الفضة تقفز لأعلى مستوياتها والاونصة تجاوز حاجز ال 50 دولاراً    ترامب: أوقفت 8 حروب في 8 أشهر وبعض الأشخاص لا يستحقون نوبل للسلام    أبوظبي تُعلن استضافة كأس السوبر المصري    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة مصر بسبب أعمال المونوريل    هناء الشوربجي تكشف حقيقة خلافها مع محمد هنيدي    زيارة الأب بطرس دانيال للكابتن حسن شحاتة..صور    بالأسماء، قرار جمهوري بإعادة تشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للاستعلامات برئاسة ضياء رشوان    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يتفقد إدارة المعامل والمعمل المشترك    جامعة حلوان تنظم برنامجًا تدريبيًا بعنوان "مفاهيم الإدارة الحديثة"    نوكيا تطلق هاتف Nokia Premium 5G بمواصفات رائدة وتقنيات متطورة    خامس العرب.. الجزائر تتأهل لكأس العالم 2026    مصر ترفع رصيدها إلى 9 ميداليات في اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    رسالة النني للاعبي منتخب مصر بعد التأهل للمونديال    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    الطاهر: الدولة تبنت برنامجًا طموحًا لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة وتعظيم قيمتها الاقتصادية    إصابة 4 أطفال فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال في الخليل وجنين    تحذير مهم من «الأطباء» بشأن تصوير الأطقم الطبية في أماكن العمل    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر وإلغاء الصيفي 2025    في اليوم الثاني لفتح باب الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر: «لم يتقدم أحد»    على أنغام السمسمية.. مسرح المواجهة والتجوال يحتفل بانتصارات أكتوبر فى جنوب سيناء    «محدش فينا هيتردد».. كريم فهمي يكشف حقيقة اعتذاره عن المشاركة في «وننسى اللي كان» ب رمضان 2026    ترمب بعد اتفاق شرم الشيخ : أنهينا الحرب فى غزة ونتوقع سلامًا دائمًا فى الشرق الأوسط    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: من السابق لأوانه تحديد المرشحين لتدريب مصر للشباب    خبيرة أمن: ترامب واضح في التزامه بجلب السلام للشرق الأوسط    بارليف.. نهاية وهم إسرائيل.. تدريبات الجيش المصري على نماذج مشابهة ببحيرة قارون    جهاز تنمية المشروعات ينظم معسكر للابتكار ضمن معرض «تراثنا 2025»    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    هل يجوز للرجل الزواج بأخرى رغم حب زوجته الأولى؟.. أمين الفتوى يجيب    ساليبا: نريد الثأر في كأس العالم.. والإصابة مزعجة في ظل المنافسة الشرسة    سمير عمر: الوفود الأمنية تواصل مناقشاتها لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق غزة    نتائج مباريات اليوم الخميس في دوري المحترفين    الاحتلال الإسرائيلي يطلق قنابل غاز مسيل للدموع وسط الخليل بعد إجبار المحلات على الإغلاق    جامعة قناة السويس ضمن تصنيف التايمز البريطاني لعام 2026    محافظ كفر الشيخ: تجربة مصر في زراعة الأرز نموذج يُحتذى إفريقيا    إعلان عمان: ندين ما خلفه الاحتلال من أزمة صحية كارثية بقطاع غزة    وزير التنمية النرويجي يلاطف الأطفال الفلسطينيين خلال زيارته لمستشفى العريش العام    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    أطعمة تضر أكثر مما تنفع.. احذر القهوة والحمضيات على معدة فارغة    بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    النيابة العامة تصدر قرارًا عاجلًا بشأن المتهمين بقتل البلوجر يوسف شلش    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديهما على تلميذ داخل الفصل    نادي جامعة حلوان يهنئ منتخب مصر بالتأهل التاريخي لكأس العالم 2026    التضامن: مكافحة عمل الأطفال مسؤولية مجتمعية تتكامل فيها الجهود لحماية مستقبل الأجيال    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    6 علاجات منزلية للكحة المستمرة    بعد معاينة الطب الشرعي.. جهات التحقيق تصرح بدفن طفل فرشوط بقنا    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    انتخابات النواب: 73 مرشحًا في الجيزة بينهم 5 سيدات مستقلات حتى الآن    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    محمود مسلم: السيسي يستحق التقدير والمفاوض المصري الأقدر على الحوار مع الفلسطينيين والإسرائيليين    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الدستور الأصلي» ينشر نص كلمة الرئيس منصور التي دعا فيها قطر للعودة للطريق الصحيح
نشر في الدستور الأصلي يوم 25 - 03 - 2014

ننشر نص الكلمة التي ألقاها الرئيس عدلي منصور أمام القمة العربية بالكويت والتي جدد فيها دعوة مصر لأن يبادر من وصفهم بالبعض - في إشارة لقطر- ممن لا يزال يقف في الجانب الخطأ من مسار التاريخ لأن يصحح مسيرته وينضم إلى قاطرة التكاتف والتعاون العربي لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحدق بأمتنا.

