لم أتوقع هذا الكم من التجارب الخليجية التي شاهدتها ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان الخليج السينمائي..دعكم من أنه من أصل 142 فيلمًا مشاركة في المهرجان هناك 112 تجربة خليجية ما بين روائي طويل وقصير وتسجيلي طويل وقصير وأفلام طلبة.. الكم الذي أقصده ليس كمًا عدديًا ولكن الكم الفعلي أو الكم الكيفي للتجارب..قبل ذهابي إلي المهرجان بأيام كنت ضيفا علي أحد البرامج التليفزيونية وسألتني المذيعة عن معني إقامة مهرجان للسينما في بلاد لا تنتج سينما؟، وقلت لها إن هناك مدنًا كثيرة تقيم مهرجانات وهي غير منتجة للسينما ولكن بالنسبة للخليج فإن مهرجاناته هي في رأيي نوع من تمهيد الأرض لبداية أو انطلاق الإنتاج السينمائي..كانت إجابة دبلوماسية خاصة أنني كنت قد شاهدت عددًا لا بأس به من التجارب الخليجية في السينما القصيرة وأستطيع أن أقول إن لديهم سينما قصيرة لا تقل بأي حال من الأحوال عن السينما القصيرة المصرية سواء التي تنتجها الجهات الرسمية كمعهد السينما والمركز القومي أو التي ينتجها تيار السينما المستقلة.. خاصة مع وجود صعوبات جمة في التمويل السينمائي في الخليج..تصوروا! أن صورة الخليجي الخالد الذي يصرف بالآلاف والتي رسختها لدينا السينما المصرية منذ الثمانينيات وحتي فيلم «كباريه» أو التي قدمتها السينما الأمريكية في شكل دعاية مضادة في بعض الأحيان أو مداعبة سياسية في أحيان أخري هذه الصورة لا نجدها في واقع الحال السينمائي الخليجي! بل إننا أثناء ندوات ليالي الخليج وهي أحد أهم أنشطة المهرجان بالنسبة لي حيث يجتمع النقاد والصحفيون وصناع الأفلام المشاركين كل مساء للحديث عن موضوعات تخص المهرجان والسينما الخليجية كان الهم الأكبر لدي أغلب صناع الأفلام وهم من الشباب الخليجي الطموح والواعد جدا هو التمويل! سواء كان هذا التمويل ماديا أو لوجستيا بلهجة السياسة..أن أغلب الشباب السعودي والإماراتي والبحريني والكويتي والقطري وهي الدول الغنية والتي يصرف بعض أفرادها فقط ملايين الدولارات في أنحاء العالم كل شهر لا يستطيعون تمويل أفلامهم الديجتال القصيرة! فما بالكم بإمكانية إنتاج أو تقديم تجربة طويلة.. صحيح أن مهرجان دبي يقوم بعمل ورشة للسيناريو يتم من خلالها قبول وتطوير أفكار للسيناريو والتي كان نتاجها مثلا فيلم «دار الحي» الإماراتي الذي عرض في الافتتاح، وفيلم «ابن بابل» العراقي لمحمد الدراجي إلا أنه لا تزال هناك مسافة طويلة بين تطوير الأفكار وكتابة السيناريوهات وبين تمويل الأفلام.. شعرت وأنا في تلك الليالي أن حال السينما القصيرة والمستقلة في مصر ربما كان أفضل ماديا وتمويليا من السينما الخليجية الوليدة خاصة أن الانطباع المأخوذ عند الجميع هو الانطباع نفسه الذي كان لدي صديقتي المذيعة الجميلة عندما قالت لي: هو فيه سينما في الخليج أساسا! وها أنا عائد من المهرجان لأقول للجميع نعم هناك سينما خليجية ظهرت وسوف تستمر.