لمدة 6 ساعات خطة انقطاع المياه اليوم في محافظة الدقهلية    مجلس النواب الأمريكي يصوّت بالأغلبية لصالح إلغاء قانون عقوبات "قيصر" ضد سوريا    لحظة استيلاء القوات الأمريكية على ناقلة نفط أمام سواحل فنزويلا وترامب: سنحتفظ بالحمولة (فيديو)    مسؤول سعودي: نطالب بخروج قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من حضرموت والمهرة    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    خريطة برلمانية جديدة بانتظار حكم «الإدارية العليا» في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    فنزويلا تتهم الولايات المتحدة ب"السرقة الصارخة" بعد مصادرة ناقلة نفط في الكاريبي    ناسا تفقد الاتصال بالمركبة مافن التي تدور حول المريخ منذ عقد    التعاون الإسلامي تدين خطط الاستيطان الإسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية    قرار جديد ضد المتهم بالتحرش بفنانة شهيرة في النزهة    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    أول قرار ضد مضطرب نفسي تعدى على رجال الشرطة لفظيا دون سبب بمدينة نصر    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    مراكز الإصلاح والتأهيل فلسفة إصلاحية جديدة.. الإنسان أولًا    أحمد مراد يعتذر عن تصريحه الأخير المثير للجدل عن فيلم الست    رفض الأسلوب المهين من ضابط وإعطاء مفتاح سيارته له ..وفاة شاب تحت التعذيب بقسم شرطة ثالث المحلة    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    عاجل - قرار الاحتياطي الفيدرالي يخفض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس في ثالث خفض خلال 2025    اسعار الفاكهه اليوم الخميس 11ديسمبر 2025 فى المنيا    لماذا تجدد أبواق السيسى شائعات عن وفاة مرشد الإخوان د. بديع بمحبسه؟    "شغّلني" تُطلق مشروع تشغيل شباب الصعيد بسوهاج وقنا    خالد أبو بكر يشيد بجهاز مستقبل مصر في استصلاح الأراضي: سرعة العمل أهم عامل    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    أرسنال يسحق كلوب بروج بثلاثية خارج الديار    يوفنتوس ينتصر على بافوس بثنائية نظيفة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11ديسمبر 2025........مواعيد الأذان في محافظة المنيا    سلمان خان وإدريس إلبا وريز أحمد فى حفل جولدن جلوب بمهرجان البحر الأحمر    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    الرفق بالحيوان: تخصيص أرض لإيواء الكلاب الضالة أحد حلول انتشار هذه الظاهرة    منتخب مصر يواصل تدريباته بمركز المنتخبات الوطنية استعدادا لأمم إفريقيا (صور)    رودريجو: ليس لدي مشكلة في اللعب على الجانب الأيمن.. المهم أن أشارك    كرة طائرة - خسارة سيدات الزمالك أمام كونيجيليانو الإيطالي في ثاني مواجهات مونديال الأندية    البنك المركزي: معدل التضخم الأساسي السنوي يسجل 12.5% في نوفمبر 2025    "امرأة هزت عرش التحدي".. الموسم الثاني من مسابقة المرأة الذهبية للمركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة    حقيقة منع شيرين عبد الوهاب من رؤية ابنتيها وإفلاسها.. ما القصة؟    "جنوب الوادي للأسمنت" و"العالمية للاستثمار" يتصدران ارتفاعات البورصة المصرية    القبض على شخص اقتحم مدرسة بالإسماعيلية واعتدى على معلم ب "مقص"    المتهم بتجميع بطاقات الناخبين: «كنت بستعلم عن اللجان»    4 فوائد للملح تدفعنا لتناوله ولكن بحذر    أعراض اعوجاج العمود الفقري وأسبابه ومخاطر ذلك    معهد التغذية يكشف عن أطعمة ترفع المناعة في الشتاء بشكل طبيعي    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    البابا تواضروس يهنئ الكنيسة ببدء شهر كيهك    ارتفاع الأسهم الأمريكية بعد قرار مجلس الاحتياط خفض الفائدة    هجوم جوي مكثّف.. أوكرانيا تطلق نحو 300 مسيّرة باتجاه الأراضي الروسية    مستشار وزير الثقافة: إدارج "الكشري" في قائمة تراث اليونسكو يمثل اعترافًا دوليًا بهويتنا وثقافتنا    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال في رفح جنوب قطاع غزة    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    ضبط شاب ينتحل صفة أخصائى علاج طبيعى ويدير مركزا غير مرخص فى سوهاج    ساوندرز: ليفربول ألقى صلاح تحت الحافلة؟ تقاضى 60 مليون جنيه إسترليني    الأرقام تكشف.. كيف أنقذ صلاح ليفربول من سنوات الفشل إلى منصات التتويج.. فيديو    ترامب: الفساد في أوكرانيا متفشٍ وغياب الانتخابات يثير تساؤلات حول الديمقراطية    "الصحة" تكشف عن الفيروس الأكثر انتشارا بين المواطنين حاليا    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كُتَّاب عرب يكتبون عن الإخوان في مصر
نشر في الدستور الأصلي يوم 13 - 07 - 2013