وقدم الرئيس عدلي منصور 3 اقتراحات للقمة العربية المنعقدة بالكويت طالبا النظر في اقرارها وأن يقوم الوزراء المختصين بالدول العربية عبر جامعة الدول العربية بتنفيذ الخطط لتنفيذ تلك المتقرحات بما يخدم الأمة العربية.
وفيما يلي نص الكلمة:
السيدات والسادة ..
فى مُستهلِ كلمتي أودُ أن أعبرَ عن تقديرنا الكبير لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال .. فهذا ما عهدناه دائماً .. وإننا لعلى ثقة تامة فى أن رئاسة دولة الكويت لفعاليات تلك القمة سوف تؤتى بمشيئة الله تعالى ثمارها الطيبة .. كما أسجلُ كلَ تقدير للجهد الدؤوب الذى تبذله بحكمة واقتدار جامعة الدول العربية برئاسة معالى الدكتور/ نبيل العربى الأمين العام، فى سبيل تحقيق المصلحة العربية وإنجاح مسيرة العمل العربى المشترك.
أصحابَ الجلالةِ والفخامةِ والمعالى والسمو ..
أنقلُ إليكم رسالة من الشعب المصرى الذى يفخر بانتمائه للأمة العربية العريقة... أنقلُ لكم امتنان أهلكم فى مصر لما قدمتموه من دعم ومساندة إبان مرحلة من أخطر مراحل التطور المجتمعى التى خاضتها مصر فى تاريخها الحديث.
إن جموعَ الشعبِ المصرى قاطبةً لن تنسى من اختار المؤازرة والمساندة، قلباً وقالباً، لثورة الثلاثين من يونيو والتى جاءت لكى تُصحح المسار الذى فرضه البعضُ على ثورة الخامس والعشرين من يناير وتستكمل أهدافها. لقد نادى المصريون بالعيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية... واندلعت ثورة يونيو للحيلولة دون اختطاف الوطن وتغيير هويته وجره بعيداً عن الإرادة الجامعة والضمير الوطنى لجميع المصريين .. وسط ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد .. ومن أجل ذلك .. وفى ضوء تلك المعطيات .. نؤكد لكم – أيها الأخوة الكرام – ولشعوبكم العربية الأبية .. إن مصرَ تُثمنُ غالياً التأييد والدعم اللذين تلقتهما من الدول العربية الشقيقة .. وسوف يسجلُ التاريخ لتلك الدول وقفتَها.. وقد دعونا من قبل ولازلنا نأملُ أن يبادرَ البعضُ ممن لا يزالُ يقفُ على الجانب الخطأ من مسار التاريخ أن يراجعَ موقفَه ويصحح اختياراته .. لينضوىَ الجميع تحت مظلة الأخوة والتآزر العربى.
