الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا دأبت على استقبال الفائز في انتخابات رئاسة الجمهورية، لآداء اليمين الدستورية رئيسًا للبلاد، منذ إصدار المجلس العسكري إعلانًا دستوريًا مكملًا في السابع عشر من يونيو 2012، يقضي بأن يؤدي رئيس الجمهورية اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، لتستقبل ثلاثة رؤساء خلال تلك الفترة، أولهم الرئيس المعزول محمد مرسي، والثاني المستشار عدلي منصور الرئيس المؤقت المنتهية ولايته، وآخرهم الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي. المقارنة بين آداء الرئيس السيسي والمعزول مرسي تبدو طبيعية، فكل منهما خاض انتخابات رئاسية ديمقراطية، وفاز فيها بموجب أصوات الناخبين، وأدى اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، فيما يخرج الرئيس المنتهية ولايته من المقارنة كونه "مؤقتًا" تولى الحكم طبقا للظروف الانتقالية وليس لانتخابات رئاسية. المشهد الذي تابعه الملايين حول العالم أمس الأحد بدا أكثر فخامة وهيبة من مشهد 2012، حيث أدى السيسي اليمين الدستورية رئيسًا للبلاد أمام الجمعية العامة للمحكمة برئاسة المستشار أنور العاصي، في ظل تقديره وإقامته للدستور والقانون، واحترامه للقواعد والضوابط التي نظمت كيفية آداء الرئيس الجديد اليمين الدستورية ومكانه وطريقته، دون أن يخل بأي من الشروط أو يخالفها. على العكس منه، قام الرئيس المعزول في 30 يونيو 2012 بآداء اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار فاروق سلطان، على مضض، بعد أن أدى اليمين في ميدان التحرير، معربا عن رغبته في الاكتفاء بالميدان وعدم الذهاب للمحكمة الدستورية لآدائه طبقا للدستور، الأمر الذي آثار ثورة قانونية، شهدها عدد من أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وزادت حدة الأمور عقب أن رهن مرسي موافقته على آداء اليمين في "الدستورية العليا" بعدم حضور أي من وسائل الإعلام المحلية أو العالمية، الأمر الذي عارضه فيه مجددا أعضاء المحكمة، وأكدوا على أن إعلان حلف اليمين أحد شروط صحته. بينما ذهب البعض إلى أن السبب المباشر في رفض مرسي آداء اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا هو رغبته في تهميشها وتقليص دورها منذ بداية حكمه، على خلفية الضغينة التي حملها مرسي للمحكمة عقب قرارها الذي قضى بعدم دستورية بعض المواد في قانون انتخاب مجلس الشعب المنتخب بعد ثورة يناير، الذي كانت جماعة الإخوان المسلمين الكتلة الأكبر فيه، ليتم حل البرلمان الإخواني، وتتزايد كراهية أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية للمحكمة وأعضاءها، وهو أيضًا ما دفع مرسي للعودة لمكتب الإرشاد قبل الذهاب ل"الدستورية" لأخذ موافقته قبل آداء اليمين رئيسا للبلاد. أما الرئيس السيسي، فيؤمن جيدا بدور المحكمة في التشريعات، ويقدس مواد الدستور التي أقرت آداء الرئيس الجديد اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة في ظل انعدام وجود برلمان، بالإضافة إلى تقديره لدور المستشار عدلي منصور، أحد قضاة المحكمة بالأساس، في إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية الحرجة، وإيمانه بتداول السلطة.