«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منال لطفى تكتب من طهران: إيران انتخبت.. وطوت صفحة أحمدى نجاد
نشر في الدستور الأصلي يوم 15 - 06 - 2013

خامنئى أبقى تصويته «سرًّا» فى انتخابات ستكشف حدود تأثير مراكز القوى
نجاح روحانى انتصار للإصلاحيين.. ونجاح ولايتى انتصار للمحافظين.. ونجاح جليلى انتصار للمتشددين.. ونجاح قليباف انتصار للحرس الثورى
مقاطعون للانتخابات: التصويت يمدّ فى عمر النظام ولا يساعد الإصلاحيين
ارتفعت الحرارة فى إيران مع الاقتراع، ولم يخيب الإيرانيون الأمل فى تصويت كبير، فمراكز الإقتراع من طهران إلى مشهد، ومن أصفهان إلى كرمان، ومن شيراز إلى تبريز، تشير إلى نسبة إقبال عالية، وربما السبب فى هذا أن المرشد الأعلى لإيران آية الله على خامنئى دعا الإيرانيين إلى التصويت «حتى إذا لم يكونوا من داعمى المؤسسة الحاكمة».
وإذا كان خامنئى التزم الصمت حيال من صوَّت له أمس قائلا «بين أولئك المرشحين.. كان فى ذهنى واحد صوّتّ له. حتى أولئك القريبين منى مثل أسرتى وأولادى لا يعرفون مَن الذى أعطيته صوتى»، فإن هاشمى رفسنجانى ومحمد خاتمى وبعض آيات الله فى قم مثل آية الله صانعى لم يلتزموا الصمت وأعلنوا دعمهم وتصويتهم لصالح المرشح المعتدل حسن روحانى، مما بدل الأجواء خلال الساعات الثمانى والأربعين الماضية. فكثير من مؤيدى الحركة الإصلاحية الذين قرروا منذ أسابيع عدم التصويت، أعادوا النظر فى قرار المقاطعة.

وفى آخر جولة انتخابية لروحانى فى مدينة مشهد، شمال شرقى إيران، اكتظت ساحة الإمام بهشتى بعشرات الآلاف يرددون «تحية إلى روحانى.. سلام إلى موسوى»، و«يا حسين.. مير حسين»، فى إشارة إلى زعيم الحركة الخضراء مير حسين موسوى، مهددين «إذا زورت النتيجة فسنحولها معركة». نفس الأجواء شهدتها مدن كرمان وطهران وشيراز وتبريز وأرومية وسارى. فى أرومية، شمال غربى إيران، ردد شاب «سلام على هاشمى رفسنجانى.. سلام على سيد محمد خاتمى»، فاشتعل المكان هتافا، ثم اشتعلت الهتافات أكثر مع ترديد اسم موسوى. الشعور الوحيد الذى تخرج به من هذه المشاهد هو أن أنصار الحركة الخضراء والإصلاحيين فى إيران ما زالوا أحياء، وما زالت مشاعر الرغبة فى التغيير متقدة تحت رماد الإحباط.

ارتفاع الحرارة المفاجئ هذا مفتوح على احتمالات كثيرة، فالإصلاحيون الذين كانوا قرروا مقاطعة الانتخابات أصلا، وجدوا الحرارة تعود إلى عروقهم، وإذا ارتفعت نسبة التصويت فإن الأرجح أن يصب هذا فى صالح الإصلاحيين والمعتدلين. فهناك نحو مليون ونصف مليون صوت جديد للشباب بين 16 و18 عاما، صوتوا أمس للمرة الأولى بعد تعديل قانون الانتخابات لخفض سن التصويت إلى 16 عاما. أصوات الشباب تذهب غالبا للإصلاحيين والمعتدلين، وهذا مؤشر مريح للإصلاحيين، ومصدر قلق للمحافظين.