إننا فى مصرَ قد أوشكْنا على الوفاء بكافة التعهدات التى قطعناها على أنفسنا خلال إدارة المرحلة الانتقالية .. وها نحن نقتربُ من إتمام ثانى استحقاقات خارطة الطريق
– بعد إقرار الدستور فى يناير الفائت – عبر إجراء الانتخابات الرئاسية، كى تليها بعون الله وتوفيقه الانتخاباتُ البرلمانية.. لنكونَ بذلك قد استكملنا بناءَ مؤسساتِ الدولة الحديثةِ المبتغاة.. دولةٍ تسعى للتقدم والحداثة والتضامن مع أشقائها العرب .. وتناضلُ من أجلِ التنميةِ والتحديثِ فى إقليمها بأسره.
السيدات والسادة ..
تواجهُ أمتنا العربية تحدياتٍ جساماً على مستويات مختلفة.. سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وغيرِها، تستوجبُ كلُها أن يعضدَ بعضُنا بعضاً، وأن تتضافرَ الجهودُ المشتركة المخلصة من أجل بلوغ الغاياتِ التى تتوقُ إليها شعوبُنا منذ زمن طويل.
فى مقدمة التحديات كانت ولا تزال القضية الفلسطينية، والتى هى قضيتُنا المحورية والمركزية .. هذا، وقد تابعت مصرُ ولا تزال المفاوضات الجارية برعاية أمريكية .. وقد دعمنا ولا نزال السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس فى مواقفها وفى كل ما يصبُ إيجاباً فى خانة المصلحة الفلسطينية.. وإننا لنتطلع أن تسفر قمتُنا الحالية عن التأكيد على موقفنا العربى الجماعى الراسخ الداعمِ لإنهاءِ مأساة الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية .. والذى بات يشكلُ لامتداده لعقود طوال وصمة عار فى جبين الإنسانية جمعاء .. إن إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وتمكين الشعب الفلسطينى من إقامة دولته المستقلة القابلة للحياة والنماء فى حدود ما قبل الخامس من يونيو 1967 وعاصمتُها القدس الشرقية اتساقاً مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومرجعيات عملية السلام، لاسيما مؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية .. أمورٌ لا تقبل التنازل أو التفريط
وإلا باتت الشرعية ذاتها محل تشكيك وصار السلام نفسه غير قائم على العدل وغير
قابل للاستدامة .. وإننا نطالب المجتمع الدولى بالعمل على إيقاف أية محاولاتٍ
إسرائيلية للنيل من حرم المسجد الأقصى الشريف ومقدساتنا فى القدس ..
فهذا خطٌ أحمرُ لو تم تجاوزُه فلن يستطيعَ أحدٌ التنبؤ بنتائجه الكارثية على الجميع ..
إن حرمَ المسجد الأقصى يخصُ الأمة الإسلامية بأسرها ..، وتتحمل إسرائيل المسؤولية كاملة بوصفها قوة احتلال إزاءَ النتائج الوخيمة التى ستنتجُ عن التهاون أو التخاذل بشأن حمايته من جماعات التطرف اليهودية. ونرجو أن ترسل قمتُنا هذه رسالة قوية وواضحة إلى المجتمع الدولي فى هذا الخصوص.
وأدينُ في هذا السياق، وبكل قوة، العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وأطالبُ المهتمين بحقوق الإنسان والمدافعين عنها بالقيام بدورهم فى رفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى العزيز في غزة وغيرها بشكل فورى ومطالبة إسرائيل باعتبارها قوة الاحتلال بالوفاء بمسؤولياتها تجاه سكان غزة.
