التصعيد الذى تمارسه جماعة الإخوان المسلمين خلال الأيام الماضية، دليل على أن الجماعة فقدت القراءة الصحيحة للواقع، وتقدير خاطئ للوضع السياسى حاليا. مظاهرات الجماعة وأنصارها من الأحزاب الإسلامية أمس جاءت لتؤكد أن الجماعة فى الرمق الأخير لها، وأن تصعيدها خلال الأيام القليلة الماضية واستخدام أساليب احتجاجية جديدة عليهم من غلق للشوارع والكبارى الرئيسية ومحاولة تصوير البلاد وكأنها فى حالة من الفوضى، يهدف لمزيد من الضغط على الدولة ومحاولة لخلق ظرف جيد للتفاوض معهم. ويسعى الإخوان خلال تلك الدعوات لبعث عدد من الرسائل لأكثر من جهة داخليًّا وخارجيًّا، فالجماعة تريد أن تزيد من حماس قواعدها لمزيد من الحشد بالقاهرة على أمل أن الأزمة فى طريقها إلى الحل، لكن لا بد من الضغط على النظام القائم، وإن كان هدفهم الآخر هو استمرار الحشد خصوصًا الاعتصام بميدان رابعة العدوية لحماية قيادات الجماعة المختبئة داخله، وتصوير الأمر للغرب على أن هناك مؤيدين للمعزول محمد مرسى فى الشوارع بالقاهرة والمحافظات، الرسالة الثانية للغرب، مفادها أن الإخوان قادرون على خلق حالة من الفوضى فى المنطقة كلها، ولا بد من التدخل بالضغط على القوات المسلحة المصرية لإعادة مرسى إلى الحكم مرة أخرى، وإلا ستستمر الفوضى بما يؤثر على مصالح الغرب فى المنطقة كلها. المؤتمر الصحفى الذى أعلن عن خريطة مسيرات الإخوان أمس، أعلن فيه عن خروج المتظاهرين من 18 مسجدًا بمناطق مختلفة من القاهرة والجيزة، وجاء بالخريطة أسماء عدد من المساجد لم تشهد أمس خروج سوى عشرات من المصلين، لكن كان الهدف من الإعلان أن يكون هناك عدد كبير من المساجد يتم الإعلان عن خروج المظاهرات منه بما يوحى بأن هناك ملايين سيشاركون فى تلك المظاهرات.
المشاركون فى المؤتمر الصحفى الذى عقد فى ميدان رابعة العدوية مساء الخميس، أن كل المحافظات ستشارك فى مظاهرات «الإصرار» لكن بقى أن عدد من شاركوا فى مظاهرات أمس هم نفس الأعداد تقريبا التى تشارك فى كل الفاعليات الأخرى التى سبق ودعت لها جماعة الإخوان المسلمين منذ سقوط محمد مرسى، ومن الطبيعى أن المشاركين فى مظاهرات الإخوان ليسوا بالطبع جميعهم من الجماعة، إنما بينهم سلفيون وجهادون وتكفريون، يعتقدون أن الأزمة الحالية ضد الإسلام وليس ضد فشل جماعة الإخوان المسلمين التى فشلت فى إدارة البلاد خلال الفترة الماضية. الكثير من المشاركين فى مظاهرات أمس أيضا هم من تلك الجماعات التى يتم حشدهم من المحافظات، وهو ما أظهر ضعف تجمعات الإخوان فى المحافظات، وكان لهذا الحشد أثره الكبير على المظاهرات التى نظمها الإخوان بالقاهرة والجيزة والإسكندرية، وهى المحافظات التى سيوجد بها الإعلام الغربى الذى توجه إليه الجماعة نظرها، أما فى المحافظات الأخرى فلم يتم تسجيل أعداد كبيرة فى أى مظاهرات مؤيدة للمعزول بأى محافظة.