بينما يغيب يحيى الفخرانى عن دراما رمضان هذا العام، يحضر للعام الثانى عادل إمام بمسلسل «العراف». عادل حصل فى «فرقة ناجى عطا الله» على 30 مليون جنيه وهذه المرة 20 مليونا ولا يزال هو الأعلى أجرا. سألونى فى أحد البرامج عن الفارق بين نجومية الفخرانى ونجومية إمام؟ قلت لهم أتذكر أننى توجهت يوما ليحيى الفخرانى بهذا السؤال وقلت له: هل تتمنى أن تحقق نجومية عادل إمام؟ كان عادل فى تلك السنوات، مطلع التسعينيات، ملكا متوجا فى شباك التذاكر ويحقق أعلى الإيرادات، 7 ملايين جنيه فى الفيلم السينمائى، فى حين أن الرقم التالى له فى الشباك هو 4 ملايين جنيه، وكانت تحقق هذا الرقم نادية الجندى بالتبادل مع محمود عبد العزيز، ولم يكن هناك أى ذكر ليحيى الفخرانى فى شباك السينما، لكن الفخرانى كان ولا يزال حتى الآن هو الملك المتوج عند مشاهدى الشاشة الصغيرة حتى لو اضطر أحيانا للغياب.
وجاءت إجابة الفخرانى مباشرة: نعم أريد نجومية عادل إمام لكن بشروطى، الكلمة استفزت عادل إمام، ولهذا أمسك بكلمة بشروطى، واعتبرها ثغرة ينبغى اختراقها وانهال عليه بالكلمات التى لها مذاق اللكمات فى أكثر من حوار، معلقا أن النجومية ليست لها شروط. الناس هى التى تحدد المواصفات وهى التى تختار من تريده لكى يصبح هو النجم.
انتهت كلمات عادل إمام ولا يزال سؤالنا قائما عن الفارق بين عادل إمام النجم السينمائى ويحيى الفخرانى النجم التليفزيونى؟! النجومية السينمائية تشبه أسماك الزينة باهظة الثمن غير قابلة للالتهام، النجومية التليفزيونية فى متناول اليد، ولهذا فإن النجم التليفزيونى عليه أن يقفز فى كل مرة إلى حاجز أعلى فى هذا السباق الدائم. سر زعامة الفخرانى التليفزيونية أنه فى كل مرة قادر على أن يمتلك تصفيقنا وإعجابنا ودهشتنا فى كل دور جديد، حيث يتخطى حاجزا أعلى، من الواضح أن الفخرانى أدرك مبكرا أن نجاح المسلسل التليفزيونى مرتبط بفترة زمنية، حيث يلتهم المشاهدون المسلسل بعد الآخر، ولهذا تتعدد الشخصيات الدرامية التى يقدمها للناس فى كل عام. هناك دائما مساحات إبداع خاصة يمسك بها، وأيضا هناك تحد وإصرار وتمرد دائم من الفخرانى على الفخرانى، وإذا لم يجد ما يحفز طاقته الإبداعية يغب، مثلما فعلها قبل عامين ويكررها هذا العام ليطل على الجمهور بمسلسل كرتونى للأطفال!
نجومية عادل إمام السينمائية أخذت كثيرا من جرأته فى الاختيار، فهو يخشى دائما أن يقدم مغامرة لم يتعودها الجمهور. عادل ليس لديه رصيد سينمائى متنوع ولا أنكر موهبته فى فن الأداء والتقمص، إلا أن خوف عادل إمام من الشباك خصم كثيرا من جرأته ووضع أيضا قيودا على الممثل عادل إمام بسبب النجم عادل إمام.. الممثل بداخله يريد الانطلاق.. النجم يعمل ألف حساب للإيرادات!
كانت هناك محاولات من السينمائيين لكى يجد الفخرانى على خريطة السينما لنفسه مكانا مميزا، قدم الفخرانى عددا من الأفلام الهامة مثل «خرج ولم يعد»، و«الكيف»، و«للحب قصة أخيرة»، و«عودة مواطن»، و«أرض الأحلام». لا تجد عند الفخرانى أفلاما حققت إيرادات مرتفعة باستثناء «الكيف»، حيث شاركه البطولة محمود عبد العزيز!
إلا أن هذه الأفلام على ضآلة عددها صارت من أفضل ما قدمناه فى تاريخ السينما المصرية! فى السنوات الأخيرة ابتعد الفخرانى عن السينما ولم تشفع له نجومية التليفزيون ولا القاعدة الجماهيرية العريضة التى حققها فى البيوت، بل إننى أعتقد أنها لعبت دورا عكسيا، لأن الناس تعودت أن ترى الفخرانى متاحا بالمجان على الشاشة الصغيرة!
عادل إمام أدرك مبكرا أن عليه الابتعاد كلما أمكن عن التليفزيون، ولهذا لم يقدم فى البدايات سوى ثلاثة مسلسلات فقط «الفنان والهندسة»، و«أحلام الفتى الطائر»، و«دموع فى عيون وقحة» وغاب 30 عاما، ثم عاد العام الماضى عندما لم تعد السينما بعد الثورة قادرة على منحه نفس الأجر الذى كان يناله قبلها، ليأخذ من التليفزيون ليس فقط أعلى رقم بسبب حضوره للمسلسل، ولكنه ينال أيضا ثمن غيابه ثلاثة عقود، إلا أن الشاشة الصغيرة بالنسبة إلى عادل ستظل مجرد نزهة استثنائية!
إننا أمام زعيمين كل منهما له جاذبية وكاريزما، لكن لا الفخرانى من الممكن أن يصبح زعيما سينمائيا، ولا إمام من الممكن أن يصبح زعيما تليفزيونيا، أسماك الأكل غير صالحة للزينة، وأسماك الزينة غير قابلة للأكل!