محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيقضي على مشكلة «تشابه الأسماء»    متى تُعلن نتيجة انتخابات «النواب» 2025؟ وهذا موعد الإعادة بالخارج والداخل    سعر الذهب اليوم الخميس 13-11-2025 في الصاغة.. عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    دوامٌ مسائي لرؤساء القرى بالوادي الجديد لتسريع إنجاز معاملات المواطنين    "حقوق المنصورة "تنظم يومًا بيئيًا للابتكار الطلابي والتوعية بمفاهيم الاستدامة وترشيد الاستهلاك    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    الغرفة التجارية: إيقاف 51 ألف محمول في أكتوبر بسبب تطبيق «الرسوم الجمركية»    الإسكان: الوحدات المطروحة مشطبة وكاملة الخدمات والمرافق    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا أكثر من 22 عملية ضد داعش فى سوريا    إسرائيل تُفرج عن 4 أسرى فلسطينيين من غزة بعد عامين    الخارجية الروسية: تقارير تعليق أوكرانيا المفاوضات تشير لعدم إلتزامها بالسلام    روبيو يعرب عن تفاؤله بصدور قرار أممي بشأن غزة    الاحتلال الإسرائيلي يقصف بالمدفعية أطراف قريتين في ريف درعا الغربي    فضائح الفساد في أوكرانيا تثير أزمة سياسية ورفضا للمناصب الوزارية    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    تعرف على ملاعب يورو 2028 بعد إعلان اللجنة المنظمة رسميا    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    بيراميدز في صدارة تصنيف الأندية العربية والأفريقية    الفراعنة يرفعون وتيرة التدريبات قبل اللقاء الودي أمام أوزبكستان    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    «مكنش يطلع يستلم الميدالية».. مجدي عبد الغني يهاجم زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    «ده مش سوبر مان».. مجدي عبد الغني: زيزو لا يستحق مليون دولار    بتروجيت: حامد حمدان لم يوقع على أي عقود للانضمام إلى الزمالك    التصريح بدفن جثمان الزوجة المقتولة على يد زوجها فى المنوفية    حادث مرورى بنفق قناة السويس بالإسكندرية وعودة الحركة المرورية    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    ذروة الهجمة الشتوية.. إنذار جوى بشأن حالة الطقس اليوم: الأمطار الرعدية تضرب بقوة    السيطرة على حريق محل بسبب الأمطار وسوء الأحوال الجوية فى بورسعيد    سحر السينما يضيء القاهرة في افتتاح الدورة ال46 للمهرجان الدولي    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    أروى جودة بإطلالة مميزة في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي    أحمد تيمور خليل: ماما مها والدة مى عز الدين معانا بروحها    ريهام حجاج تتألق بفستان كريستالي جذاب وتخطف الأنظار في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي (صور)    محامي أسرة أم كلثوم: إجراءات قانونية ضد الشركة المخالفة لحقوق كوكب الشرق    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    مفارقة أكتوبر الأرقام تكشف ارتفاعًا شهريًا وتراجعًا سنويًا فى التصخم    أكلات مهمة لطفلك ولكن الإفراط فيها يضر بصحته    عودة الآثار    مركز أبحاث طب عين شمس يحتفل بمرور خمس سنوات علي إنشاءه (تفاصيل)    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد الفيشاوي يكتب : صراع اللصوص على المياه
نشر في الدستور الأصلي يوم 11 - 06 - 2010

علي مدار سنوات طويلة ماضية، تتصاعد من حين لآخر مشكلة مياه النيل، ويزداد اهتمام الرأي العام بها، وتكثر الاجتماعات والمؤتمرات والمشاريع والمقترحات ثم تهدأ الأوضاع لتعود للانفجار بحدة أكبر مرة أخري.. وتزداد المخاطر، وتفشل المؤتمرات وتتفاقم المشكلات، ويبرز عجز الحكومات.
منذ تسعينيات القرن الماضي، والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية تروج لأن القرن الواحد والعشرين، سيكون قرنا للحروب علي المياه، وأن العالم سيشهد ندرة شديدة في المياه، وأنه يجب معاملة المياه كسلعة تباع وتشتري.. وذلك سعيا لأن تصبح المياه مغنما للاستثمارات والاحتكارات الدولية، وتتحول من منفعة عامة كما تعود البشر علي التعامل معها منذ بدء الخليقة، إلي سلعة تجلب المليارات علي الاحتكارات الدولية وتوابعها المحليين.
ولما كانت الحكومات والأنظمة السياسية في بلدان حوض النيل بجملتها، خاضعة للإرادة الدولية ولروشتات خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، أكبر المؤسسات الدولية التي تدعو لتحويل المياه إلي سلعة كالنفط والكهرباء وغيرها من السلع.. فإنها لن تقف ضد هذه الدعوة وتدافع عن بقاء المياه منفعة عامة.. راحت أنظمة الحكم في بلدان حوض النيل في السعي وراء مشروعات التجارة في المياه.. وبدأت بالفعل في السعي لبيع المياه لشعوبها أولا، والتعاطي مع المشروعات المقترحة لبيع المياه في الأسواق العالمية.. انسجاما مع الاتجاهات الاستثمارية العالمية في هذا الشأن.