عبد الله الهدلق جريدة «الوطن» الكويتية يكتب: كم من الجرائم يُرتكب باسمك أيها الدين!

استوحى كثيرون من أصداء المقولة التى انتشرت ابَّان الثورة الفرنسية «كم مِن الجرائم ترتكب باسمك أيتها الحرية؟» استوحوا صرخة مماثلة مفادها «كم من الجرائم ترتكب باسمك أيها الدين؟» بعد أن لم يعد مقبولا غض الطرف عن تلك الجرائم التى تجاوزت حد الحماقات والأخطاء إلى جنايات مرعبة تتستر بالدين، وتشوه صورته بعد تغليفها بغلاف الجهاد، واستغلالها فى صراعات سياسية وتأملوا معى ما تقترفه تنظيمات إرهابية مثل «حزب الله» و«حماس» و«حزب الدعوة» و«جيش المهدى» و«الحرس الثورى الفارسى» و«النظام البعثى النصيرى» وغيرها من تفجير سيارة مفخخة أو حزام ناسف باسم «الدين والجهاد» فى مسجد أو كنيسة أو مدرسة أو سوق أو حافلة ركاب أو حشد رياضى، كما أن هؤلاء الإرهابيين يمطرون المصلين بالرصاص فى دور العبادة، ويهاجمون المدارس والنوادى وحافلات السائحين، ويعدمون الأبرياء من العرب كما يفعل النظام الفارسى الفاشى الزرادشتى فى بلاد فارس «إيران»، وكما قتلت التنظيمات الإرهابية الآلاف فى تفجير مركزى التجارة فى نيويورك.

ثم ها هو «حزب الله» «الإرهابى الفارسى يتاجر بالمخدرات باسم الدين، وينشرها بين أتباع الديانات والمذاهب الأخرى لكونهم «كفارا»! وفق معتقداته، ويقترف أتباعه هجمات إرهابية انتحارية وجرائم قتل منكرة متسترين ب«الدين» و«الجهاد» و«المقاومة»! وقد حرّمت كل الأديان قتل النفس البريئة، وساوت بين قتل إنسان واحد وقتل الناس جميعا، كما جاءت تلك الأديان السماوية بالرحمة والعدل والمساواة والسلام، ويستغل الإرهابيون سمو الأديان من أجل اقتراف الجرائم المنكرة والجنايات الشنيعة مسيئين بذلك إلى الأديان السماوية وأتباعها.

يجب على الحكومات ومؤسسات المجتمع المدنى وعلماء الدين التحرك السريع ضد ذلك الاستعمال الظالم الجاهل للدين، وضد الذين يفترون على الله الكذب، فيدفعون بذلك الشباب المتحمس ليخالفوا مقاصد الأديان، ويقترفوا جرائم لا تقبلها الأديان ولا تقرّها الشرائع السماوية، كما تجب إدانة كل ما يرتكب باسم الدين من جرائم وجنايات أو فتن مذهبية أو طائفية أو تشكيك للناس فى طهارة الأديان وروعة قيمها، مما يجعل الآخرين يشمئزَّون وينفرون مما يرتكب ظلما وعدوانا باسم الأديان.

