العنوان مأخوذ من قصيدة شاعرنا المبدع جمال بخيت «دين أبوكم يبقى إيه؟» والقضية ليست بعيدة عن الخطر الذى كان -وما زال- يواجهنا. جماعة «بوكو حرام» التى تحرم التعليم فى نيجيريا، وتقتل المخالفين لها فى العقيدة، تمضى فى طريق الحرام، فتختطف عدة مئات من الفتيات الصغيرات، وتعلن أنهن «سبايا» ستتصرف معهن. ستزوج بعضهن وستبيع الأخريات!! كأننا فى العصور الوسطى أو ما قبل ذلك، وكأننا -وهذا هو الأهم- قبل الإسلام الذى كرّم المرأة وأعطاها من الحقوق ما لم يكن موجودًا.. حتى جاء الهمج الجدد (فى نيجيريا وغيرها) ليسيئوا إلى الإسلام، كما لم يفعل أحد من أعدائه، وليثبتوا لنا مصير سيئًا كان ينتظرنا فى مصر (وفى غيرها من البلاد العربية) لو أننا صبرنا على فاشية الإخوان وحلفائهم عامًا آخر أو بعض عام!!
بعد بضعة أشهر من حكم الإخوان كنا أمام معركتهم من أجل تقنين زواج الأطفال فى سن التاسعة!! وكانت العصابات الهمجية منهم ومن حلفائهم قد بدأت فى ممارسة قطع الآذان ومعاقبة المخالفين ومطاردة غير المنقبات فى الشوارع وعربات المترو!! وكان أطفالنا فى المدارس قد نسوا تحية العَلَم ليتعلموا تحية راية القاعدة أو شعار الإخوان!!
وخلال أشهر قليلة من عام أسود كان الاعتداء على الكنائس قد أصبح عادة يومية لجحافل الجاهلين بدينهم ووطنهم من أتباع الإخوان وحلفائهم.
وكانت الهجرة القسرية قد بدأت من بعد المواقع، وكان مفتى الإخوان يحرم تهنئة إخوتنا الأقباط فى أعيادهم!! وفى نهاية العام كان المشهد الذى لا ينبغى أبدًا أن يغيب عن الذاكرة الوطنية، حيث تحالف الهمجية والتخلف يجتمع فى مشهد بائس ليعلن الجهاد فى سوريا، دون أن يقول لنا هل سينضم إلى «داعش» أم إلى «النصرة» أم سيكتفى بقتل الأبرياء من الأشقاء السوريين وممارسة جهاد النكاح؟!
وفى بقية المشهد كان التهديد بقتل المصريين إذا خرجوا لاستعادة وطنهم فى 30 يونيو، وكان الأشاوس الذين هربوا كالنساء بعد ذلك يعلنون أن قتلاهم فى الجنة وقتلانا فى النار، وأنهم يرون رؤوسًا قد أينعت وحان قطافها. وكانوا يعلمون بموعد فض اعتصام رابعة (أو يتم تسريبه لهم) قبل ست ساعات، فيتصرفون بكل خسة وندالة.. يهربون بأنفسهم ويتركون الغلابة من ضحاياهم فى المواجهة!!
ولم يكن شىء من هذا مفاجئًا بعد أن وقف كبيرهم ومرشدهم يذكرنا بماضيهم فى الإرهاب، ويقول «إنه وقادة الجماعة من (القطبيين)».. وكانت الترجمة الصحيحة لذلك أنهم يعتبرون أنفسهم فقط هم المسلمون، وأن الجميع -ما عداهم- كفار يعيشون فى جاهلية، وأنهم -بحكم الفاشية وإرهابهم المنحط- سيعيدون الكل إلى الطريق المستقيم!!
إنه طريق واحد.. يجتمع فيه الإخوان مع «بوكو حرام»، و«القاعدة» مع «طالبان» والكل فى الإرهاب سواء.. ولعل من كانوا يقولون لنا إن هناك فى الإرهاب معتدلًا ومتطرفًا، قد تعلموا الدرس وأدركوا الحقيقة، ولعلهم -وأولهم أمريكا- يدركون أنه لا خيار أمامهم إلا بين أن يكونوا مع العالم ضد الإرهاب.. أو يكونوا مع الإهاب ضد العالم!!
ويبقى أن نرفع عنا عار ادعاء هؤلاء بانتسابهم للإسلام العظيم.. أن نسأل ومعنا كل الهيئات المدنية والدينية المحترمة وفى مقدمتها الأزهر الشرف: دين «بوكو» يبقى إيه؟! وما ينطبق على «بوكو» ينطبق على غيرها من منظمات الإرهاب.. ومن «القاعدة» إلى «داعش» إلى «الإخوان» إلى كل من سار على طريق تكفير الناس وادعاء احتكار الدين الحنيف.
دين «بوكو» وأخواتها يبقى إيه؟! ليس بالقطع هو الدين الذى كرّم الإنسان وقدّس الحياة ورعى المرأة وقدم المثل فى الالتزام بالخلق القويم، وفى التمسك بالعدل والحرية والمساواة بين البشر.
لا نريد أن نتحول نحن أيضًا إلى حكام على ما فى ضمائر البشر، ولكن من حقنا أن ندافع عن ديننا الحنيف، وعن إنسانيتنا التى تهان على أيديهم، وأن نقرر أن هؤلاء «الخوارج» عليهم -قبل أى شىء- أن يجيبونا: دين «بوكو» وأخواتها يبقى إيه؟!