من ناحية أخرى، لا يزال الدم السورى الغالى يُراقُ كلَ يومٍ على الأرض السورية .. وقد دعمنا بقوة كافة الجهود الدولية التى أسفرت عن انعقاد مفاوضات جنيف2 .. رغم تعثر هذه العملية السياسية. كما نبذلُ جهوداً فى محاولة تقريب مختلف قوى المعارضة الوطنية حول رؤية موحدة تدفع بالحل السياسى، فلا يزالُ الأمل قائماً نحو حلحلة الأزمة الراهنة عبر خطوات انتقالية لتستعيدَ معها الدولة السورية عافيتَها ولحمتَها إذا أبدت دمشق استعداداً لتحقيق التقدم المطلوب نحو تشكيل هيئة حكم انتقالية تأخذ سوريا الشقيقة إلى آفاق جديدة وتسمح بإنهاء الصراع المسلح الذى حصد حياة ما يزيد عن مائة ألف سورى وسورية حتى الآن.
إن الحلَ السياسىَ هو المخرجُ الوحيدُ من هذه المأساة التى يعيشُها أشقاؤنا فى
سوريا .. وعلينا أن نحرصَ كلَ الحرص على الحفاظِ على وحدة الدولة السورية واستقلالِها وسلامة أراضيها .. وأن نواصلَ هذا الجهد بعزمٍ لا يلينُ وإرادة لا ينالُها
الفتور .. فكلُ يوم يمرُ يعنى مزيداً من القتل والتدمير لأهلنا فى سوريا.
على صعيد آخر، بات خطرُ الإرهاب يتهددُ أوطانَنا جميعاً ودون استثناء ..
فى محاولات يائسة للافتئات على حقِ الشعوب فى إنفاذ إرادتها، ولتقويض استقرارها وتعطيل مسيرتها التنموية .. لقد سالت دماءُ أبناء لنا فى عملياتٍ إرهابية غادرة
خلال الفترةِ الأخيرة من جماعاتٍ لم تراعِ حرمةَ الوطن ولا قدسية الدين .. إن تلك
الدماءَ الذكية سواءٌ كانت لمن لقى ربَه أو أصيب، لسوف تشدُ من عزمنا الأكيد وتصميمِنا الذى لا يفتر على اجتثاث هذا الخطر كلية من منطقتنا .. فلا هوادة مع أولئك القتلة الغادرين ممن أساءوا للدين والوطن فى آن واحد .. ومن ثم، فإن مصر تدعو
كافة الدول العربية الشقيقة إلى الوقوف صفاً واحداً فى مواجهة الإرهاب،
بما يستوجبه ذلك من سرعة تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وأن تتعاون فيما بينها على تسليم المطلوبين قضائياً، وعلى رفض توفير المأوى والدعم ..
بأى شكل من الأشكال قد يصب فى صالح من حمل السلاح ضد أبناء وطنه. ويقيناً، فإننا قادرون معا – بعزم أكيد ونية صادقة – على مواجهة هذا الخطر واستئصاله من مُجتمعاتنا .. كى يعيش المواطنُ العربىُ حيثما وُجد آمنا فى بيته... آمنا فى تنقله .. آمنا فى سعيه إلى لقمة عيشه .. بكرامة وعزة وإباء .. فلن يُرَوَعَ أبناؤنا بعون الله وقوته طالما اتحدت إراداتُنا على مكافحة هذه الآفة.