وقد ظهرت بالفعل أصوات متوجسة وسط المحافظين تلوم «الأنانية» الشخصية للمرشحين الذين رفضوا الانسحاب لصالح مرشح واحد، ومن هذه الأصوات آية الله مصباح يزدى رجل الدين المتشدد والأب الروحى للرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدى نجاد، وكذلك رجل الدين المحافظ آية الله أحمد خاتمى، وحسين شريعتمدارى مستشار خامنئى ورئيس تحرير صحيفة «كيهان» الرسمية.

تعدُّد المرشحين المحافظين (على أكبر ولايتى، ومحمد باقر قليباف، وسعيد جليلى، ومحسن رضائى، ومحمد غرضى) وعدم انسحاب أى منهم لصالح الأقوى حظوظا، يمكن تفسيره بأكثر من طريقة، فمن ناحية ربما يعكس يقينًا لدى المحافظين أن روحانى غير قادر على الفوز من الجولة الأولى، ومن ثَم لا ضرر من خوض كل المرشحين المحافظين هذه الجولة على أمل أن تفرز من بينهم الأكثر شعبية ليخوض جولة الإعادة أمام روحانى (إذا خرج الاصلاحيون بكثافة للتصويت له). ووفقا للقانون الانتخابى الإيرانى، فإن المرشح الفائز عليه أن يحصل على 50% زائد 1 فى الجولة الأولى، وإذا تعذر ذلك تجرى جولة إعادة بين أعلى اثنين من المرشحين خلال 7 أيام.

كما يمكن تفسير استمرار كل مرشحى المحافظين على أنه يعكس وجود صراع حقيقى داخل التيار المحافظ بين المتشددين الذين يريدون جليلى، والحرس الثورى والمحافظين البرجماتيين الذين يريدون قليباف، والمحافظين التقليديين والبازار الذين يريدون ولايتى. وهناك حتى شكوك فى أن المرشد الأعلى تعمد أن لا يعطى أى إشارة علنية حول مرشحه المفضل حتى يرى من سيحصل على أعلى الأصوات من بين المتنافسين فى الجولة الأولى، التى يرجح أن تعقبها جولة ثانية. وهناك من يرى أن وجود كل المرشحين، بمن فى ذلك أكثرهم تشددًا دينيًّا واجتماعيًّا وهو سعيد جليلى، يمكن أن «يخيف» مؤيدى الحركة الإصلاحية ويجبرهم على الخروج للتصويت لإسقاط جليلى الذى قال فى إحدى مناظراته إن إحدى أهم فوائد السينما والفن «الترويج» للبرنامج النووى الإيرانى، وظهر أكثر تشددًا حتى من أحمدى نجاد فى ما يتعلق بالحريات الاجتماعية وحريات الرأى والتعبير.

وكالعادة صوتت طهران بكثافة، ولكن بعدما كانت حظوظ عمدتها قليباف هى الأوفر، فإن هناك مؤشرات على أن هامش دعمه ضاق خلال الأيام الماضية. مهرافيه، إيرانية فى الثلاثينيات تدرس اللغة الإنجليزية فى إحدى مدارس طهران، قررت منذ مايو الماضى التصويت لعمدة طهران بسبب الطريقة التى يدير بها المدينة منذ 8 سنوات، وتقول إن «قليباف يحاول علاج مشكلات طهران المزمنة مثل المرور، والتلوث، وضعف البنية التحتية. هناك كثير من التطوير فى المدينة. كنت مقتنعة أنه الأنسب حتى بدأت المناظرات الرئاسية، ففى إحداها ذكَّره حسن روحانى بمشاركته فى قمع احتجاجات الطلبة فى جامعة طهران. احمر وجه قليباف وتلعثم ولم يردّ. كان هذا حاسما فى قرارى بعدم التصويت له. صوّتّ لروحانى فى مركز اقتراع قرب شارع شريعتى، والأجواء جيدة». إثارة روحانى لقضية قمع احتجاجات جامعة طهران، كانت حركة ناجحة لإحراج قليباف وتذكير الناخبين بماضيه، وهو بالفعل ما جعل ناخبة مثل مهرافيه تعيد النظر فى موقفها، ففى عام 1999 خرج الطلبة فى جامعة طهران يحتجون على عمليات اغتيال واعتقال منظمة وواسعة استهدفت أبرز مثقفى وناشطى الحركة الإصلاحية، وكان قليباف آنذاك أحد قادة الحرس الثورى فى طهران، ووجه خطابا إلى خاتمى يطلب منه أن ينهى احتجاجات الطلبة، وإلا تَدخَّل الحرس. بعد أيام اقتحم الحرس النزل الجامعى ليلًا وقتل وجرح عشرات. ثم فى حركة احتجاج طلابية مماثلة عام 2003 اتخذ قليباف مجددًا موقفًا متشددًا، وشارك بنفسه فى الهجوم على الطلبة فى النزل الجامعى. وفى كلمة له أمام قوات الباسيج مطلع هذا العام قال واصفا مشاركته فى الهجوم: «كنت قائدا بالقوات الجوية للحرس الثورى خلال هذه المظاهرات. لى صور وأنا أضربهم (الطلبة) بالعصى، وأنا فخور بهذا. لا يهمنى، إننى كنت قائدًا رفيعا آنذاك).

