بعد خمسة أيام من انتهاء الانتخابات العامة البريطانية ومفاوضات شاقة بين الأحزاب الثلاثة لتكوين حكومة ائتلافية، نجح زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون في الوصول إلي مقعد رئيس الوزراء البريطاني عبر الدخول في ائتلاف تاريخي مع حزب الديمقراطيين الأحرار. وأعلن رئيس الوزراء البريطاني الجديد - ديفيد كاميرون - صباح أمس أنه بدأ بالفعل تعيين أعضاء حكومته، حيث أسند وزارة الخزانة لجورج أوزبورن والخارجية لوليام هيج والدفاع لليام فوكس والصحة لأندرو لانزلي، وجميعهم من حزب المحافظين. أما «الديمقراطيين الأحرار» في الحكومة الجديدة فقد حصلوا علي وزارة شئون أسكتلندا حيث تم إسنادها إلي داني أليكزاندر، كبير الموظفين في طاقم زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار نِك كليج، بالإضافة إلي وزارة «شئون الأعمال والمصارف» حيث أُسندت إلي فينس كيبل، المتحدث باسم وزارة الخزانة في حزب «الديمقراطيين الأحرار». وكان كاميرون البالغ من العمر 44 عامًا قد دخل مساء أمس الأول مقر رئاسة الوزراء في 10 داوننج ستريت كأصغر رئيس للحكومة البريطانية خلال ال 200 سنة الماضية، وقام بتعيين نك كليج - زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار - الذي يصغره بعام واحد نائبًا له في يوم تاريخي شهد سلسلة من التطورات المتسارعة التي وضعت حدًا ل 13 عامًا من حكم العماليين للبلاد. وتسلم كاميرون مهامه رسميًا بعيد لقائه الملكة إليزابيث وتكليفها له بتشكيل الحكومة، حيث وعد أمام مقر رئاسة الوزارة بأنه سوف يشكِّل ائتلافًا حكوميًا قويًا مع شريكه حزب «الديمقراطيين الأحرار». وقال إنه سوف ينحِّي الخلافات الحزبية جانبًا، واصفا الائتلاف الحكومي الجديد ب «القوي الذي يشكِّل السبيل الأفضل لحكومة بريطانية قوية وقادرة علي الاستمرار». وأشار كاميرون إلي وجود قرارات صعبة يجب أن تُتخذ في المستقبل من أجل معالجة المشاكل التي تواجه البلاد، ومنها العجز في الموازنة. وأوضح أنه من المهم للحكومة أن تبقي الشعب علي اطلاع ودراية بكل ما يجري، وتعهَّد باستشارة البريطانيين بالقرارات الصعبة المقبلة. وتضمنت بنود صفقة المحافظين والديمقراطيين الأحرار تسريع جهود خفض العجز في الميزانية وإعلان ميزانية طوارئ في غضون 50 يومًا، بالإضافة إلي خفض النفقات العامة بمقدار 9 مليارات جنيه إسترليني خلال العام القادم. واضطر المحافظون إلي تقديم تنازل بشأن إصلاح النظام الانتخابي، وتضمن العرض النهائي المقدم لنك كليج - زعيم الديمقراطيين - موافقة المحافظين علي إجراء استفتاء شعبي علي تغيير نظام التصويت، ولكن الاستفتاء لن يكون علي نظام التمثيل النسبي كما يطالب الديمقراطيون بل نظام يسمي الصوت البديل، وهو نظام وسط بين أسلوب التصويت الحالي والتمثيل النسبي الكامل. ويضمن نظام التصويت البديل درجة أكبر من العدالة والتناسب بين عدد الأصوات وعدد المقاعد في البرلمان. كما اتفق الحزبان علي التخطيط لإجراء انتخابات برلمانية لفترات محددة تُجري كل خمس سنوات، إلي جانب إلغاء جزء من خطط العماليين بزيادة ضريبة التأمين الوطني، والعمل علي رفع عتبة الضريبة لذوي الدخل المحدود، ووضع سقف للهجرة من خارج دول الاتحاد الأوروبي. ووعدت حكومة كاميرون الائتلافية بالتعهد لإجراء استفتاء علي نقل المزيد من السلطات إلي الاتحاد الأوروبي والالتزام بعدم اعتماد اليورو كعملة طوال البرلمان الحالي. وأعلن كاميرون أمس أنه أنشأ مجلساً للأمن القومي لتنسيق رد حكومته الجديدة علي كل التهديدات الدولية والداخلية. وقال مكتب كاميرون في بيان: إنه تم أيضاً تعيين «بيتر ريكيتس» في منصب مستشار الأمن القومي الجديد ليكون مسئولاً عن تنسيق البرنامج الأمني للحكومة. من جانبه، حث «كليج» المتشكئين من حزبه علي أن يظلوا مؤمنين بما يقوم به، وبنهج الحزب الذي دخل للمرة الأولي في تاريخه صفقة ائتلاف حكومي مع المحافظين هو الأول أيضًا في تاريخ البلاد منذ 70 عامًا. وجاء تعيين كاميرون عقب استقالة سلفه جوردن براون من منصبه بعد فشل جهود حزب العمال لتشكيل ائتلاف مع الديمقراطيين الأحرار. وقال براون الذي كان يتحدث برفقة زوجته أمام 10 داوننج ستريت، إن عمله رئيسا للوزراء كان «تشريفا له»، وأنه يتمني الخير والتوفيق لخلفه كاميرون. كما قال براون أيضا إنه سيتنحَّي أيضا عن مقعده البرلماني ويعتزل السياسة نهائيا. وجاء قرار براون بعد اتفاق المحافظين والديمقراطيين الأحرار علي صفقة لتشكيل ائتلاف حكومي بينهما في أعقاب انتخابات الخميس الماضي التي لم تعط أيًا من الأحزاب الثلاثة الكبري في البلاد أغلبية لتشكيل حكومة بمفرده.