إن منطقتنا العربية مرت فى غضون السنوات السالفة بمنعطفات تاريخية هائلة ومؤثرة على مستقبل أجيالنا القادمة .. فثمة رؤى تتوهمُ بأن هذه الأمة فاترةُ العزم .. خائرةُ الهمة.. وأنه من الممكنِ إشعالُ الفتن وحرائق النزعات الطائفية هنا وهناك .. ولأصحاب تلك الترهات .. نقول إن هذه أمة عربية عريقة .. قديمة قدمَ التاريخ .. تضربُ بجذورها فى أطنابه .. تلك الدول خاضت كفاحَها المُضنى من أجل نيل استقلالِها .. والحفاظِ على مقدراتِها وسلامتها الإقليمية .. وإننا لقادرون على عبور كافة الأزمات استلهاماً لكفاح الآباء وحرصاً على مستقبل الأبناء .. ولتكنْ رسالتُنا واضحة فى هذا المجال وغيره .. وأود من هذا المنبر أن أؤكد أهمية معنى العروبة كقاطرة لشحذ الهمم وإطار لتحريك الشعوب العربية نحو تحقيق مصالحها، فعروبتُنا ليست مُجردَ شعار نستخدمه بلا مضمون، بل هى هويتنا ومصدرُ قوة كبيرة لنا إذا قدرنا ما توفره من إمكانات لا تتوفر لشعوب أخرى، فإذا كان بعضُ التجمعات الإقليمية يتقدم على درب تحقيق الوحدة الاقتصادية والسياسية رغم اختلاف الثقافة واللغة .. فإن عاملاً واحداً من عوامل قوتنا، ألا وهو اللغة العربية يُمَكِنُ المواطن من أن يقرأ الصحف ويتابع الأنباء والتطورات، وينخرط فى جميع أنواع التبادل التجارى والشراكات مع أشقائه العرب أينما وُجد، وأظنُ الكثيرين سيحسدوننا عليه إذا أحسنَّا توظيفه .. فضلاً عن عناصر قوة متعددة نملكها كعرب لا مجال للحديث عنها تفصيلاً هنا إلا أن علينا العمل والاجتهاد لتعظيم قوتنا المشتركة وحتى نرقى بمجتمعنا العربي ونلحق بركب التقدم.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.....
لقد اختارت دولة الكويت الشقيقة التضامن العربي عنوانا لدورتنا هذه، وهو ما تثمنه وتدعمه مصر اقتناعا منها أن السبيل الوحيد لتحقيق رفعة هذه الأمة هو إعلاء المصلحة القومية العربية والتصدي لأية محاولة للوقيعة بين شعوبنا وبلداننا، وهو ما يستلزم بدايةً عدم التدخل في الشئون الداخلية، ودعم الخيارات الوطنية لكل دولة ودعم مسيرتها لبناء غد أفضل لأبنائها، وعدم الانجرار للتدخل بحثا عن نفوذ أو دور لن يؤدي إلا ل ض شق الصف العربي.
وأثقُ تمامَ الثقة أن عروبتَنا ستعودُ لتُصبح تلك القاطرة التى توحد العرب من
المُحيط إلى الخليج وتجعل لهم من أسباب القوة ما يحفظ لهم موقعهم على الساحة
الدولية عبر مشروع قومى يواجهُ التحدياتِ الكبرى، ويستفيدُ من دروس وأخطاء الماضى، ويُثَبِتُ مفهومَ الدولة الحديثة العصرية التى توفر الظروف لتفجُر الطاقات الإيجابية وإطلاق العنان لقدرات مواطنينا لتحقيق تطلعاتهم المشروعة فى التقدم والرفاهية ..
وفى هذا السياق .. تقترح مصر أن تنظر تلك القمةُ المباركةُ فى ثلاثة مقترحات،
وفى تكليفِ الوزراءِ المختصين أن يقوموا عبر جامعتنا العربية بوضع الخطط والآليات اللازمة للوفاء بها بحيث يكمل العمل العربى المشترك الجهود الوطنية لكل دولة على حدة.
أولاً: إعلانُ العقد الحالى 2014 2024 عقداً للقضاءِ على الأميةِ فى جميع أنحاءِ الوطن العربى.. وأدعو هنا، وبشكلٍ عاجل، لاعتمادِ برنامج عملٍ يكون هدفُه التخلص من ظاهرة الأمية فى مُختلف أنحاء المنطقة العربية خلال السنوات العشر القادمة، وأقترح أن تكون أولى خطواتِنا فى هذا السياق عقدُ اجتماع فى غضون الشهرين المقبلين لوزراء التعليم فى الدول العربية يتمُ الإعدادُ الجيدُ له ويُقرُ برنامجَ العمل الذى دعوتُ لاعتمادِه، وحتى نُعالجَ قضية هى الأساسُ والمسببُ للكثير من مشكلاتنا المستعصية فى العالم العربى. ولا شكَ أن طموحَنا لا يتوقف عند حدِ محو الأمية بل يمتدُ إلى تمكين مواطنينا من الإلمام بكافة أساليب وأدوات التعامل مع العصر الحديث عبر تعليم متطور يسمحُ لأبناءِ أمتِنا بمنافسة أقرانِهم فى العالم كلِه.