لا نعوِّل كثيرا على رجال الدين المتزمتين والمتطرفين والمتخلفين، لأنهم متوطون فى تلك الجرائم والجنايات، بتغريرهم بالشباب التائهين واستغلال براءتهم ونقاء سريرتهم، لكننا نعوّل على أخيار علماء الدين وعقلائهم ليحاربوا ذلك الوباء المستشرى الذى يحصد أرواح الأبرياء باسم الدين، ويشوه صورة الدين الوضاءة المشرقة.

«لن تجرؤ أمريكا على قطع المساعدات عن مصر»

تُلوِّح إدارة باراك أوباما الفاشلة بقطع المساعدات العسكرية الأمريكية عن مصر لأن الجيش المصرى -كما تزعم تلك الإدارة- أزاح بالقوة «حكومية منتخبة ديمقراطيا!» من السلطة، وسعى لإعادة النظام التسلطى الذى حكم مصر!، لكن أمين عام المستثمرين العرب والمشرف على مشروع المشاركة المصرية الأوروبية السفير جمال بيومى تحدى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية أن تقطع المساعدات عن مصر استنادا إلى الحقائق التالية:

■ تصل المساعدات الأمريكية إلى «200» مليون دولار تقابلها صادرات أمريكية إلى مصر تصل إلى أكثر من «12» مليار دولار، أى أن الدولار الأمريكى يقابله مكسب «60» دولارا لأمريكا.

■ يقابل كل يورو مساعدات من أوروبا استيراد مصرى يصل إلى «100» يورو من أوروبا.

فكيف يمكن أن تضحى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بمصالحها وتجازفان بقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر؟!

وقد تمنح الإطاحة بحكم «الإخوان المجرمين» لمصر أفضل فرصة لمصر منذ ثورة «2011» لحل مشكلاتها الاقتصادية ووقف انحدار العملة، وهروب رؤوس الأموال وإصلاح الوضع المالى المتردى من قبيل الاحتياطات الأجنبية المنخفضة وعجز الميزانية المتضخم والبطالة المرتفعة، وجاء جزء كبير من الاضطرابات والمشكلات الاقتصادية تحت حكم «الإخوان المفسدين» نتيجة لانعدام خبرتهم، وقد نفدت السيولة لدى حكومة «مرسى» بسبب الدعم الباهظ للأسعار الذى التهم أكثر من 25٪ من الإنفاق الحكومى، وأدت أزمة السيولة إلى قطع التيار الكهربائى، والوقوف طوابير طويلة أمام محطات الوقود، وهو ما أجج الغضب الشعبى من حكم «الإخوان المفلسين».

وقد ينقذ الوضع المالى المتردى إنفاذ الحكومة الجديدة لاتفاق قرض بقيمة «5» مليارات دولار مع صندوق النقد الدولى، كانت الحكومة السابقة قد اتفقت عليه مبدئيا فى نوفمبر 2012 لكنها لم تنجزه، فهل يقبل صندوق النقد الدولى بإنفاذ ذلك الاتفاق أم يتردد ليتفادى الظهور بمظهر المؤيد للتغيير السياسى فى مصر؟!

صالح الديوانى جريدة «الوطن» السعودية يكتب: الإخوان.. حسبوها غلط

أظهر «الإخوان» الإسلام فى الشكل الغائر فى «البراجماتية»، والإسلام لا يمكن أن يكون براجماتيًّا مطلقًا، لجماعية روحه ودعوته العالمية، لكنها جماعة عزلت نفسها عن كل شرائح مجتمعها.

أتساءل الآن ما الذى يفكر فيه الرئيس المصرى المعزول (محمد مرسى العياط)، وهو الذى كان قبل عزله بأيام وساعات معدودة رئيسًا كامل الصلاحيات لأرض الكنانة التاريخية، وهل يشعر بالندم على تفويته لفرص الالتقاء الكثيرة بالمعارضين لسياسته، التى طُرحت على طاولته من مختلف الوسطاء؟ هل يلوم نفسه على أسلوب ونوعية خطابه الإقصائى لما نسبته 48.27% من الشارع المصرى! أم أنه ما زال يراهن على موقف الديمقراطيين الأميركيين الداعم له، وصوت رابعة العدوية المتواضع مقارنة بهدير ميدان التحرير؟ أسئلة عديدة تبحث عن إجابات لن يجيب عنها سواه، على الرغم من حسم شارع المعارضة الذى يحظى بتعاطف الجيش المصرى للأمر، وهو ما تفصح عنه النتائج على الأرض.

