من قبل إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية المصرية 2014، خرجت الجماهير المصرية إلى الشوارع للاحتفال بنجاح المشير عبد الفتاح السيسى، عمت الفرحة شوارع وميادين مصر، احتفل الصغار والكبار، السيدات والرجال، فى الصعيد والوجه البحرى. لم يكن الاحتفال بسبب التفوق الكاسح الذى حققه المشير بحصوله على أكثر من 96٪ من أصوات من شاركوا فى الانتخابات، الذين بلغت نسبتهم نحو 48٪ ممن لهم حق التصويت من المصريين، وبعدد تجاوز 25 مليون ناخب، كانت فرحة المصريين سابقة على إعلان النتائج من منطلق ثقتهم المطلقة فى فوز مرشحهم المفضل، وبدء مرحلة جديدة فى البلاد. على مدار نحو أربعين شهرا، كانت قليلة وشحيحة بل ونادرة أيام الفرح، منذ الخامس والعشرين من يناير والغالبية الساحقة من المصريين تعانى من غياب الأمن، البلطجة، التدهور الشامل فى مختلف أنحاء البلاد، غياب دولة القانون، انتشار الجريمة الجنائية نتيجة هروب آلاف المساجين من سجونهم، تحلل جهاز الشرطة وعدم قدرته على ضبط الأوضاع فى الشارع، فى نفس الوقت وفد إلى البلاد آلاف الإرهابيين من شتى أنحاء العالم، واستوطنوا شمال سيناء ومنهم من انتشر فى الوادى والدلتا. جاءت الانتخابات البرلمانية التى حصد فيها تيار الإسلام السياسى قرابة ثلاثة أرباع المقاعد لتقدم للمصريين أنماطا من الشخصيات الوافدة والسلوك غير المتوافق مع الهوية المصرية وتاريخ البلاد، واكتملت مأساة المصريين بفوز مرسى برئاسة الجمهورية، فظهرت ملامح لبلد لا يعرفونه. وتغير سلوك كثير من المصريين توافقا أو تكيفا أو نفاقا مع ما تطلبه الجماعة، تحولت البلاد إلى مسرح للكآبة، انتشر الخوف والفزع فى صفوف الطبقة العليا والشرائح العليا من الطبقة الوسطى، ومنهم من بدأ يبحث عن ملجأ آمن يذهب إليه أو وطن بديل يحمل جنسيته. انتشرت الكآبة فى بر مصر، وتغيرت عادات كثير من المواطنين، وبدا واضحا أن البلاد فى طريقها إلى استيراد النموذج الباكستانى وربما الأفغانى، بدأت حرب الجماعة والتيارات الإسلامية من سياسية وجهادية ضد كل مكونات الهوية المصرية، ضد الفن من مسرح وسينما، ضد صناعة البهجة بصفة عامة، فهم ضد كل ما له علاقة بغذاء الروح، ويفضلون كل ما له علاقة بحاجات الجسد أو الحاجات البيولوجية من طعام وشراب وجنس. خرجت على الشعب أشكال لم يعتد رؤيتها، وأفكار لم يتربَّ على مثلها، طعنوا مصر فى قلبها حينما حاولوا التفرقة بين المصريين وفق عوامل الانقسام الأولى، أى الموروثة من الجنس والدين والطائفة. تفاقمت مأساة مصر والمصريين مع توافد ممثلى ثعالب كبيرة وصغيرة للعبث فى كروم البلاد ونهب خيراتها، جاءت تركيا وجاءت قطر، وباتت مصر ملعبا لهما ولغيرهما من شركاء الجماعة ورفاقها وأطراف مؤامرتها، ولم تكن لا واشنطن ولا تل أبيب بعيدتين عن اللعبة التى خططت لخطف مصر، وتفتيتها وتغيير هويتها. خرج الشعب مدافعا عن بلده، هويته، تحمل الضرب والتعذيب على أسوار الاتحادية، تصدى للمرشد وجماعته وكشف الكذب والبهتان فى الخطاب والسلوك، هددته الجماعة برفاقها من الجماعات المسلحة، فتطلع إلى جيشه وقوات شرطته. تعلقت أنظار وقلوب المصريين بالجيش، فجاء الرد سريعا لن نسمح بترويع المصريين. جاءت ثورة الثلاثين من يونيو وجاء احتضان الجيش لها وقضى المصريون عاما جديدا يدفعون فيه ثمن ثورتهم على حكم المرشد والجماعة، ثمن استرداد بلدهم واستعادة هويته. ومع الوصول إلى الانتخابات الرئاسية عمت الفرحة صفوف المصريين وخرجوا مبكرا للاحتفال. ومع إعلان النتائج تباعا تصاعدت فرحة المصريين، وهنا خرج من يستكثر عليهم فرحتهم، وظهر كثير منهم على شاشات الفضائيات المصرية، فماذا قالوا لإفساد فرحة المصريين؟