وإذا كان البعض يرى أن مشاركة قليباف فى ضرب الطلبة بنفسه «صادمة»، فإن إعلان رجل الدين المتشدد المثير للجدل آية الله مصباح يزدى، دعمه لجليلى أصاب مسؤول الملف النووى بضرر واضح. فيزدى لدى قطاع واسع من الإيرانيين، حتى المتدينين جدا منهم، رجل خرافة ودجال لا علاقة له بالدين. ودعم يزدى له دليل على أن «جليلى مجنون حتى أكثر من أحمدى نجاد»، كما تقول مهرافيه.

ربما حاول جليلى إخفاء تشدده فى الملفات الداخلية بالتركيز على الملفات الخارجية، إلا أن مرشحى المحافظين، ناهيك بروحانى، شنوا عليه هجمات حادة. قليباف ورضائى اتهموه بالفشل فى إدارة الملف النووى والمسؤولية عن فرض الغرب أشرس حزمة من العقوبات الاقتصادية. وولايتى قال له خلال آخر مناظرة تلفزيونية «أنت مسؤول الملف النووى منذ سنوات، لكنك لم تتحرك به خطوة واحدة إلى الأمام. الدبلوماسية لا تعنى التشدد والعناد».

البعض يرى أن قليباف وجليلى «نسخة» من أحمدى نجاد، «ما رأيته حتى الآن يُظهِر أنهما لا يختلفان عنه كثيرًا، بل القواسم المشتركة بينهمم أكبر: رئاسة عمودية طهران، والعمل فى الحرس الثورى، وخبرة تنفيذية ودولية ضئيلة. إذا كان خامنئى يريد أن يتجنب تكرار تجربة أحمدى نجاد، كان يجب عليه أن يتحفظ على قليباف وجليلى. أنا شخصيًّا أفضل على أكبر ولايتى، فهو تحدث عن ضرورة التخفيف على إيران خارجيا ومواجهة العقوبات مع الحفاظ على حقِّنا فى أنشطتنا النووية السلمية»، هذا ما قاله وحيدى الذى صوّت قرب ميدان فردوسى مع شقيقته سيمين التى أضافت «ليس لدىّ مشكلة مع ولايتى، أعتقد أنه يمكن أن يخفِّف الضغط، لكننى أريد روحانى. ولايتى أفضل للمرشد، لكن روحانى أفضل لإيران».