مرسى الذى حاول جاهدًا تقديم نفسه للجمهور كخليفة عربى جديد للمسلمين، لم يكن يحمل الكاريزما اللازمة لإتمام ذلك، فهو لا يتمتع بالصفات القيادية النوعية، التى تدل على شخصية القائد الحقيقى، وظهر أقل قدرة بفكره وثقافته وإمكاناته السياسية المحدودة من مقعد الرئاسة، وكشفت الأشهر الأولى من رئاسته تخبطاته السياسية بدءًا بفرضه للدستور الجديد وانتهاءً بتوزيع مناصب الدولة، على أصحاب الانتماءات الحزبية والفكرية (الإخوانية) لا على أساس الكفاءة الإدارية! كما أن مطولات خطبه الحماسية الصوتية، بدت «مملة» بتكرار المفردات والجمل والمحاور! ودليلًا آخر على محدودية الرؤية السياسية وأبعادها الجماهيرية الشعبية. وكنت أشفق على مصر والمصريين، كلما قام مرسى خطيبًا فى الجموع أو متحدثًا لوسائل الإعلام! لأن بلدًا عظيمًا مذهلًا وتاريخيًّا كمصر، لا يمكن إدارته برؤية أحادية لا تراعى تنوعه الفكرى والدينى والثقافى. ففى الوقت الذى كان يتوجب عليه فيه البدء بالعمل على ترتيب البيت المصرى من الداخل أولًا، كتقديم مشروع وطنى توافقى مع الأجنحة السياسية الأخرى مثلًا، يحقق من خلاله توازنًا مطلوبًا وملحًّا، يضمن له على الأقل أرضية عمل صلبة ومنطقية لترجمة أحلام ثورة 25 يناير 2011م المصرية، والشروع فى تدشين دولة القانون والمجتمع المدنى، لتكون مصر مثالًا عربيًّا رائدًا كعادتها، إلا أنه كان يفاجئنا بمواصلة مواجهة وتحدِّى خصومه بعناد وبرود شديدين! ومثل هذه الخطابات السياسية تناسب أصحاب الأملاك والعزب والأطيان، ولا يمكن، منطقًا، أن تكون مقبولة من رئيس دولة إلى شعب وشركاء.

خطب مرسى وتحدث إلى الأمة المصرية أكثر مما فعل، وهدم صورة الإخوان فى عام واحد، وهو ما لم يستطِع تحقيقه خصوم الإخوان أنفسهم، وهذا ربما سيذكره له التاريخ المصرى.

مرسى خلال سنة واحدة، كان ممثلًا لفكر جماعة الإخوان، وقدم أنموذجًا لفكرهم السياسى، وأتوقع أن العالم يسخر من الطريقة العجيبة التى أدار بها الإخوان الأمور فى دولة بحجم مصر فى «سنة أولى حكم»، فقد أثبت الإخوان أنهم أقل بكثير من مهمة كهذه، ولم ينجحوا فى ذلك بقدر فشلهم فى ترجمة «مشروع النهضة الشاملة» الوهمى! وأحد الشعارات التى خطفوا بها كثيرا من عقول المصريين. وفى تصوُّرى أن الإخوان حتى وهم يحكمون، لم يصدقوا ما حدث، لذلك جاءت خطاباتهم منفعلة ومتغطرسة، واحتاروا فى كيفية إيجاد مخارج منطقية لإعلاناتهم الإصلاحية تلك، مهما حاولوا تزييف الأمور للجمهور، والواضح أن أكثر منجزات حكم الإخوان لمصر خلال سنة وضوحًا وتأثيرًا، تمثلت فى: تقسيم الأمة المصرية إلى «مسلمين وكفار»، وهو ما لم يحدث تاريخيًّا مثلما يحدث الآن فى الشارع المصرى، وظهور لغة التكفير وفكره التصنيفى الإقصائى بطريقة مقززة، وارتفاع معدلات السباب واللغة الهابطة التى تلقتها آذان الجمهور!

