عرف هاني جرجس فوزي بجرأته كمخرج، وهو ما ظهر واضحاً في الفيلمين اللذين قام بإخراجهما، وهما «بدون رقابة» و«أحاسيس»، ففي كل مرة يثير الفيلم ضجة كبيرة قبل عرضه وبعده، وتكيل له الاتهامات بالجرأة التي تصل إلي حد الإسفاف، إلا أن جرأته هذه المرة جاءت من منظور مختلف تماماً، فقد فجر هاني جرجس فوزي مفاجأة من العيار الثقيل والمحزن، عندما أعلن في حواره التالي مع الدستور، أنه مع التطبيع الثقافي مع إسرائيل، عندما صعقنا بوجهة نظره في انسحاب لجنة تحكيم مهرجان الصورة، بسبب عرض فيلم «شبه طبيعي» للمخرجة الإسرائيلية كيرين بن رفاييل ضمن وقائعه، وصعقنا كذلك برأيه في انسحاب عدد من الأفلام المشاركة من المهرجان اعتراضاً علي موقف المركز الثقافي الفرنسي التابع له المهرجان وموقف فرنسا نفسها. رأيك غريب في عرض فيلم «شبه طبيعي» للمخرجة الإسرائيلية كيرين بن رفاييل ضمن وقائع مهرجان الصورة، لخصه لنا؟ - أنا لست مع المركز الثقافي الفرنسي في الموقف الذي اتخذه بسحب فيلم «شبه طبيعي» بناء علي اعتراضات الفنانين والمثقفين، ثم اتخاذ القرار بعرضه مرة أخري، فعليه ألا ينساق للضغوط وعليه أن يتمسك بقراره بعرض الفيلم أو عدم عرضه منذ البداية، وفي الوقت نفسه أنا لست ضد الانسحاب بأفلامنا من المهرجانات الدولية بسبب اشتراك فيلم إسرائيلي في وقائع المهرجان، ما إحنا مش معقول هنسيب لهم كل المحافل الفنية. كلامك هذا يعني أنك مع التطبيع مع الكيان الصهيوني بكل أشكاله؟ - أولا: الذي أتحدث عنه ليس تطبيعاً، فالتطبيع من وجهة نظري هو أننا نعمل ندوة أو مؤتمراً للأفلام الإسرائيلية في مصر، وأستضيف كتاباً ومفكرين إسرائيليين.. هذا هو التطبيع الذي أعرفه.. فكرة التبادل الثقافي بيننا وبين إسرائيل، لكن ما حدث ليس تطبيعاً.. إحنا كل اللي عملناه إننا عملنا قيمة لمخرجة «نكرة»، وخليناها مشهورة، فهل يصح هذا؟ هل قضيتك الآن أصبحت في تلميع المخرجة الإسرائيلية؟ أم أنها قضية موقف وطني وإنساني ضد دولة محتلة وممارسات صهيونية بشعة، ومذابح بشرية وانتهاكات يومية للفلسطينيين؟ - هو إحنا رحنا قلنا لهم خدوا فلسطين مش عايزينها؟! أنا شايف إننا بنعمل من الحبة قبة، وإن هذه القضية جاءت للكثيرين علي الطبطاب، لأنهم وجدوا فرصة لادعاء البطولة، وهو نفس ما حدث عندما ثار المثقفون علي الوليد بن طلال بعد بيعه تراث السينما المصرية لرجل الأعمال اليهودي مردوخ، رغم أنه ليس إسرائيلياً، وفي ناس بتقول إنه مش يهودي كمان. لكن مؤسساته الإعلامية تروج للفكر الصهيوني بكل أشكاله؟ - هو واخد موقف من الإرهاب، وليس من الفلسطينيين، وهذا طبيعي زي ما إحنا شايفين اللي هم بيعملوه ده إرهاب، هما كمان بيتهمونا بالإرهاب.. لازم نحط نفسنا مكانهم، وبعدين إحنا كنا فين لما بعنا له التراث؟! دلوقت ده ماله وهو حر فيه.. يبيعه للي هو عايزه هو حر، وبعدين هما كده بيتفرجوا علي تراثنا ببلاش.. يبقي نستفيد منه وناخد فلوس بقي أحسن. لكن عندما يقرر بيع التراث لرجل أعمال يروج للفكر الصهيوني.. ألا يعد هذا نوعاً من التطبيع؟ - أولاً أنا مع التطبيع.. مش ضده.. إحنا غلط إننا نوقف التطبيع الثقافي، لكن أنا ملتزم إني أبقي ضده، لأن دي قرارات النقابة، وأنا لازم أحترم قرارات نقابتي، حتي لو أنا مش مقتنع بيها.. أنا شايف إننا لازم نشجع علي السلام، ونحاول «نزنقهم» بالسلام.. عشان «ما يتلككوش» ونخسر السلام! وفي المقابل علينا أن نخضع للأمر الواقع ونرضي بممارساتهم دون أن نتخذ أي موقف إيجابي أو حتي سلبي.. هل هذا هو ما تقصده؟ - أنا ضد الممارسات الصهيونية، لكن أنا لازم أخلص منها بالتفاهم.. هما معاهم أمريكا.. أكبر قوة في العالم، ومعاهم دول تانية، ومتطورين في الجيش والأسلحة، يبقي لازم الحل معاهم يبقي سلمي.. إحنا لازم «نزنقهم» بالتطبيع.. علي فكرة هما مش عايزين التطبيع.. هما عايزين يتلككولنا.. طيب نديلهم الفرصة دي ليه؟ أنا لست ضد القضية الفلسطينية.. علينا أن نساندها بكل الطرق المتاحة، لكن أنا شايف إن المشكلة فينا إحنا، لأن الفلسطينيين بيقطعوا في بعض وبيحاربوا بعض.. أنا بسمع كده.. أنا مش راجل سياسي، لكن بقول اللي أنا شايفه. ننتقل للحديث عن أزمة فيلم «اشحن لي وأعرضلك».. ما أسباب اعتذار روجينا وغادة عبدالرازق عن الفيلم وتوقفه؟ - البداية جاءت من عند روجينا عندما قررت أن تنهي تعاقدها مع السبكي، وعندما سألت عن السبب عرفت أن أشرف زكي كان مسافراً، ولما رجع سمع أنها تعاقدت علي فيلم من إخراج هاني جرجس فوزي، رغم أنها كانت تقدم دور فتاة ملتزمة، والفيلم نفسه لا يحتوي علي مشاهد مبالغ فيها. المهم اتصلت بأشرف زكي، فقال لي: معلش أصل أنا داخل علي انتخابات، والناس بتكلمني تقولي: ليه روجينا تعمل دور زي ده؟ وحتي لو هو كويس، مش هاستني لما ينزل والناس تعرف إن مافيهوش حاجة؟ سمعة الفيلم من دلوقت مش كويسة، وأنا ما أحبش إن روجينا تبقي موجودة في هذا الإطار. وفي اليوم التالي أثناء بحثنا عن ممثلة بديلة لروجينا، كانت غادة عبدالرازق قد انسحبت من الفيلم واختفت، فاعتذر السبكي عن إنتاج الفيلم وبالتالي توقف المشروع.