ثانياً: دعمُ المبادرة التى أطلقتها مصرُ حينما دعت الدولَ العربية الشقيقة خلالَ الدورة العادية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزارى يوم 9 مارس الجارى فى القاهرة إلى عقد اجتماع خاص لوزراء العدل والداخلية العرب فى أقرب وقت، وأنتهز هذه الفرصة لأدعو إلى عقد هذا الاجتماع قبل نهاية شهر يونيو القادم .. وذلك فى إطار تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب بهدف النظر فى مدى الالتزام بتطبيق الاتفاقية .. والبناء على ما تحقق خلال اجتماع وزراء الداخلية العرب منذ أسبوعين فى مراكش والذى أعلن رفض الدول العربية الكامل للإرهاب بكافة صوره وأنواعه، وأكد عزم العرب على مكافحته وأيد كافة الإجراءات التى تتخذها الدول الأعضاء فى هذا السياق، مديناً جميع الأعمال الإرهابية التى تستهدف الدول الأعضاء، وداعياً لاتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمكافحة هذه الظاهرة البغيضة.
ثالثاً: وفى ضوء أن مكافحة الإرهاب لا تقتصر على البُعد الأمنى وحده، فإننى أدعو للنظر باهتمام وجدية فى إقرار إستراتيجية عربية موحدة بعناصرها الفكرية والثقافية والإعلامية والتعليمية لمواجهة نمو وانتشار الفكر المتطرف. وأطرح عليكم فى هذا الإطار أن تستضيف مكتبة الإسكندرية اجتماعاً للمفكرين والمثقفين بمشاركة المسؤولين من المؤسسات المعنية بدولنا، والمؤسسات العربية المختصة بهذا المجال، يخلُصُ إلى توصيات محددة وعملية تتعلقُ بالنهوض بالمستوى الفكرى والثقافى لاسيما لأجيال الشباب الذين هم أملُنا فى المستقبل وعمادُ الصحوةِ والعمل المُجدِ للِّحاق بركب التقدم العالمى، على أن تُطرحَ تلك التوصياتُ على الاجتماع القادم لوزراء الخارجية العرب لاعتمادِها والتنسيقِ بشأنِها مع مختلف المؤسساتِ العربية المُختصة بتنظيم التعاون فى هذا المجال.
وإنى لأدعو الإعلامَ العربىَ فى إطار ما يتمتعُ به من حريةٍ ويشهدُه أداؤه من تطور فى هذه الفترة، أن يُساهم بقوة وبتأثيره الملحوظ على مجتمعاتنا فى حمل راية التنوير والتحديث بما يشملُه ذلك من حفاظٍ على ثوابت الأمة ومصالحها.
أصحابَ الجلالةِ والفخامةِ والمعالى ..
نظنُ أن الوقتَ قد حانَ لأن تُتخذ قراراتٌ حاسمة على مستوى القمة فيما يختص بتطوير التعاون الاقتصادى بين دولِنا عبر إصدار توجيهات فورية بتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية وتحقيق الانتقال السلس والآمن عبر تنظيم مُحكَم للعمالة ولرؤوس الأموال داخل العالم العربى .. والعمل على توحيد التشريعات المُنظمة للأنشطة المختلفة .. وفى كلِ ذلك ما سيُسهمُ بقوةٍ فى إيجادِ الحلول للقضايا المرتبطة بالإرهابِ والتطرفِ الفكرى، فتوفيرُ الوظائف وسُبلِ العيش الكريم والتعليم الجيد لأبنائنا لهو أحدُ أهمِ وسائل مواجهة انتشار الأفكار الهدامة ونزعاتِ التشدد فى أى مجتمع .. ويُذكر في هذا المقام أن دولة الكويت الشقيقة كانت قد استضافت القمة العربية الاقتصادية في شهر يناير من العام 2009، وهو جهد نعتقد أنه من المهم تطويره في سياق بحثنا الدائم عن تحقيق طموحات شعوبنا.