تاريخيًّا يُعتبر قادة الإخوان الحاليون من الجيل الثانى لجماعة الإخوان، وهذا الجيل نشأ على فكر سيد قطب الإقصائى، الذى بُنى كثير منه نتيجة المواجهة بينهم وبين جمال عبد الناصر، ومن ثَم فقد أفرزت تلك المرحلة جيلًا آخر يحمل فكرًا إخوانيًّا جديدًا، انخرط فى الحياة الاجتماعية العامة على طريقته، بدلًا من الحياة السياسية، نتيجة منعه من تأسيس حزب سياسى، لكنه مارس العمل السياسى سريًّا، وحين سنحت الفرصة لإطلاق فكرهم السياسى، لم يكونوا قادرين على التخلص من هاجس السيطرة وفكرة المؤامرة، وفات عليهم فهم طبيعة المجتمع المصرى الجديد، الذى تغيرت ملامحه وطرق تفكيره عن السابق كثيرًا، وقد دلل على ذلك اختلاف الخصم وأدواته، فاليوم يواجهون المجتمع لا الحكومة.

لقد أظهروا الإسلام فى الشكل البراجماتى الغائر فى الفكرة البراجماتية، والإسلام لا يمكن أن يكون براجماتيًّا مطلقًا، لجماعية روحه ودعوته العالمية، لكن ذلك التوجه هو توجه جماعة تعزل نفسها عن كل شرائح المجتمع، لا توجه جماعة الأمة الواحدة.

نحن فى الجزيرة العربية لم نكُن نعرف المصرى إلا أنه مصرى فقط، ويا له من لقب فخم أن تكون مصريًّا، أما اليوم فقد خلق الإخوان فى مصر تسميات التصنيف الجديدة العنصرية (مصرى مسلم، ومصرى مسيحى قبطى)! وهذا شق خطير لبنية المجتمع المصرى غير مسبوق، يعيدها قرونًا إلى الخلف، فمصر على مر التاريخ لم تهتم بمثل أطروحات مُفرقة كهذه، التى يحاول الإخوان جرها إلى مربعهم الفكرى الإقصائى التصنيفى، ولأن منجز الثورة المصرية أساسًا لم يكن منجزهم على الإطلاق، فقد غابت عنهم أهداف وروح وطموح تلك الثورة العملاقة، واعتقدوا أنهم بوصولهم إلى سدة الحكم قد قبضوا على سلطة القرار كله، ففاجأهم الشعب بهديره العظيم: «نحن هنا».

هدى الحسينى جريدة الشرق الأوسط يكتب: مصر.. الإخوان ليسوا الحل وقلق العسكر على سيناء

يدرك الإخوان المسلمون أن اللعبة سياسيا انتهت، وما عليهم بالتالى سوى التحريض على العنف والمواجهات كى تكبر الأمور وتتطور. لأنه ليس عندهم ما يخسروه، خصوصا أنهم جعلوا من مصر دولة فاشلة، حيث الاقتصاد العصب الأساسى فى حالة انهيار. لم يكن همهم الفرد المصرى أو الدولة المصرية، كان هدفهم الأمة إذ عندما يسيطرون على الدول النفطية يبدؤون التفكير سياسيا واقتصاديا. ظهر هذا جليا فى «الخطبة» المطولة التى ألقاها المرشد محمد بديع، معتمدا على الآيات القرآنية وعلى التحريض وعلى عبارة «باطل» التى تلهب جمهوره. لم تكن هناك إشارة إلى مفهومه السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى للوضع وهو بمنزلة «الأخ المرشد» الذى كان يلجأ إليه الرئيس محمد مرسى لحل كل الأزمات. وكان الحل أن يركز مرسى على عناده، وعلى «الشرعية» وكأنها تجلب الحل السحرى. تركة «الإخوان» فى مصر هى الانقسامات الاجتماعية والسياسية المتفجرة.

لم يبالِ أنهم حولوا مصر، دولة السبعة آلاف عام حضارة التى كانت وبشكل واضح الرائدة فى العالم العربى، إلى دولة تنزف فقرا وجوعا وخوفا من المجهول. ما جرى فى مصر الأسبوع الأخير حولها إلى كابوس بالنسبة إلى كثير من الدول. تونس حذرت شبابها من تقليد شباب حركة «التمرد» المصرية، أى لا ثورة ثانية فى «تونس الخضراء». تركيا سارع رئيس وزرائها ووزير خارجيتها إلى الدفاع عن الرئيس المنتخب ديمقراطيا. لم يأتيا على ذكر أخطاء الرئيس أو مرشده، لأن سقوط الحكومة الإسلامية المنتخبة ديمقراطيا فى مصر، يمكن أن يمثل ضربة خطيرة لتطلعات تركيا للقيادة الإقليمية، ذلك أنه من المستبعد أن يتحرك الجيش التركى ليدعم المظاهرات الشعبية فى تركيا، فأغلب قادته فى السجن.

