أمر غريب أن نجد صمتاً رهيباً «غير بريء» من نقابتي المحامين والصحفيين من مد العمل بقانون الطوارئ لعامين جديدين لتعيش مصر 31 عاماً متواصلة بالطوارئ. فهما النقابتان المهتمتان- أو يجب عليهما- بالحريات في مصر.. ومعهما كذلك نادي القضاة الذي أصبح حكومياً في رعاية المستشار أحمد الزند. فالسيد نقيب الصحفيين مشغول بدفع فاتورة احتفاظه بمنصب النقيب الذي حرصت أجهزة الدولة الأمنية والتنفيذية والحزب الوطني علي الاحتفاظ بالمنصب ليرد لهم الواجب في مواقف كثيرة.. وها هو يرد الجميل الآن. .. وماذا ننتظر من نقيب يذهب مع النقيب السابق إبراهيم نافع- رئيس اتحاد المحامين العرب- إلي تونس ولقاء الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ومنحه درع الاتحاد باعتباره راعياً لحرية الصحافة في تونس «!!».. رغم أنه عدو الصحافة والحريات الأول في العالم العربي وأحد رموز قمع الصحفيين وراعي قضايا التلفيق للصحفيين التونسيين لحبسهم ومنعهم من ممارسة عملهم. أما نقابة المحامين فقد تحولت إلي فرع للحزب الوطني في شارع رمسيس واطمأنت قيادات الحزب علي النقابة ودورها- الميت- في المرحلتين الحالية والقادمة بفضل نقيبهم حمدي خليفة الذي جعل من نقابة المحامين المصرية أضحوكة أمام نقابات العالم العربي رغم تبوئه منصب رئيس اتحاد المحامين العرب بحكم اللائحة. لقد أعلنها صراحة أمين الحزب الوطني.. إنهم استعادوا نقابة المحامين.. وكذلك كرر الإعلان رجل الحديد أحمد عز رغم زعمهم من قبل- أمام أي فشل لهم في غزو النقابات المهنية- أنهم لا يتدخلون في النقابات.. وهذا شأن مهني ونقابي يعود إلي أصحابه. ولم يكتف الحزب الوطني بسيطرته علي تلك النقابة العريقة من خلال مندوبين لهم وللأجهزة الأمنية وإنما يخشي أن يسترد النقابة مجموعة من دعاة الاستقلال والتغيير من المحامين المهمومين بأمر المهنة وبأمر الوطن.. وأصحاب رؤية أن تلك النقابة هي الحصن الأول في الدفاع عن الحريات ضد الاستبداد والفساد.. والدفاع عن الغلابة ضد سياسات القمع والقهر.. إنما أراد أهل الاستبداد تفريغ نقابة المحامين من مضمونها وتحويلها من معقل للدفاع عن الحريات إلي ناد يرتاده مجموعة من الانتهازيين وأصحاب المعاشات من قيادات الحزب الحاكم.. لذلك أسندوا تلك المهمة إلي أحد أتباع رجل الحديد للتقدم إلي البرلمان بمشروع قانون جديد من تلك القوانين سيئة السمعة لتعديلات بعض بنود القانون السابق وليضمن حصانة لمنصب النقيب من اعتراضات الجمعية العمومية.. ورغم الرفض الأول في أول اجتماع للجنة التشريعية في مجلس الشعب لتلك التعديلات.. فإنهم استطاعوا تجميع مؤيدي الاستبداد والطغيان في اجتماع يوم تال لتفويت تلك التعديلات.. وها هم الآن يسعون بكل ما يملكون إلي اعتماد تلك التعديلات لينضم قانون نقابة المحامين إلي القوانين سيئة السمعة التي يشرعها النظام في تلك المرحلة.. ليحمي نفسه ورجاله. إنهم يصادرون الآلية الديمقراطية التي يتمتع بها المحامون في نقابتهم باختيار نقيبهم ومجلس إدارتهم.. وحقهم في سحب الثقة منهم. لكن الحزب الوطني لا يريد أن يكون الأمر في يد المحامين. ليبقي الأمر في يد مجموعة من الانتهازيين والمؤيدين للاستبداد والطغيان.. ولتذهب نقابة المحامين إلي الجحيم.