الوطنية للانتخابات: مشاجرة بين أنصار مرشحين في إسنا    إعادة تخصيص قطعة أرض لاستخدامها في إقامة مشروعات تنموية بالقاهرة    طرح 25 ألف وحدة سكنية عبر منصة مصر العقارية.. الأحد المقبل    "الزراعة" تستعرض أنشطة المركزي لمتبقيات المبيدات خلال أكتوبر    مشاورات مصرية - سودانية لبحث العلاقات الثنائية وجهود احتواء الأزمة    شاهد البث المباشر لمباراة السعودية ومالي في كأس العالم تحت 17 عامًا اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    إعلامي يكشف حقيقة معاقبة زيزو بسبب نائب رئيس الزمالك    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    مصرع أم بطلق ناري خرج من سلاح ابنها أثناء العبث به في شبرا الخيمة    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    امبابة تودع إسماعيل الليثي في جنازة مهيبة.. نجوم الغناء الشعبي يشاركون في وداعه    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تحتفل بفوز الكاتب إبراهيم نصر الله بجائزة نيوستاد الدولية للأدب    الأزهر للفتوي: إخفاء عيوب السلع أكلٌ للمال بالباطل.. وللمشتري رد السلعة أو خصم قيمة العيب    صدام بين ترامب وحليفته الجمهورية "مارجوري تايلور جرين" بعد زيارة الرئيس السوري للبيت الأبيض    مجلس الشباب المصرى لحقوق الإنسان يدعو المواطنين لاستكمال المشاركة بالانتخابات    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    في واقعة الشاب المصفوع.. عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    علي ماهر: فخور بانضمام سباعي سيراميكا للمنتخبات الوطنية    محمد عبد العزيز: صناع البهجة يُكرَّمون ثم تُتجاهل أفلامهم    بعد الأزمة الصحية لمحمد صبحي.. شقيقه: وزير الصحة تواصل مع أبنائه لمتابعة حالته (خاص)    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    التجاري الدولي ومؤسسة إبراهيم بدران يحتفلان بافتتاح عيادة الأسنان المتنقلة ضمن مشروع "أطفالنا مستقبلنا"    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    تحرير 110 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    رئيس مياه القناة يتابع سير العمل بمحطات وشبكات صرف الأمطار    الجيش السودانى يتقدم نحو دارفور والدعم السريع يحشد للهجوم على بابنوسة    إحباط من المقربين.. حظ برج الدلو غدًا 12 نوفمبر    إقبال كثيف على جميع لجان الاقتراع فى انتخابات النواب بالإسكندرية.. فيديو    «سنة و50 يومًا» يحتاجها زائر المتحف المصري الكبير لمشاهدة كل القطع الأثرية المعروضة (تحليل بيانات)    اجتماع تنسيقي بين الأهلي وسموحة لترتيبات سوبر اليد    أوباميكانو: هذا الثلاثي أسهم في نجاحي    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    تاريخا جديدا بهتاف تحيا مصر فى أول مشاركة برلمانية بأكتوبر.. فيديو وصور    برشلونة يرد على اتهامات الاتحاد الإسبانى بشأن أزمة لامين يامال    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    وفد من جامعة الدول العربية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    رحلات تعليمية وسياحية لطلاب المدارس بالشرقية    «العمل» تستجيب لاستغاثة فتاة من ذوي همم وتوفر لها وظيفة    «أنا مش العقلية دي».. ياسر إبراهيم يرفض الاعتراض على قرار حسام حسن    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    غزة على رأس طاولة قمة الاتحاد الأوروبى وسيلاك.. دعوات لسلام شامل فى القطاع وتأكيد ضرورة تسهيل المساعدات الإنسانية.. إدانة جماعية للتصعيد العسكرى الإسرائيلى فى الضفة الغربية.. والأرجنتين تثير الانقسام    طن عز الآن.. سعر الحديد اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 أرض المصنع والسوق    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    تأكيد مقتل 18 شخصا في الفلبين جراء الإعصار فونج - وونج    تحديد ملعب مباراة الجيش الملكي والأهلي في دوري أبطال أفريقيا    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عيسى يكتب: عَبْد اللهِ بْن سَعْدِ بْنِ أبى سرح «3»
نشر في الدستور الأصلي يوم 11 - 08 - 2013

لعَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ دور كَبِير فِى ولاية عُثْمَان بْن عَفَّانَ خلافة المُسْلِمِين، وكان هَذَا يبدو دائمًا كما لو أن عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ يردُّ دَينًا لعُثْمَان بْن عَفَّانَ، والعكس بالعكس، أي كَمَا لو أنَّ عُثْمَان يردُّ دَينًا لعَبْدِ اللهِ بْن سَعْد، وانْتَهَى الأمر إِلَى أن أرسل عُثْمَان بْن عَفَّانَ إلى عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ يولِّيه على مصر كلِّها وعزل عَمْرو بْن الْعَاصِ، وبعدما تَوَلَّى عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ مصر انتقد عُثْمَان بْن عَفَّانَ عَمْرو بْن الْعَاصِ فِى لقاء لَهُ بالمَدِينَة المُنَوَّرَة فقال لَهُ: «مِصْرُ دَرَّت بَعدَك ألبانها»، فردَّ عَمْرو بْن الْعَاصِ، داهية العرب والسِّيَاسِىّ المحنك: «ذَلِكَ لأنَّكُم أعجَفَتْكُم أولادُهَا»، ويؤكد بعض المؤرخين أن عُثْمَان بْن عَفَّانَ ولَّى عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ حكم مصر لأَنَّهُ أسهل كثيرًا جدًّا فِى السيطرة عَلَيْهِ من عَمْرو بْن الْعَاصِ الَّذِى كَانَ قامةً كَبِيرة، ومن الصعب قيادته، فهو موهبة كَبِيرة فِى السياسة، ويحتلّ منصبًا كَبِيرًا هو حُكْم مصر، فعُثْمَان بْن عَفَّانَ ارتضى ذَلِكَ لإخلاص عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ لَهُ، فهو لاَ يمكن أن ينسى يده الَّتِى استأمَنَتْهُ عند رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أيضًا كَانَ عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ من الَّذِينَ شاركوا فِى دعم وترشيح عُثْمَان بْن عَفَّانَ لمقعد الخِلاَفَة عِنْدَمَا أشار على عبد الرحمن بْن عوف أن يختاره خليفةً لعُمَر بْن الْخَطَّابِ فقال لَهُ: «بايع عُثْمَان وهَذَا ما سيجعلك تحصل على تجارة قريش كلها»، ولم يكتفِ عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ بأَنْ يَكُونَ حاكمًا لمصر فقط، لكنه استطاع أيضًا أَنْ يَكُونَ فاتحًا لإِفْرِيقيا.
عِنْدَمَا استقرّ المقام بعَبْد اللهِ بْن سَعْدِ بْنِ أبى سرح فِى مصر واستتبَّت لَهُ الأمور كتب إلى عُثْمَان بْن عَفَّانَ يخبره أن إِفْرِيقيا بلاد قريبة، واستأذنه فِى فتحها، فشاور عُثْمَان مجموعة من الصَحَابَة فأشار معظمهم بالإقدام على غزو إِفْرِيقيا، ودعوة أهلها إِلَى الإِسْلاَم، فجهَّز عُثْمَان بْن عَفَّانَ العساكر من المَدِينَة، وأمد عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ بجيش قوى جدًّا، وقوته أنه سُمِّىَ بجيش العبادلة لتضمُّنه مجموعة كَبِيرة من أبناء الصَحَابَة الذين يُسَمَّوْنَ عَبْدَ اللهِ، منهم عَبْد اللهِ بْن عباس، وعَبْد اللهِ بْن عُمَر بْن الْخَطَّابِ، وعَبْد اللهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ، وعَبْد اللهِ بْن الزُّبَير بْن العوام، وعَبْد اللهِ بْن جعفر، والحسن والحسين، وكان قوام الْجَيْش عشرين ألفًا، وفتحوا إِفْرِيقيا، وانضم إليهم فِى هَذَا الْفَتْح عقبة بْن نافع.
حدث تمرُّد ضدَّ عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ بعد فتح إِفْرِيقيا بفترة قصيرة، لأَنَّهُ قرّر أن يأخذ ثلث الغنائم، وَهُوَ ما أقرَّه عَلَيْهِ عُثْمَان بْن عَفَّانَ على مدى السنة وثلاثة الأشهُر الَّتِى استغرقها فِى فتح إِفْرِيقيا، إلا أن القادة المشاركين لَهُ رفضوا، وغضبوا، وعتبوا، ولاحقوا عُثْمَان بْن عَفَّانَ وعبد اللهِ بْن سعد، وانْتَهَى الأمر إِلَى أن سحب عُثْمَان بْن عَفَّانَ موافقته على أن يأخذ عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ ثلث الغنائم، وعاد عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ إِلَى مِصْرَ ليحتفظ -كما تَقُول كتب التُّرَاث- بدارٍ كَبِيرة أسماها قصر الجنّ، والحَقِيقَة أن هَذِهِ الدار أثارت كثيرًا من اللغط لدرجة أنه عِنْدَمَا سأل عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ المقدام رأيه فِى تِلْكَ الدار قَالَ لَهُ: «إن كنت بنيتها من مالك فقد أسرفت، وإن كنت بنيتها من مال المُسْلِمِين فقد أفسدت»، والحَقِيقَة أنه كَانَ قد أفسد بالفعل وبناها من مال المُسْلِمِين، لكنه اكتشف أنه لكى يهدمها فسوف يكون الأمر لَهُ مضارُّ كثيرة، فانْتَهَى الحال بِهِ إِلَى أن أبقى على القصر، وكان هَذَا إحدى العلامات المؤشِّرة على ما حدث فِى ولاية عُثْمَان بْن عَفَّان، وما طرأ على ولاته من بناء القصور الفخيمة لدرجة أن المَدينة المنورة فِى عصر عُثْمَان بْن عفان عرفت بالقصور الفخيمة.