إن المواطنَ العربى حيثُما كان من المحيط إلى الخليج .. ليتطلعُ إلى وقت – نأمل أن يكون قريباً – يستطيع فيه أن ينعم بحياة كريمة آمنة ومستقرة .. ينتقل بحرية.. ويعمل بأمان .. أينما أراد فى وطن عربى مستقر .. فمعركةُ البناء لا تقل أهمية لمواطنينا عن معركة التحرر.
أصحابَ الجلالة والفخامة والمعالى والسمو ..
على الصعيد السياسي الدولى، لا يزال النظامُ العالمى يُعاني اختلالاً هيكلياً ومعاييرَ مزدوجة لاسيما فيما يختص بقضايا دولنا أو ما اصطُلح على تسميتِه بالعالم الثالث ..
ولذا فإننا مطالبون بالعمل الدؤوب من أجل التنسيق بين دولنا أولاً ومع الدول الصديقة الأخرى كى يصلَ صوتُنا الموحدُ المستند إلى الحق والعدل إلى غاياته لاسيما حيالَ القضايا المصيريةِ ذاتِ التأثير بعيدِ المدى مثل إصلاحِ الأممِ المتحدة، وعلاج الاختلال الاقتصادى الدولى، ومجابهةِ أخطار الجريمة المنظمة والتحديات البيئية وغيرها.
أما فيما يتعلق بجهودِنا المتضافرة لتخليص منطقتنا من أسلحة الدمار الشامل،
فلا يفوتُنى أن أؤكد أن مصر تُثمنُ وتقدرُ عالياً قيامَ الدول العربية الشقيقة بدعم المبادرة المصرية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل التى تم إعلانُها فى غضون أعمال الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة .. إن أمننا القومى العربى والحفاظ على حقوق أجيالنا الجديدة لهى أمورٌ بالغةُ الأهمية والخطورة .. لا مجال للتهاون أو الفتور بشأنها. فلابدَ من إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل وإخضاع منشآت إسرائيل النووية لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فلا ينبغي أن تكون هناك دولة فوق القانون.
لقد اضطلعت جامعة الدول العربية بجهود مقدرة فى سبيل دفع العمل العربى المشترك، ليس فى المجال السياسى فحسب، بل فى مناحى العمل الاقتصادى والاجتماعى والثقافى وغيره. ويقيناً، فإن جامعة الدول العربية بمسيرتِها الطويلة منذ منتصف الأربعينيات وحتى الآن .. وبكل ما حققته من انجازات ورغم ما حاق بها من إخفاقات .. كانت وستظل رمزاً للهوية العربية .. وبيتاً جامعاً لكل العرب من المحيط إلى الخليجِ .. وإننا لنتابعُ بكل تقدير الجهود المبذولة لإصلاح وتطوير آليات عمل الجامعة لتحقيق
قدر أكبر من الفعالية .. وهو ما ندعمه بكل قوة .. ونتطلعُ إلى أن نرى ثمارَها قريباً .. فمن حق شعوبنا أن تفخرَ وتطمئنَ بأننا صادقون فى عزمنا .. واثقون فى خطانا،
سائرون على الطريق الصحيح.
تلك القضايا هى ما نصبو إليه .. ونتطلعُ أن تفضىَ قمتُنا المباركة – برئاسة
دولة الكويت الشقيقة – إلى نتائجَ ايجابيةٍ بشأنها .. إن التحديات جسامٌ .. وأمالُ شعوبِنا التواقة إلى النماء والكرامة والرفاهية كبيرة .. فلنكنْ قدر هذه التحديات .. ونحن بالتأكيد أهلٌ لها.
وفقنا الله جميعاً..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.