آثار ما جرى فى مصر الأسبوع الماضى قد لا يجرى إدراكها لسنوات، لكن أمرا واحدا يبدو واضحا، وهو أن تلك الأحداث وفرت للمجموعات الجهادية المدعومة من تنظيم القاعدة كثيرا من الحبوب لدفعها إلى مطحنة الدعاية التى هى رائدة فى استعمالها. فاعلية هذه الدعاية لا تخرق عقول العارفين، لكن من المرجح أن بعض أعضاء جماعة الإخوان الساخطين سوف يتأثرون بها، ثم إن عدم الاستقرار الحالى فى مصر سيخلق فراغا أمنيا يستغله الجهاديون لشن هجمات واسعة النطاق، وسوف يركزون فى البداية على سيناء. يوم الخميس الماضى داهمت مقر محافظة شمال سيناء مجموعات من المسلحين انتقاما لإزاحة مرسى. وبعد ظهر اليوم التالى حصلت مواجهة بين قوات الأمن وأنصار مرسى انتهت بانسحاب القوات المصرية والاحتلال الكامل لمبنى المحافظة الضخم من قبل مسلحين مدججين يطالبون بعودة الرئيس المخلوع، ورفعوا الرايات السود وصور مرسى. على أثر ذلك صدر بيان رسمى من قائد الجيش الثالث يعلن فيه حالة الطوارئ فى جنوب سيناء، ومدن قناة السويس، ولم يأتِ البيان على ذكر شمال سيناء. بعدها قالت مصادر عسكرية للوسائل الإعلامية المحلية، إن «الجيش شن عملية واسعة النطاق ضد الجماعات الإرهابية الإسلامية فى سيناء مع التركيز على الشمال».

بعد يومين من إطاحة الرئيس مرسى، نقل الصحافى محمد فاضل فهمى على موقعه على «تويتر» عن مسؤول أمنى، أن السلطات المصرية لديها معلومات بأن جهاديين من غزة دخلوا مصر فى الساعات الأربع والعشرين الماضية. وفى تغريدة أخرى قال فهمى، إنه بعد الهجوم فى العريش ألقى القبض على أحد الجهاديين، واعترف بأن جهاديى سيناء ينسقون مع جهاديى غزة. وحسب المصدر الأمنى فقد كشف الجهادى المعتقل أن الجهاديين الآخرين حلقوا لحاهم وشعر رؤوسهم ويستخدمون زى الجيش أو الشرطة للتحرك بسهولة، والهدف خطف الأجانب وأفراد الأمن فى شمال وجنوب سيناء.

لا يمكن لأحد التنبؤ كيف ستتطور الأزمة الأمنية فى سيناء، فسيناء حالة خاصة وحرجة، إن كان من الناحية الاقتصادية أو السياسية، وبشكل خاص الأمنية. بعد إطاحة مرسى، انتشر فيديو كليب لأحد المتشددين فى القاهرة يحذر الفريق عبد الفتاح السيسى من أنه أسهم بإنشاء حركة طالبان جديدة فى مصر، وتنظيم قاعدة جديد، وأنه بالتالى مسؤول عن استهداف الانتحاريين ل«العلمانيين والمسيحيين والشيعة وجميع أعضاء المعارضة»، وطالب بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه أو «سترى هذه الجموع تفجير مصر».

