ما أن ظهرت المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات الرئاسية، وكشفت عن تفوق ساحق للمرشح عبد الفتاح السيسى، حتى عمت الفرحة قلوب الغالبية العظمى من المصريين. خرجوا إلى الشوارع والميادين للرقص والاحتفال، كانت فرحة عامة، تلقائية تجاوزت كونها احتفالات بفوز مرشح مفضل إلى كونها احتفالات بنجاح كفاح ونضال لمدة أربعين شهرا متواصلة منذ الخامس والعشرين من يناير. فمنذ ذلك اليوم فقد المصريون مظلة الدولة، فقدوا الشعور بالأمان، الذى اعتادوا عليه من العيش فى ظلال دولة مركزية قوية، عانوا تدهورا شاملا فى كل المجالات. ازدادت معاناة المصريين فى سنة حكم المرشد والجماعة، دفعوا ثمنا باهظا للدفاع عن هويتهم الوطنية، خرجوا على مرسى، المرشد والجماعة فى الثلاثين من يونيو، رفعوا صوتهم، نادوا على جيشهم الوطنى أن يوفر لهم الحماية من تهديدات الجماعات المسلحة التى سبق وهددت بتحويل مصر إلى بحور دماء. خرج الفريق أول عبد الفتاح السيسى ليعلن رفضه ترويع الشعب، ويؤكد وقوفه إلى جانب مطالب الشعب وقطع دابر الإرهاب، وجاء بيان «3 يوليو» ليحقق مطالب الشعب، ومن يومها تحول السيسى إلى بطل فى عيون الشعب، رويدا رويدا اكتسب سمات القائد الكاريزمى، أى المحبوب من شعبه، وبدأ الشعب يضغط عليه كى يرشح نفسه فى الانتخابات الرئاسية، وبدأ ينادى «السيسى رئيسى»، ونزل الرجل على رغبة الشعب، ورشح نفسه، فمنحه الشعب 97٪ من أصواته فى انتخابات حرة نزيهة شفافة، وهى نسبة لم ولن تتحقق فى تاريخ أى انتخابات رئاسية حرة ونزيهة. ومع ظهور المؤشرات خرج الشعب إلى الشوارع والميادين للاحتفال حتى الصباح، هنا خرج فريق ينشر الكآبة، يتحدث عن مخاوفه على مصر والمصريين، يرى فى النتائج كارثة على التطور الديمقراطى، وهناك من قالها بوضوح إنها مقدمات ثورة جديدة! خرجوا على شاشات الفضائيات لنشر الكآبة والسواد فى وقت كان الشعب يرقص ويغنى فى الشوارع والميادين احتفالا بفوز السيسى واعتباره تتويجا لمرحلة النضال ضد حكم المرشد والجماعة. قالوا إن هناك تزويرا، قالوا إن الغرب لن يرضى عن النتيجة، أضافوا أن هذه النسبة سوف تصنع ديكتاتورا جديدا، ومنهم من اتهم الشعب بعدم النضج وعدم الفهم. كانوا يقولون ذلك ووجوههم عابسة مكفهرة، وكأن يوم فرح المصريين هو يوم حزنهم. قالوا إن هذه النسبة سوف تشعر السيسى بأن لديه تفويضا من الشعب بفعل أى شىء، ومن ثم يمكن أن يتحول إلى ديكتاتور، قالوا إن النتائج ستكون بمثابة مقدمة لصناعة ديكتاتور جديد، كانوا يشعرون بمرارة شديدة، كان الحزن باديا على وجوههم جميعا، شككوا فى النتائج فى وقت جاءت شهادات المتابعين الأوروبيين والعرب والأفارقة حول الانتخابات مؤكدة سلامة العملية الانتخابية، قالوا إن هناك تجاوزات، لكنها لم تؤثر على سلامة العملية الانتخابية، وإن العملية تتوافق والمستويات الدولية. إنهم جماعة من مدمنى الفشل، معتادى نشر الكآبة والسواد، هللوا لفوز مرسى، واختفوا من المشهد إبان جرائمه وجرائم جماعته وأهله وعشيرته، ظهروا فى مشهد «30 يونيو» من بعيد، حذرونا من الثورة على حكم المرشد، وقالوا إن «30 يونيو» سيكون يوما عاديا، فاجأتهم الثورة، وعصفت بأحلامهم، فتحولوا إلى أعداء لثورة الشعب، وفى مرحلة تالية باتوا أعداء لأحلام الشعب وطموحاته، بل وأصبحوا على النقيض من وجدان الشعب، تعاسة الشعب وحزنه، تفرحهم، وفرحة الشعب تتعسهم، لذلك كانت الكآبة بادية على وجوههم ليلة احتفالات الشعب فى الميادين احتفاء بفوز المشير.