في وقت من الأوقات، كنت بأقعد أفكر وأسأل نفسي: هل كل التعليم اللي اتعلمناه ده كافي للحياة اللي بنعيشها، وللمستقبل اللي مش عارفين شكله إيه؟ عارف إن الثقافة والتعليم اللي الإنسان حصله طول عمره هو ده رصيده اللي بيساعده علي مواجهة المستقبل بكل اللي فيه من مشاكل، لكن دايما بيبقي فيه قلق جوايا إن الرصيد ده مش كافي وباخاف تطلع لي رسالة: «لقد أوشك رصيدكم علي النفاد»، خصوصا لما باواجه مشكلة كبيرة أو موقف مش عارف أتصرف فيه إزاي. دايما عندي هم إن أخللي رصيدي مختلف، وبأحاول إني أواجه المستقبل مش بس بثقافتي ولا باللي اتعلمته بس، لكن بكل اللي باسمعه وبألقطه حواليا من تجارب أصحابي وحكايات أهلي ومعارفي، أو أي مواقف سمعتها أو قريتها ولسه سايبة تأثير في حياتي.. من فترة طويلة كان فيه كتاب للكاتب الكبير الراحل عبد الوهاب مطاوع اسمه «أرجوك أعطني عمرك».. في الأول لفت انتباهي الاسم علي أساس إنه كتاب رومانسي وقصص حب وكده، ومع بدايتي في القراءة اكتشفت فكرة الكتاب.. الكاتب الكبير يقصد إن كل تجربة بتحصل لحد غيرك أو موقف بتشوفه لصاحبك هو في النهاية عمر ووقت بتختصره من حياتك إنت.. يعني بتعرف إزاي هتتصرف في المستقبل لو نفس الموقف أتكرر وحصل معاك، ووقتها ده بيغنيك عن إنك تعيد نفس الخطأ اللي ارتكبه صاحبك أو قريبك تاني، ووقتها بيكون هو إدالك جزء من عمره، وإنت اتجنبت خسارة وقت مهم جدا من حياتك إنت في حاجة له. الفكرة مع أنها ممكن تكون غريبة وطريفة شوية، لكن فضلت معلقة معايا لحد دلوقتي، وكل ما يحصل لي أي خوف أو قلق من اللي جاي افتكر أن رصيدي في الحياة عمال يكبر.. لأني طول الوقت مستمع جيد لكل أصحابي ومعارفي وحريص علي مشاركتهم في كل تفاصيلهم، لأن ده في النهاية بيساعدهم وبيساعدني أنا كمان، ده غير إني بأحاول أتعلم من كل شيء حواليا حتي لو غيري بيشوفه غير مهم أو تافه، لكن في النهاية بيفضل معايا وبأحتاج له في يوم من الأيام.. عارف إني ممكن أكون شبه الراجل اللي عمال يحوش في حاجات قديمة ومش مهمة، وممكن تكون تافهة والناس كلها عمالة تتريق عليه وتستغربه، لكنه هو بس اللي عارف إزاي هيستفيد بيها، ويعمل منها في الآخر حاجة جميلة جدا تعجب الناس.. تخيلوا بقي إني بافكر أقنع بنتي تعمل الكلام ده؟!