علي طريقة (تعلم الفرنسية بدون معلم) وزعت أمانة الإعلام بالحزب الوطني.. كتيباً إرشادياً علي مرشحي الحزب في انتخابات الشوري القادمة.. بهدف تدريب المرشح علي كيفية التعامل مع الانتخابات.. فمثلاً يوصي الحزب مرشحه بضرورة أن تظهر عيناه في حالة انكسار (تصنعاً) إذا مدحه الناخبون.. حتي يعطي انطباعا بسمو أخلاقه.. والأهم أن الوطني طلب من مرشحيه عدم السماح للمنافسين باستغلال إنجازات الحزب ونسبها إليهم!!!. وإذا حاولت أن تبحث حولك في دائرتك الانتخابية عن هذه الإنجازات.. فالمؤكد أنه سوف يلتبس عليك الأمر.. وستسأل أين تقع هذه الإنجازات.. وإذا صدقت كلماتهم ووجدت إنجازا واحدا.. فسوف تكتشف أن اللافتة المعلقة علي هذا الإنجاز تحمل اسم السيد المحافظ.. أما إذا كان الوزير المسئول عن هذا الإنجاز علي علاقة طيبة بالسيد المحافظ فسوف يتعطف الأخير عليه بذكر اسمه.. ثم إن هذا الإنجاز إذا وجدته.. فسوف تنسبه الحكومة إلي نفسها وتضعه في كتيباتها الملونة التي تطبعها عن إنجازاتها كل عام.. ولن يمر هذا الإنجاز دون أن يذكره الرئيس في إحدي خطبه ثم يخرج الإعلام الرسمي بعدها ليضع هذا الإنجاز ضمن البرنامج الانتخابي للرئيس.. والمعني أن إنجازات الحزب التي يدعيها في كتيباته تم تسويقها للمواطن خمس مرات علي الأقل. ويمضي بعد ذلك الدليل ناصحا مرشحي الوطني بالتدقيق في اختيار مساعديهم.. وأن يكون من بينهم شخصيات عامة والمشاهير من رجال الأعمال والفنانين بهدف التأثير في الناخبين.. هكذا يتصور قادة الحزب. كما نصح الحزب مرشحيه بإعطاء أرقام تليفوناتهم الصحيحة (!!) للناخبين بعيدا عن الأرقام المضروبة.. مثلما يحدث في كل انتخابات.. وطالب الحزب مرشحيه بأن يسلموا بأياديهم (الكريمة) علي أكبر عدد من الناس.. ولا أدري سببا لذلك المطلب.. فهل أدرك الحزب ترفع مرشحيه عن مد أياديهم بالسلام علي الناس.. ربما!! ثم تنتقل الإرشادات الحزبية إلي مطالبة المرشحين بضرورة الاستعانة بالعمال في المناطق العمالية مثل حلوان والمحلة الكبري وكفر الدوار.. أما في المناطق الشعبية فقد طالبهم الحزب بالاستعانة بأصحاب المقاهي الشعبية ضمن فريق العمل لدورهم المؤثر في تلك المناطق.. وأكد الدليل ضرورة تمتع هؤلاء المساعدين بالسمعة الحسنة والأخلاق الحميدة (!!).. وأوصي الكتيب المرشحين بضرورة استخدام الكلمات الدارجة والأمثال الشعبية.. وعرض الحزب لأمثلة تشرح للمرشح كيفية التحدث في مختلف المواقف.. والأهم ألا ينفي المرشح مشكلة في دائرته بل عليه الاعتراف بها.. فمثلا إذا تحدث المرشح عن مشكلة الصرف الصحي فيجب أن يبدأ كلامه قائلا:(أنا شايف إن الصرف الصحي اللي بيهدد المحال والناس في لقمة عيشها.. لازم نلاقي له حلا.. وأنا مش عارف إزاي نسكت لحد دلوقتي عن المشكلة دي.. علي العموم أعمل كل جهدي إن إحنا نخلص منها نهائي علشان ما نتضرش في لقمة عيشنا).. ومثلما تري فهو تدريب عملي علي التلاعب بالكلمات دون حلول. لا أستطيع أن أمنع حزبا من طباعة كتيبات وتوزيعها علي مرشحيه كدليل استرشادي في حملاتهم الانتخابية.. لكن هل مشكلة مرشحي الوطني كانت في كيفية إدارة حملاتهم الانتخابية أم أن أصل المشكلة تكمن في أن غالبية مرشحي الحزب من الوجوه المكروهة شعبيا.. والدليل خسارة 65% من مرشحي الوطني انتخابات مجلس الشعب السابقة؟!.. ثم إذا كان الحزب قد اشترط علي مرشحيه اختيار مساعديهم من الأسماء حسنة السير والسلوك والسمعة.. أليس من باب أولي أن يطبق الحزب تلك القاعدة علي مرشحيه.. والذين خرج منهم نواب المخدرات والرصاص والهاربون من التجنيد ومهربو المحمول؟ ثم لماذا يجهد الحزب نفسه في طباعة تلك الكتيبات بينما النتيجة معروفة سلفا.. ففي الوقت الذي يبدو فيه الحزب متصنعا للديمقراطية وناصحا مرشحيه.. نجده وقد سد أبواب الترشيح علي بعض الراغبين من غير أعضاء الوطني.. منتهي الديمقراطية!!.