علي هذه الخلفية، تتفاقم الصراعات بين دول حوض النيل، لتبلغ ذروتها في فشل مؤتمر شرم الشيخ لدول حوض النيل في أبريل الماضي، ثم عقد مؤتمر أوغندا لبعض دول المنبع.
في هذا المناخ العالمي والإقليمي الذي يسعي لتحويل المياه لسلعة تباع وتشتري في الأسواق العالمية.. ليس من المتوقع لهذه الخلافات إلا مزيد من التصعيد، وليس من المستبعد أن تتفاقم وتتجاوز الصراعات الدبلوماسية والسياسية إلي صدامات وحروب.
أيضا، وعلي مدي العقود القليلة الماضية، عجزت أنظمة الحكم في دول حوض النيل عن إقامة مشروعات مشتركة لتنمية مواردها المائية وتأمين احتياجاتها من المياه وأيضا بيع الفائض منه في السوق العالمية إن أرادت ذلك.
وفي ظل التصريحات الإعلامية العدائية المتداولة الآن.. تعمدت كل هذه الحكومات إخفاء حقائق صارخة.. أبرزها مثلا أن منابع النيل تسقط عليها أمطار حجمها 1660 مليار متر مكعب من المياه، ولا يدخل مجري النيل منها سوي 84 مليارًا فقط، والباقي يستخدم القليل منه في الزراعة الموسمية، أما معظمه فيتبدد في جوف الأرض وفي المحيط وفي المستنقعات وعمليات البخر. ولا يستفيد منها أحد. ولو كان التعاون والمصلحة المشتركة في نية حكومات هذه البلاد لأقامت العديد من المشروعات (المدروسة بالفعل والمقدمة من خبراء المياه) المشتركة، لأصبحت المياه تفيض عن حاجاتها، وكانت استثمرتها في الزراعة وفي توليد الكهرباء وأيضا في بيع الفائض لبعض الدول الشحيحة الموارد المائية.
لكن لأن هذه الأنظمة محكومة بأوامر المؤسسات المالية الدولية والبنك الدولي وصندوق النقد، وهذه المؤسسات لا ترغب في الزراعة الأفريقية ولا في تنمية بلدانها، ولا تسمح بمشروعات كبري إلا لخدمة مصالحها، فإنها عطلت كل مشروعات التعاون.
لهذا، ليس من الغريب أن نجد الرأي العام والمثقفين والخبراء والعلماء أكثر انشغالا وقلقا واهتماما بالأزمة الراهنة.. بينما الحكومات تتصرف بحمق، وبلادة وعدم اكتراث، وكأنهم لا يدركون مدي الكارثة التي ستصيب شعوب حوض النيل، بتحويل مياهه من المنفعة العامة إلي سلعة تباع وتشتري.
لكنهم بالطبع يدركون جيدا، لكن الأمر لا يعنيهم، فهم لا يطمحون سوي في حساب أرباحهم من هذه التجارة، التي يأملون أن تنتعش في أسرع وقت.. حتي لو أثارت الحروب، يبقي الربح مضاعفًا.. من بيع المياه، وبيع السلاح.
هذه كارثة، لن تتضرر منها شعوب دولة المصب (مصر والسودان) فقط، بل ستضر بشعوب كل بلدان حوض النيل، حيث ستتولي الشركات الاحتكارية الكبري إقامة المشروعات وشبكات أنابيب المياه (مثل أنابيب النفط) والبيع في السوق العالمية.. وليموتوا هم عطشا وجوعا.
لو صح ذلك، هل يمكن أن يلعب المثقفون والخبراء ومراكز البحوث الزراعية والتنموية والمنظمات الشعبية المستقلة (بهذا القدر أو ذاك) دورا، ولو في إطار الدفاع عن حق شعوب هذه البلاد في إبقاء المياه منفعة عامة، والتصدي لمخططات الاحتكارات والمؤسسات الدولية والحكومات المحلية من أجل تحويل المياه لسلعة ومجال للاستثمار والتربح.
صحيح أن بلادنا لا تعرف منظمات شعبية وأهلية أو أحزاب سياسية لها مثل هذه القدرة والطموح.. ولكن هناك منظمات دولية شعبية تتصدي بالفعل لهذه المخططات والمشاريع منذ سنوات، ولعل أبرزها منظمة (طريق الفلاحين)، التي أسسها الفلاح الفرنسي الشهير (جوزيه بوفيه) وغيرها من المنظمات التي نجحت لحدود كبيرة في إفشال سياسات منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد، خاصة فيما يتعلق بتدمير الزراعة في بلدان العالم الفقير وفي تحويل المياه من المنفعة العامة إلي سلعة.. ويمكن الاستعانة بهذه المنظمات والخبرات إذا ما خلصت الإرادة للدفاع عن موارد شعوبنا ومصالحها ضد ألاعيب الاحتكارات والسماسرة والتجار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.