هشام عبد الصبور شاهين يكتب: أبو فروة..!

قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: إضرب لي مثل الرجل لا يريد أن يحصل على ما يريد بيديه، وإنما يستخدم أيدي الآخرين بعلمهم أو في غفلة منهم..

قال الفيلسوف: زعموا أن قردا كان يعيش فوق شجرة وارفة في غابة، وكان أكثر ما يحب من الطعام أبو فروة، ويعتبره ألذه وأطيبه، وعلى شجرة قريبة كان يعيش سنّور شاب، يغتذي على الفئران هنا وهناك، وليس بينه وبين أي من حيوانات الغابة أي عداء، اللهم إلا ما تقتضيه غريزة البقاء من الماء والغذاء.. والقرود كما تعرف يا مولاي لها من العقل الراجح، والذهن المتوقد ما يفوق ما تتمتع به القطط.. وفي ليلة ممطرة هبطت صاعقة من السماء أحرقت شجرة أبو فروة كان القرد يعتمد على ثمارها، وسقطت الشجرة على أرض الغابة، وبين ألسنة لهيب احتراقها، كانت ثمار أبو فروة تطقطق حين تنضج، وتتقافز في الهواء مسيلة لعاب القرد، ولكن الثمرة التي تقفز خارج النار لا يبقى منها شيئ ليأكله، وكان على القرد أن يحصل على الثمار قبل نضجها وفرقعتها، وفكر بسرعة وجرى إلى صديقه السنور وقال له: يا صديقي العزيز، هذه الثمار التي لا تزال في النار بداخلها فئران صغيرة، طعمها لذيذ ولحمها طري نضج بفعل النار، ويجب أن نستنقذها من النار قبل أن تحترق، وتتلاشى في الهواء.. سال لعاب السنور، ودون تفكير قال للقرد: وماذا نفعل لكي نحصل عليها ؟ لا.. لا.. أنت لا تفعل شيئا، إعطني يدك، وأنا سأستخدمها في التقاط ثمرات الفئران الناضجة.. ولكن يدي ستحترق.. لا تخف.. ومد القرد يد القط والتقط ثمرة على جانب الشجرة المشتعلة.. ها.. هل آلمتك ؟ أبدا أبدا.. هات الأخرى.. ومد القرد يد السنور داخل النار، وأخذ يجمع الثمرات، والسنور يصرخ ويصيح من لسع النار.. جمع القرد عشرات من أبو فروة، وألقى يد السنور وأخذ ثماره وصعد إلى الشجرة يستمتع بأكل ثماره المحببة الناضجة، بينما السنور يبكي ويصيح وينعي يده المحترقة، وكلما نظر إلى القرد وهو يلقي بالقشور يتأكد أن القرد خدعه، واستغل نقص عقله، فأحرق يده ولم يكن داخل الثمار فئران..

وإنما حكيت لك يا مولاي هذه الحكاية لأبين لك أن الرجل قد يلجأ إلى خداع الآخرين ليستميلهم، فإن مالوا له غُيِّبوا عن واقعهم، ورددوا كلماته التي خُدِعوا بها، وذلك إيذان باستمراء الخداع واستمراره، وينقلب ميلهم إليه طاعة، والطاعة تسليما.. وحق له أن يفعل بأيديهم كل ما يريد، ولا يجر كل ذلك عليهم إلا كل ندم..

وأظلمت الدنيا.. إسلمي يا مصر..

صدور حكم محكمة النقض بإعادة النائب العام يوم مظاهرات 6/30 ليس صدفة..