بعد يوم واحد من إطاحة حكم مرسى بدأت انتقادات المجموعات الجهادية تظهر، الجدال بينهم أن «الإخوان المسلمين» ضللوا فى محاولتهم الوصول إلى السلطة وفرض الشريعة من خلال العملية الديمقراطية. يوجه الجهاديون دعوتهم هذه لأعضاء «الإخوان»، وخصوصا الشباب منهم بالقول، إن «الجهاد وليس المشاركة السياسية هو الجواب». فى موقعهم الإلكترونى، وجهوا الدعوة التالية: «التغيير يأتى عن طريق الرصاصة وحدها لا عن طريق الاقتراع. ولا يمكن إقامة الإسلام بشكل كامل من دون توجيه القرآن والسيف لدعمه». وفى حين تتكشف الأزمة السياسية فى مصر، أصدر محمد الظواهرى تصريحات له على موقعه الاجتماعى فى محاولة لحشد الجهاديين فى مصر. ففى الثانى من الشهر الحالى نشر الشقيق الأصغر لزعيم تنظيم القاعدة رسالة تحدٍ على صفحة «فيسبوك»، حث المسلمين فيها على «التخلى عن الخوف والتردد»، واعدا ب«أننا لن ننهزم». أضاف: «إذا دفعت الولايات المتحدة الأميركية وعملاؤها فى دولة مصر التوترات إلى نقطة المواجهة، سيكون هذا لصالحنا لأنه ليس لدينا شىء نخسره». قال محمد الظواهرى أيضا: «فى نهاية المطاف سيكون للجهاديين اليد العليا، وهذا ما يهم. وإذا نجح الاتجاه الجهادى فى مصر فإنه سيغير المنطقة بأكملها، مما يؤدى إلى النهضة الإسلامية والانتصار».

منذ إطاحة مرسى ومحمد الظواهرى منهمك فى توجيه الرسائل والتحريض، وفى مداخلة أخرى على «فيسبوك» و«تويتر» نشر بيانا: «من القوى والحركات الإسلامية وعلماء الأمة»، داعيا إلى التطبيق الفورى للشريعة. لم يكن واضحا من هم كتّاب البيان الذين نسب الظواهرى إليهم هذه الدعوة. والمعروف أن محمد الظواهرى وشقيقه الأكبر أيمن يدعيان بانتظام المصريين لتجنب الديمقراطية لصالح الشريعة. واضعو البيان الذى يدعو لتطبيق الشريعة الذى أرفقه محمد الظواهرى على صفحته، لا ينادى بالعنف ضد الجيش المصرى، بدلا من ذلك يقول: إن هذه المسألة ستتصاعد من خلال الصحافة والإعلام، وإنهم سوف ينظمون «مسيرات ضخمة»، وستكون المظاهرات متناسبة مع ردود فعل السلطات المصرية، لذلك، يبقى أن نرى كيف سيستجيب السلفيون المصريون للأزمة المقبلة. الآن سيبقى تركيزهم على سيناء. فى السادس من الشهر الحالى أعلن ممثل «السلفية الجهادية فى سيناء» عن تشكيل جبهة جديدة فى أعقاب إطاحة الرئيس محمد مرسى، وتدعى الجبهة ب«أنصار الشريعة فى مصر». تستعد المجموعة لخوض المعركة قائلة على صفحتها الاجتماعية، إنها تقوم باتخاذ الاستعدادات اللازمة والحصول على كل وسائل القوة كالسلاح والتدريب. تصور «السلفية الجهادية فى سيناء» الأحداث الأخيرة كجزء من مؤامرة ضد الإسلام، متهمة الجيش المصرى بتنفيذ إجراءات غير مسبوقة ضد التيار الإسلامى بكل فصائله المقاومة. من المؤكد أن التركيز الرئيسى لكبار الضباط العسكريين هو استعادة النظام فى القاهرة والإسكندرية والمدن الأصغر الواقعة إلى الغرب من نهر النيل، فمصر غرب النيل تمثل أولوية لهم أكثر من سيناء، لكن هذه الأولوية تجعل من المشكوك فيه للهجوم العسكرى المضاد فى سيناء أن يكون قادرا على وقف عنف الحركات الجهادية هناك مع ما تتلقاه الآن من أسلحة ليبية مسروقة.

رغم أن هذه الحركات هى فى سيناء، فإن هدفها الرئيسى ليس مهاجمة إسرائيل، ويبدو ذلك جليا فى تصريحات قادتها، الهدف الأساسى لها تقويض النظام الجديد الذى يحميه الجيش. يجب أن تعود سيناء بنظر القادة العسكريين والسياسيين الجدد جزءا أساسيا من مصر، إذا تركوها الآن كمن يترك الأساس يتزعزع، عندها سيصبح المبنى المصرى معرضا لخطر كبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.