لكن ليس الجميع متطلعًا إلى «خاتمى جديد»، أى رئيس دبلوماسى معتدل ليِّن اللهجة داخليا وخارجيا، هناك من يريدون شخصية مثل أحمدى نجاد فى ما يتعلق بالعلاقات مع الغرب. يقول حيدر سعيدى، الذى يعيش فى منطقة زعفرانية الراقية شمالى طهران «قليباف وجليلى جيدان. نحن نحتاج إلى رئيس قوى. الغرب لا يريد خيرا لإيران ولا بد من شخص لديه هذا الشك الدائم فى نيات الغرب كى نكون متيقظين، لهذا لا أريد مرشحا يقول منذ أول يوم (تعالوا نتحاور مع الغرب). حتى إذا تحاورنا يجب أن نلتزم بلهجة متشددة.. فكل المصائب التى نحن فيها الآن بسبب الغرب. هل يتذكر أحد أن روحانى عندما كان مسؤول الملف النووى تحت رئاسة خاتمى، اتفق مع الغرب على أن تجمِّد إيران تخصيب اليورانيوم لمدة عامين، مقابل أن يعطى الغرب لإيران وقودًا نوويًّا يُستخدم فى الأغراض الطبية، وتبدأ أمريكا رفع العقوبات عنا؟ نفذنا ما وعدنا به وجمدنا التخصيب لكننا لم نحصل على أى شىء. الغرب لا يفهم إلا لغة القوة، وإذا تخلت إيران عن حقوقها النووية فإنها بهذا ترتكب أكبر خطأ. انظروا ماذا حلّ بالقذافى عندما سلم الغرب ترسانته من الأسلحة المتقدمة لنيل رضاهم، عند أول أزمة وجد طائرات الناتو فوق رأسه، ولم يكن لديه أسلحة للرد».

لكن رغم محاولات جذب الناس للتصويت، هناك من لن يفعل هذا بغضّ النظر عن انتماءات المرشحين. ومن ضمن هؤلاء شهلا التى ترى أن كل صوت فى الانتخابات هو «مد فى عمر نظام جذوره عطبت، ولا أمل فى إصلاحه إلا بتغيير كبير يشمل الحد من سطوة خامنئى والحرس الثورى. مشاركة وفوز مرشحين إصلاحيين أو معتدلين يساعد النظام ويمدّ فى عمره، أكثر مما يساعد الإيرانيين الراغبين فى الحرية».

يختلف الإيرانيون إذن حول الرئيس الأنسب لهذه المرحلة الصعبة إيرانيًّا وإقليميًّا، ويختلفون على جدوى التصويت، لكن تجمعهم الرغبة فى علاج المشكلات الكبيرة التى تعانى منها إيران، وبسرعة. يقول محمد قاسمى فى جنوب طهران «تعبنا من العقوبات والتوترات الداخلية والخلافات الإقليمية. أعتقد أنه بعد 8 سنوات نحتاج إلى التهدئة قليلا. السنوات الماضية كانت صعبة. الإيرانيون عادة شعب هادئ متسامح متدين، إلا أن الوضع جعل غالبية الناس اليوم دائمى العصبية والخلاف. إيران فيها واحدة من أعلى نسب الطلاق، هناك تزايد فى معدلات الجريمة والفساد». بعد فرض أمريكا والغرب الحزمة تلو الحزمة من العقوبات الاقتصادية المشددة بخاصة ضد البنك المركزى الإيرانى والقطاع النفطى والمصرفى، عانى الإيرانيون تدهورًا حادًّا فى سعر الريال الذى فقد نحو 80% من قيمته. أما نسبة التضخم فتبلغ نحو 40%، وهى الأعلى منذ 18 عاما. واليوم وفى شوارع التسوق الإيرانية التى تعتمد على السلع المستورَدة من الخارج مثل «شارع جمهورى إسلامى» وسط العاصمة، تجد الأرفف خاوية بعد انخفاض الواردات الأجنبية بسبب انهيار سعر الريال. كان يمكن أن تكون هذه أنباء للصناعة الوطنية، لكن ارتفاع الأسعار أدى إلى ارتفاع هائل فى تكلفة الإنتاج وإغلاق كثير من المصانع أو انتقالها لدبى أو تركيا أو أذربيجان.

