لنحتفل بالسينما.. شعار الدورة السابعة لمهرجان أبو ظبي هذا العام.. شعار مفرح ومبهج... بسيط جدا ومفعم بالحياة، وهكذا كانت أفلام المهرجان، يكرهها المشاهد أو يحبها.. يختلف مع مضامينها أو يتوافق. يرفض ما تحمله من معان أو يقبلها، لكن العقد المبرم بين حضور مهرجان أبوظبي فى دورته الحالية وبين إدارته كان بمثابة شيك موقع على الاحتفال بالسينما عموما.. ممارسة فعل مشاهدة الأفلام فى حد ذاته هو احتفال بإنسانيتنا.. السينما والأفلام حياة موازية، فلنحتفل بالسينما إذن. كنت أتمنى أن أكون ناقدة سينمائية لأكتب عن الفيلم المصرى "فرش وغطا" بما يليق به، ولكنى مجرد صحفية فن تغطى أحداث وأفلام المهرجان – صحفيا- استعرض ما أشاهده –شخصيا- لا نقديا.. فلندع مهمة النقد للنقاد إذن، ولنستعرض سويا أحداث الفيلم.
"فرش وغطا" ذلك العنوان الذى أحفظ كثيرا من كلمات جاءت تحته منذ طفولتى فى محافظتى الجنوبية حتى مع ردود فعل الجمهور المتيم بما يسمعه "يا باي يا باي يا باي"، عندما يغنى محمد العجوز وأحمد برين، ظلت عالقة فى ذهنى طوال عرض الفيلم الصامت:
زماني جار عليا ولعن لي ابو خاشي و نويت اهاجر وانصب في الجبل خاشي واديني ماشي يا ولدي بقول يا حيط داريني سجين هارب يوم الثامن والعشرين من شهر يناير 2011.. لا نعرف لماذا تم سجنه، أو لماذا هرب.. رائعة تلك اللعبة، فلنتابعها إذن.
آسر ياسين بطل فيلم "فرش وغطا" تأليف وإخراج أحمد عبدالله، هو بطل هذا الفيلم.. سجين لا نعرف لماذا سجن ولا يعرف هو ولا نحن لماذا هرب فى الثامن والعشرين من يناير 2011 ، ولن يقدم لك الفيلم إجابة على سؤالك الكسول، فالمخرج لا يعرف أيضا مثلك ايها المشاهد تماما.
يهرب بطلنا السجين مع سجين آخر مصاب يحاول إنقاذه.. ويهرب ثانية لإنقاذ نفسه وإنقاذ صاحبه.. أهله يرفضونه "زوج أخته" ويكتشف هو العالم مع بشر لا يعرفهم ولا يعرفونه.. خلال الأحداث نكتشف أن صديقه الذى هرب معه كان مسيحى ثم لا جديد حتى نهاية أحداث الفيلم.
كان من الرائع اختيار المخرج للصمت، فلا حوار فى الفيلم.. لا أحد يتحدث حتى البطل حينما طلب "كوب شاى" من أخته طلبه بصوت خفيض – بالمناسبة كان مفتعلا وكان من الممكن أن يدور حوار طبيعى بين البطل واخته حول طلبه لكوب من الشاى.. ما كان لمثل هذه التفصيلة أن تؤذي هندسة وبناء الفيلم المعتمد على عدم وجود حوار فى شيء، ولكنه التزيد الذى افسد المتعة إلا قليلا فى أكثر من مشهد مشابه.
جماهير محمد العجوز واحمد برين كانت متيمة ومستمتعة بالكلمات والغناء على مدار أكثر من ساعة كاملة من غنائهما.. صفق الحضور بحرارة عندما غنى الأثنان هذه الكلمات:
دنيا غرورة و منها يشوف ياما الحي شوفو الأسافل عملو الخبز وفاتونا لو كان يا خلق بالمعروف فاتونا ماكنتش اقول آه يا عيشي ويا ملحي فيلم أحمد عبداللة رائع وراق وجدير بالمشاهدة، لكنه مرتبك كحال بطله.. لا يقدم إجابات ولا يفهم الأسئلة المطروحة أصلا، ولسان حاله يقول ما قاله العجوز وبرين:
إذا كان الطبيب لا يعرف التشخيص فليس اقل من أن يجهل المريض علته.. الارتباك سيد الموقف وفيلم "فرش وغطا" يعرى ارتباكنا وخيبتنا.. المخرج يخجل من الكلام على لسان بشر لا يعرفهم وعلينا نحن ايضا كمشاهدين أن نصمت لأننا لا نعرف شيئا مثله.. فقط من حقنا المشاهدة والتزام الصمت النبيل تماما كما فعل أبطال الفيلم جميعا.
أثناء عرض الفيلم جلست خلفى مذيعة وفنانة مشهورة.. ما أن ذكر اسم البرادعى فى نشرة تليفزيونية فى إطار الفيلم قالت المذيعة بصوت مسموع: الله يحرقه.. وفور انتهاء الفيلم قالت: المخرج تعمد تشويه سمعة مصر بعرض صور من حى الزبالين وعشوائيات القاهرة.. ليت أمثالها يلتزمون الصمت.
فيلم جماهيرى أم فيلم مهرجانات؟ إمممممممممم.. فيلم مهرجانات طبعا ومطلوب وجوده فى الفترة الحالية، لكن الجماهير ستخاصمه ب"التلاتة" ولا اعتقد أن صناعه قد عولوا على نجاحه جماهيريا من الأساس.