كَانَ عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ أحد أَبْطَال مَعْرَكَة ذَات الصَّوَارِى أيضًا، وَهِىَ مَعْرَكَة شهيرة ومُهِمَّة بين المُسْلِمِين والرُّوم، واستخدم فِيهَا الرُّوم 600 مركب، بينما استخدم المسلمون 200 مركب فقط بقيادة عَبْد اللهِ بْن سَعْد، وكانت فكرة أن يخوض المسلمون حربًا عبر البحار مسألة صعبة جدًّا، وغريبة على العقل العَرَبِىّ، وانتصر عَبْد اللهِ بْن سَعْدِ بْنِ أبى سرح فِى مَعْرَكَة ذَات الصَّوَارِى، وَهِىَ مَعْرَكَة فائقة الخطورة وذَلِكَ لاشتباه مراكبه مع مراكب الرُّوم، واستطاع جُنُوده أن يخلِّصوه من الفخ الَّذِى وقع فِيهِ، لكنّ فخًّا آخر كَانَ ينتظر الجميع، ففى تِلْكَ الفترة قامت على عُثْمَان بْن عَفَّانَ ثورة هائلة بديلة من مصر الَّتِى كَانَ يحكمها عَبْد اللهِ بْن سَعْد، حَيْثُ كَانَت هُنَاك معارضة ضخمة، وثورة على عَبْد اللهِ بْن سَعْد، فاستدعاه عُثْمَان بْن عَفَّانَ.
فِى هَذِهِ اللحظة التَّارِيخِيَّة ظهر اسم مُحَمَّد بْن أَبِى حُذَيْفَة، وَهُوَ ابْن عَمّ عُثْمَان بْن عَفَّانَ ومن عائلته وأقاربه، فضلا عن أنه كَانَ من الَّذِينَ أحسن إليهم عُثْمَان بْن عَفَّانَ وولّاه ما لاَ يستحقّ بشهادة الجميع، ومع ذَلِكَ شارك مُحَمَّد بْن أَبِى حُذَيْفَة فِى دفع المُسْلِمِين إِلَى السفر إِلَى المَدِينَة وحِصَار عُثْمَان بْن عَفَّانَ وقتله.
عِنْدَمَا عَلِمَ عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ بمشاركة مُحَمَّد بْن أَبِى حُذَيْفَة فِى ذَلِكَ، وإِرْسَاله مجموعة المِصْرِيِّينَ للثورة فِى المَدِينَة، كَانَ عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ محتارًا؛ هل يرجع إِلَى مِصْرَ فيقع فِى فخٍّ مع مُحَمَّد بْن أَبِى حُذَيْفَة، أم يذهب إِلَى المَدِينَة المُنَوَّرَة ويلجأ إلى عُثْمَان بْن عَفَّانَ المحاصر، فكان قراره السفر إِلَى المَدِينَة، لكن عُثْمَان كَانَ قد قُتل، فحاول أن يرجع إِلَى مِصْرَ، لكن مُحَمَّد بْن أَبِى حُذَيْفَة منعه من دخول الفسطاط ومصر كلها، فهرب عَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ إِلَى عسقلان وأقام بها حَتَّى وصل خبر مقتل عُثْمَان بْن عَفَّانَ وما تلا ذَلِكَ من أحداث. كَانَ السبب فِى طرد مُحَمَّد بْن أَبِى حُذَيْفَة لعَبْد اللهِ بْن سَعْدٍ من مصر أنه كَانَ يطمح إلى حكم مصر بدلا مِنْهُ. وقيل إن عَبْد اللهِ بعد أن تَوَضَّأ ذات يوم فِى عسقلان، ثم صلَّى الصبح فارقت روحه جسده إِلَى بارئها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.