الذي يحملونه حقه الذي أمرهم الله به ولا يشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ولا يستمروا على موقفهم بهذا النهج من البيانات والفتاوى في قضايا الأمة المصيرية وإلا فليصدروا بياناتهم من مجمع البحوث الإسلامية فرع تل أبيب، على حد تعبيره.