هكذا.. قذف الله بنا في أتون التجربة البشرية المقدسة.. وبعد أن تركنا لفترة نتخبَّط ونستكشف ونختبر طبيعة تلك التجربة .. قرر البدء في إرسال مجموعة من الرسائل المكتوبة بشفرة سرية لنا والتي لا يستطيع فك شفرتها سوي عقل فاهم وواعي.. فقط عقل فاهم وواعي.. وعندما قرر الله اختتام تلك الرسائل.. بدأ رسالته الأخيرة لنا بكلمة ذات مغزي مثل تلك .. «اقرأ».. ثم تركنا بعدها لشأننا ولتجربتنا المقدسة نخوضها حتي الرمق الأخير.. لتبدأ بعدها فترة زمنية جديدة من فترات التجربة البشرية.. فترة لا تحتوي علي رسائل مباشرة عبر أنبياء يحيون معنا أو حتي ننتظر بزوغهم من بيننا.. ولتبدأ بعدها رحلتنا نحو التعرف علي الله.. وهي الرحلة التي يسلك كل منا طريقًا خاصًا به خلالها.. البعض يختار التعرف علي نفسه أكثر كسبيل وحيد وأساسي نحو التعرف علي الله.. إذ كيف يدرك المخلوق خالقه دون أن يدرك نفسه أولاً.. وتلك هي الطريق التي سوف تفضي بك إلي التأكد من أن الله في الأساس طاقة حب.. وأنه لا ينتظر منَّا شيئًا سوي أن نحبه .. فقط أن نحبه بما يحتويه هذا الحب من التزامات وتَبعَات.. بينما يختار البعض الآخر طريقًا آخر للوصول إلي الله وهو طريق الترديد والحفظ والصم دون فهم.. وهو الطريق الذي لن يفضي بك سوي إلي عدم معرفتك لنفسك وبالتالي عدم معرفتك لخالقك.. ولأن عدم المعرفة لن تفضي سوي إلي المجهول، لهذا .. ودون أن تشعر سوف تجد نفسك في مواجهة خالقك «خائفًا منه» بدلاً من أن تكون «مُحبًا له».. لينتهي بك الحال سائرًا في الشارع آخر الليل سكران وضائع ومحبط وبتطوح.. وأنت تخاطب السماء - مثل «عدلي» أو العظيم والأيقونة الفنية «محمود حميدة»- .. «أنا بعد العمر دا كله .. اكتشفت إني ما أعرفكش .. أنا أعرف شوية فرائض وأوامر ونواهي.. لكن ما أعرفكش.. كل الناس دول بيتكلموا عنك.. بس ما يعرفوكش»!