بعد الانفجارات الارهابية الشرسة التي روعتنا في كنيسة القديسين بالاسكندرية، أظن أنه لا صوت يعلو الآن فوق صوت قوانين الطوارئ!، هكذا أدركت الحكومة أن قوانين الطوارئ السارية وتمديدها إلي عام2012 انها ألزم ما تكون للحكومة، حيث تؤكد انفجارات الاسكندرية. أن قوانين الطوارئ - وهي سارية - لم تمنع وقوع هذا الحادث الارهابي الفظيع!، فما البال بنا عندما نعيش بدون قوانين الطوارئ! وكانت الحكومة قد ضاقت وضجت من الإلحاح المصري العام علي إلغاء العمل بقوانين الطوارئ، وكان الموعد المحدد لذلك ألا ينتهي بتنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك إلا وتكون هذه القوانين قد رفعت!، ليحل محلها قانون جديد لمقاومة الارهاب أخذت الحكومة في إعداده منذ خمس سنوات!، وعلي كثرة ما تعد الحكومة وتسن أحدث ما تريده من القوانين بسرعة مدهشة للمصريين والعالم!، فإن قانون مقاومة الارهاب الجديد مازال من المعضلات التي تواجهها الحكومة، حتي رأت الحكومة مؤخرا - وبعد مأساة كنيسة القديسين بالاسكندرية - أن هذا القانون لا لزوم له !، وأن السذج فقط هم الذين انتظروه!، فقررت الحكومة أن تذهب اللجنة التي تشكلت لوضع القانون، والفلوس التي أنفقت عليها من بدلات أعضائها، فضلا عن السفريات التي قامت بها اللجنة إلي البلاد المتقدمة التي سبقتنا إلي وضع قوانين لمكافحة الارهاب، كل ذلك قد أصبح نسيا منسيا، وفي مدفن «الأجل غير المسمي»! ولتكتشف الملايين التي انتظرت سن القانون الجديد لمكافحة الارهاب انها قامت بدور البطولة في مسرحية حكومية - ليست ممتعة - ولا تستحق عنوانا لها «في انتظار جودو» المسرحية العبثية الانجليزية الأشهر لكاتبها «صمويل بيكسيت»، والتي ظل أبطال مسرحيته ينتظرون مجئ شخص اسمه «جودو» لتنتهي المسرحية ولا يأتي «جودو» هذا!، فقد فاجأنا مصدر حكومي مسئول أخيرا في صحيفة «المصري اليوم» يوم الأحد - 9 يناير الجاري بتأكيد أن القانون الجديد لمكافحة الارهاب «جودو» قد تأجل إلي أجل غير مسمي! وقد وجد المسئول الحكومي أنه من اللائق أن يقدم مبررا حكوميا لما قال للصحيفة مع أننا لم نعتد من الحكومة أي تبرير لما تفعل أو تقرر، فذكر أن هناك عقبات وتعقيدات وقفت أمام صياغة العديد من مواد القانون!، فضلا عن «المعارضة الشديدة للقانون من جانب قوي المعارضة حتي قبل صدوره»! فهل هناك أريحية من الحكومة أكثر من استجابتها للمعارضة في ذلك!، لكن المسئول الحكومي لم ينس أن يشيد بقانون الطوارئ الساري حاليا، فهو «يتيح مرونة كبيرة للجهات الأمنية في التعامل مع الأحداث الارهابية»!، كما نفي المسئول الحكومي أن يكون حادث كنيسة «القديسين» ما يدفع الحكومة إلي التعجيل بوضع قانون الارهاب الجديد، وعندما عرضت تصريحات المسئول الحكومي علي د.مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية وصف الوزير كل ذلك بأنه «شائعة»!، فالأهم عند الوزير - كما ذكر - الحديث عن كيفية مكافحة الارهاب حاليا، وحماية مصر من الاخطار المحيطة بها!، أما المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض فقد رأي أننا لسنا في حاجة إلي قوانين استثنائية، سواء كان قانون مكافحة الارهاب أو قوانين الطوارئ، حيث القوانين المتاحة حاليا، سواء قوانين العقوبات أو الاجراءات الجنائية فيها ما يكفي لمقاومة الارهاب»، أما الخبير الأمني المخضرم اللواء فؤاد علام فقد رأي أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي ولا القانون وحده يكفي، بل القضية سياسية واجتماعية يجب مراعاتها أولا. إلي هذا أظن أن الرؤية اتضحت الآن خفف الله عنكم عناء انتظار «جودو» - القانون الجديد لمكافحة الارهاب، تمديد العمل بقوانين الطوارئ السارية لا تحمل له الحكومة - أي حكومة تابعة للحزب الحاكم - أي هم!، فعندها أغلبيتها الجاهزة عندما يحين موعد التمديد الجديد، وفي كل الاحوال فقوانين الطوارئ أيسر كثيرا من «وجع الدماغ والصداع» الذي تجلبه القوانين الجديدة، وإلي تمديد جديد أحياكم المولي!.