ليس كل نادر جميلًا، الاكتشاف بالتأكيد يعنى كل مَن يهتم بالتأصيل والتوثيق التاريخى، إلا أن الأهمية العلمية ليست بالضرورة هى الوجه الآخر للجمال الإبداعى، عندما تعتقد أنك عثرت على كنز من التِّبر ثم تُمسكه بيدك فتجده كسبانًا من التبن، هذه هى مشاعرى عندما شاهدت فى افتتاح المهرجان القومى للسينما «على ضفاف النيل»، أحد الأفلام المجهولة التى قُدمت فى مطلع الستينيات، إنتاج مشترك بين مصر واليابان، المرة الأولى التى أعرف أن لدينا فيلمًا بهذا الاسم لعب بطولته شادية وكمال الشناوى وإخراج كوتا كاهيرا، الشريط متواضع، ومن الممكن أن يكون الهدف السياسى المضمر لتأكيد الصداقة بين البلدين هو السبب الوحيد لإنتاجه، لم يكن أحد من المشاركين فى الفيلم يشير إليه، وكأنه جريمة يتمنّى أن ينساها الناس، نهاية الفيلم تصدم عشاق الثنائى شادية وكمال عندما يجدونه يفرّط ببساطة فى شادية ويقدمها لحبيبها اليابانى، قبل خمس سنوات قدّم المهرجان فيلم «ياقوت» أول أفلام نجيب الريحانى، الذى تم تصويره فى باريس، وهو أيضًا عمل فنى لا يقل تهافتًا، مثل هذه الأفلام مكانها الطبيعى معاهد السينما مع جمهور متخصص لا تعنيه قيمة الاكتشاف، المهم أنه اكتشاف، ألح على وأنا أشاهد الفيلم موال عبد الوهاب «بالتبر لم بعتكم بالتبن بعتونى». ■■■ الجمهور والأعمال الفنية النادرة، علاقة ليست بالضرورة إيجابية، كانت لعبد الحليم حافظ أغنيات نادرة قدّمها فى بداية مشواره، منها «يا وحشنى» و«بدلتى الزرقا» و«خلّى تكالك على مولاك»، قرابة 30 أغنية، إلا أنه كان فى حياته يمنعها من التداول، ولم يجرؤ أى مسؤول على إغضابه، ولكن بعد رحيله أصبح من الممكن الاستماع إليها، وهى أغنيات رديئة بكل المقاييس، كان الراحل مجدى العمروسى قد تعوّد فى كل ذكرى لعبد الحليم أن يقدّم للجمهور أغنية نادرة غنّاها فى حفلات أعياد الميلاد أو الزفاف لعدد من الأمراء أو الأثرياء العرب، ولم يكن حليم يشير إليها أيضًا فى حياته، ويتم حذف اسم الأمير أو الشيخ قبل طبعها على شريط كاسيت، أغانى لحّنها بليغ والموجى ومنير، ولكنها لا تصلح للتداول الجماهيرى، ذكّرنى بها «على ضفاف النيل»، يا ليته ظل مجهولًا!! ■■■ طالت كالعادة كلمة وزير الثقافة صابر عرب، على المسرح فى افتتاح المهرجان، وأمسك الميكروفون بيديه وأسنانه وكأنه يخشى أن ينتزعه منه أحد وأفاض فى كل شىء من مكافحة الإرهاب حتى أزمة رغيف العيش، وعندما لم يجد شيئًا يضيفه انتحل شخصية مذيعة الحفل بوسى شلبى، وقدم أسماء المكرمين، كان وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، يكتفى فى كل مهرجان بجملتى «بسم الله الرحمن الرحيم، نفتتح المهرجان»، ولكن صابر عرب أحال الافتتاح إلى برنامج «توك شو»، أتصوّر لو استمر على مقعده فى الدورة القادمة وزيرًا للثقافة، سوف يشترط أن يسند إليه سمير سيف رئيس المهرجان، بطولة الاستعراض الراقص على المسرح. ■■■ أكبر عقاب يوجّه إلى محمد مرسى ليس الاتهامات التى تحيط به مثل التحريض على قتل المتظاهرين، وهى جرائم تحيله إلى التأبيدة لا محالة، العقاب الأكبر الذى يناله مرسى الآن وبلا رحمة هو أن تعليمات إدارة السجن تجبره على مشاهدة القنوات الأرضية للتليفزيون المصرى، وهو عقاب لو تعلمون عظيم! ■■■ حدث خطأ أشكر الظروف عليه، وأتمنى من الله تكراره، فجأة ودون مقدمات وجدت اسم سيدة الشاشة فاتن حمامة منوّرًا على تليفونى المحمول، وجاء صوتها يا طارق إزيك، إنت فى مصر؟ أجبتها نعم، يبدو أن الصوت أصابها ببعض الشك، فقالت لى مجددًا إنت طارق؟ قلت لها أيوه طارق، كررت أنت طارق؟ أجبتها والله العظيم طارق، وأضفت طارق الشناوى، ويا ليتنى لم أفعل، تغيّرت النبرة، وقالت لى أهلًا أستاذ طارق، أنا كنت عايزة أكلم طارق ابنى، وطلبت الرقم خطأ، قلت لها يا ريت يتكرر دائمًا هذا الخطأ، تخيّل أنك تضع يدك على التليفون وتستمع إلى أرق وأجمل صح فى الدنيا صوت فاتن حمامة، حتى ولو جاء لك بالخطأ.