عندما تظهر النتيجة اليوم سيعرف العالم حدود تأثير مراكز القوى فى إيران، فنجاح روحانى سيعتبر انتصارًا للإصلاحيين والمعتدلين ولطمة كبيرة للحرس الثورى والمحافظين، ونجاح ولايتى سيُعتبر انتصارًا للمحافظين التقليديين والبازار، لكنه لن يُعتبر كارثة للمعتدلين، ونجاح جليلى سيُعتبر ضربة هائلة للمعتدلين والإصلاحيين وانتصارا للمتشددين، ونجاح قاليباف سيعتبر انتصارا للحرس الثورى والمحافظين البراجماتيين وهزيمة للإصلاحيين.. لكن نجاح مَن سيُعتبر انتصارا للإيرانيين؟
كيف سيتذكر الإيرانيون أحمدى نجاد؟
لا يمكن لإيران استقبال رئيس جديد، دون وداع أحمدى نجاد. ومن الغريب أن الرجل الذى تسبب فى أكبر أزمة تعانى منها إيران منذ ثورة 1979، بات موضع شفقة بعد أزمته الكبرى مع المرشد الأعلى التى تسببت فى اعتكاف أحمدى نجاد فى منزله لنحو أسبوعين ومقاطعته كل الأنشطة الرسمية.

يقول حيدر سعيدى مدافعا عن حصاد الرئيس الإيرانى السابق «الغرب جبان، ينتقد أحمدى نجاد وهو يعرف أنه ليس صاحب الكلمة النهائية وذلك كى يترك مساحة للحوار مع المرشد. لم يكن أحمدى نجاد الوحش الكاسر الذى صوَّرَته وسائل الإعلام الغربية، وكثيرا ما أسىء فهم أو تفسير ما قال. هذا بسبب تأثير الدعاية الإسرائيلية. هناك جوانب إيجابية وسلبية لولاية أحمدى نجاد. العالم كله يعرف العيوب، لكن من المميزات مثلا أنه حقق مستوى من العدالة الاجتماعية فى إيران وساعد كثيرًا من الفقراء. يمكن لأحمدى نجاد الترشح بعد 4 سنوات، القانون لا يمنعه، إذا ترشح سأنتخبه، كما انتخبته من قبل. الرئيس ظُلم وعومل بعدم احترام». ليس هذا رأى الكل، فكثيرون يرون أن أحمدى نجاد روَّج للخرافة فى السياسة والثقافة الإيرانية. فقد قدم أموالا إلى مراكز تقوم بالترويج لأفكار غيبية مثل مسجد «جانكران» فى الحوزة العلمية فى قم. وساعد على ترويج قصص أن الشخص الذى يزور «جانكران» يكون مرتبطا بالإمام المهدى. البعض قال بعد زيارة المسجد إنه رأى الإمام المهدى فى منامه أو إن الإمام جاء وصلَّى فى المسجد، ومن ثَم يذهب الناس مساء كل ثلاثاء إلى مسجد «جانكران» ويصلون هناك، حتى إن زوار هذا المكان زاد عددهم على عدد زوار مقام السيدة المعصومة (أخت الإمام الرضا) فى قم. كما يتذكر منتقدو الرئيس السابق الإحراج الذى سببه فى زيارته الأولى لنيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما قال وأنصاره إن «هالة بيضاء» ظهرت حول رأسه وهو يتكلم، وإن الإمام الغائب يتكلم معه.

اليوم أحمدى نجاد رئيس سابق «مجروح»، فقد فشل فى المهمة التى وكلها إليه المرشد لتقويض مشروع الإصلاحيين «النقدى» الذى طرح تساؤلات علنية حول حدود صلاحية الولى الفقيه، لصالح مشروع المحافظين «النقى» القائم على إعادة البراءة الأولى للجمهورية الإسلامية. صدم أحمدى نجاد لأن «أسئلة» الإصلاحيين ولدت زخمًا ومشاعر فى المجتمع لم تولدها «إجابات» المحافظين. وعندما حاول بعد أزمة 2009 إعادة الشعبية لرئاسته الثانية، فى جهد منفصل عن جهد المرشد حماية مؤسسة ولاية الفقيه، اصطدما، وخرج خاسرا كل شىء بعد معركة شرسة ضده استمرت عامين بقيادة خامنئى تحمل رسالة لخصها محمد كريمى راد عضو البرلمان والقائد السابق فى الحرس الثورى بقوله «إذا طلب المرشد الأعلى أن تحضر له قبعة، فأنت تعرف ماذا عليك إحضاره».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.