الحوادث الإرهابية المتكررة خلال الأيام الأخيرة دفعت الأجهزة المعنية بالدولة للبحث عن مخرج للتصدى للجماعات الإرهابية، ولم تجد الحكومة الحالية أمامها سوى تفعيل قانون مكافحة الإرهاب للسيطرة على تحركات الإرهابيين وإطلاق العنان للداخلية للتعامل معهم، خصوصا مع نية الحكومة التى أعلنتها فى إلغاء حالة الطوارئ بعد انتهاء مدتها القانونية. مصدر أمنى قال إن وزارة الداخلية ما زالت تبذل جهودها تحقيقا للأمن العام فى البلاد، خصوصا بعد تكرار حوادث الإرهاب المتكررة، بشكل بات لزاما معه استصدار قانون جديد يكفل الحد من تلك الأحداث التى من شأنها تعكير صفو الأمن العام فى البلاد، مطالبا بحماية رجال الشرطة فى أثناء تأدية مهام عملهم، وحمايتهم قانونيا بشكل لا يتعرضوا معه لأى ملاحقات قضائية.
وأضاف المصدر أن الهدف من استصدار قانون جديد مثل «مكافحة الإرهاب» هو الحفاظ على كيان الشعب المصرى بسبب الفوضى وأعمال الشغب والتخريب من قبل العناصر الإجرامية التى تحاول جر البلاد إلى نفق مظلم، وعلى ما يبدو أن قانون مكافحة الإرهاب على الأبواب.
ممثل الداخلية فى لجنة الخمسين، اللواء على محمد عبد المولى مساعد وزير الداخلية للشؤون القانونية، قال قبل خمسة أيام ماضية على هامش حضوره إحدى الجلسات إن وزارة العدل بصدد إعداد مشروع قانون لمكافحة الإرهاب، الذى سيحد بالطبع من انتشار الجريمة الإرهابية فى البلاد والتوسع فى إجهاض العملية الإرهابية.
عبد المولى أضاف أن القانون الذى يناقش لا يعد تقنينا لحالة طوارئ دائمة، لكنه يستهدف الإرهاب وفقا للقوانين الدولية المتعلقة بالمواجهة واحترام حقوق الإنسان والتعاون بين الشرطة والشعب، مشيرا إلى أن مد الطوارئ مرهون بمدى تقدم الحالة الأمنية التى تشهدها البلاد فى ظل الظروف والأوضاع الراهنة.
كاشفا عن أن الداخلية ستطالب بحزمة من التعديلات التشريعية فى قانون العقوبات على بعض الظواهر الدخيلة على المجتمع المصرى مثل قطع الطرق وتعديل بعض من مواد قانون العقوبات مثل المادة 60 و123 والخاصة برد الاعتداء ومواجهة الجريمة وعدم المساءلة العقابية للشرطة فى أثناء أداء واجب حماية الوطن، لأن الأيدى المرتعشة لا تصنع الأمن، ولا يجب أن نجعل الشرطة مترددة فى مواجهة كبار المجرمين، كما يقول مساعد الوزير.
بينما يقول اللواء عصام الترساوى مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن الأمور ستسير للأفضل بعد انتهاء سريان العمل بحالة الطوارئ فى 14 من نوفمبر القادم، نظرا لأن الجميع بدأ يستشعر تطبيق القانون على الجميع من قبل الجهات المسؤولة، ويرى الترساوى أنه يستحيل العمل باستمرار حالة الطوارئ بعد انتهائها،
مؤكدا أنه بعدما فرضت «الطوارئ» عقب عزل محمد مرسى، بالقطع كان لدى مسؤولى الدولة ومتخذى القرار والأجهزة الأمنية والاستخباراتية رؤية معينة للوضع العام فى البلاد بعد انتهاء العمل بالطوارئ لمدة أربعة أشهر، مشيرا إلى أن القوانين الموجودة حاليا كفيلة بتحقيق الأمن والاستقرار فى المجتمع المصرى، لكنه ينقصنا تفعيل العمل بتلك القوانين.
ولفت الترساوى أنه بدلا من التناحر حول صدور قانون التظاهر المختلف عليه فى الأوساط السياسية، فإنه ينبغى أولا أن نفعل العمل بالقوانين الموجودة من الأساس، مؤكدا أن المادة 86 من قانون الإجراءات الجنائية تحتاج إلى بعض التدخلات.
بينما يقول اللواء محسن حفظى الخبير الأمنى إن الدولة تأخرت كثيرا فى إعلان قانون الإرهاب مما تسبب فى انتشار الحوادث الإرهابية وأوضح أن قانون مكافحة الإرهاب فى مجمله يتبع لقانون الطوارئ، موضحا أن الدولة التى عجزت عن استخدام قانون الطوارى ضد الإرهابيين خوفا من أمريكا وأوروبا لن تجرؤ على تطبيق قانون الإرهاب.
وأكد حفظى أن قانون الإرهاب يعطى صلاحيات لمجموعة مكافحة الإرهاب للتتبع والقبض على الإرهابى دون إذن نيابة والتحفظ عليه لمدة 60 يوما دون محام، وملاحقة كل من يرتكب أعمال الاعتداء والتخريب ومهاجمة المنشآت العامة والحيوية لمؤسسات الدولة ووسائل النقل والمواصلات العامة والمتاحف والمدارس والمستشفيات والمنشآت الخاصة وأقسام الشرطة وأكمنة الأجهزة الأمنية وتقديمهم للمحاكمة.
وأوضح أن اللواء النبوى إسماعيل قام بإنشاء إدارة لمكافحة الإرهاب فى تسعينيات القرن الماضى للتصدى للإرهاب وكانت تابعة لأمن الدولة، وتولاها فى البداية العميد طلعت طنطاوى ثم العميد فتحى طايل، ولم يعد لها وجود فعلى. موضحا أن الضابط بوحدة مكافحة الإرهاب يستطيع التحرك والعمل فى مكافحة الجماعات الإرهابية والتصدى لعنفهم.
المستشار محمد عيد سالم أمين عام مجلس القضاء الأعلى السابق، قال إننا فى حاجة ملحة إلى قانون مكافحة الإرهاب للتصدى للحوادث المتكررة، موضحا أن توافر الضرورة يجيز إقرار القانون فى غياب مجلس الشعب.
ولا بد أن يتم ذلك بموافقة رئيس الجمهورية، موضحا أن قانون مكافحة الإرهاب سيلغى قانون الطوارئ بمجرد تفعيله.