رئيس جامعة كفر الشيخ يسلم شهادة اعتماد "علم النفس الإكلينيكي" لأعضاء هيئة التدريس    مطار المدينة يرفع الجاهزية لأعلى معدل لاستقبال الحجاج    خلافا للعادة.. سفير واشنطن لدى إسرائيل يلتقي مستوطنين بالضفة الغربية    ميرتس وماكرون يدعوان الهند وباكستان إلى التهدئة    توماس باخ يهنيء الحسيني على رئاسة الاتحاد الدولي للسلاح    الأرصاد: غدا طقس حار نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 34    محافظ القليوبية يُسلِم ملابس الإحرام لحجاج الجمعيات الأهلية.. صور    محافظ أسوان ينيب السكرتير العام لحضور ختام فعاليات مهرجان أفلام المرأة    محمد رمضان يطرح أحدث أغانيه «سهران ع النيل» (فيديو)    رأس المال السوقي يخسر 25 مليار جنيه.. مؤشرات البورصة تهبط بختام جلسة اليوم    محافظ بني سويف يعتمد مواعيد وجداول امتحانات النقل والشهادة الإعدادية    بالمستندات.. ننشر تقرير الطب النفسي لطفل برج العرب ضحية الاعتداء الجنسي    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    رئيس مسار بعد التتويج بدوري السيدات: هدفنا المساهمة في تطوير كرة القدم المصرية    جوندوجان يحلم بأن يكون مساعدًا ل "الفيلسوف"    بعد نقلها إلى المستشفى.. أوس أوس يطالب جمهوره بالدعاء لوالدته    بالصور.. ملك أحمد زاهر تتألق في أحدث ظهور لها    «الوزراء» يستعرض تقرير أداء الهيئة العامة للرعاية الصحية    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    جوتي ساخرًا من برشلونة: أبتلعوا الأهداف مثل كل عام    «التعليم العالي» يبحث مع وزير خارجية القمر المتحدة التعاون الأكاديمي والبحثي بين البلدين    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    عمر طلعت مصطفى: العمل الاحترافي يجذب 400 ألف سائح جولف لمصر سنويًا    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد منصور يكتب: أيام الخزي والعار
نشر في الدستور الأصلي يوم 01 - 01 - 2010

سيسجل التاريخ أن مليونًا ونصف المليون إنسان، عربًا ومسلمين عاشوا تحت الحصار الصهيوني العربي ما يقرب من ثلاثة أعوام حتي الآن وتعرضوا لحرب شنتها إسرائيل عليهم وهم تحت الحصار ما يقرب من شهر، فصمدوا وصبروا فثبتهم الله ولم يمكن أعداءهم منهم رغم أن أعداءهم يملكون أحدث أنواع الأسلحة وأقوي أنواع العتاد وأقوي الجيوش في العالم، بينما هم لا يملكون إلا أنفسهم وأنواعًا بدائية من السلاح، وحقق الله علي أيديهم ما حققه علي يد أسلاف لهم من قبل وأدخلهم حسب المعطيات البشرية المنظورة والمرئية في زمرة «وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين»، يحدث هذا في وقت يزيد عدد المسلمين فيه عن مليار وثلاثمائة مليون إنسان، يصدق فيهم قول الرسول - صلي الله عليهم وسلم - إنهم «... غثاء كغثاء السيل» حكامهم أعوان لأعدائهم، وذو الرأي فيهم أفسدته أنانيته، أما الحليم فيهم فقد ضيعته حيرته، وأما ذو العزم والهمة فقد أفسده المسلك الجائر إلا من رحم ربك من كل هؤلاء، بينما الأمة في أغلبها ينتظرون قدرهم أو أن يرسل الله لهم من يجدد لهم أمر دينهم، بعدما طفح الكيل، وطفح الصاع وبلغ السيل الزبي.
عام كامل منذ الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة، يحاصر فيها مليون ونصف المليون إنسان يكابدون مشاق الحصار ويموت أطفالهم وشيوخهم أمام سمع الدنيا وبصرها، وأمام سمع حكام المسلمين وبصرهم وبدلا من أن يسعي هؤلاء الحكام إلي رفع الحصار والاستجابة لنداء الإنسانية ثم نداء الأخوة والدين، فإنهم يقوون ظهر الصهاينة وأعوانهم ويشتدون في تقوية الحصار علي أبناء غزة ويحشدون من الكُتَّابِ المنافقين والإعلاميين المنتفعين من يساعدهم في شن الحرب علي المحاصرين الأبرياء لا لشيء إلا أنهم يقفون حجر عثرة أمام مخططات الصهاينة وأعوانهم، ويرفعون راية العزة والإباء التي تخلت عنها الأمة واستكانت ضعفًا وعجزًا تارة ونفاقًا تارة وخداعًا تارة أخري.
وسط هذه الصورة القاتمة لا أدري لِمَ يتفنن النظام الحاكم في مصر في إذلال وإهانة أهالي غزة بهذه الطريقة المخزية وهم امتداد لأهل مصر، حيث كانت غزة حتي العام 67 جزءًا من مصر وعلي امتداد التاريخ قبل الحدود التي صنعها الاستعمار كانت من أصولها وأفضل دليل علي أنها مخزية لهذا النظام المتسلط علي شعبه أولاً ثم علي أهل غزة بعد ذلك هو التخبط والكذب في تصريحات المسئولين حول ما يسمي بالجدار الفولاذي التي تقيمه الولايات المتحدة مع حلفائها علي طول الحدود المصرية مع قطاع غزة لتحكم الحصار علي مليون ونصف المليون فلسطيني مع حملة من الخداع والنفاق والكذب حول أمن مصر القومي، والأبشع من ذلك هو الموقف المخزي من قافلة «شريان الحياة» التي لاقت الترحاب في كل البلا د التي مرت بها علي امتداد أوروبا وآسيا، ثم يخرج المسئولون المصريون بتصريحات مخزية ومهينة للشعب المصري صاحب المروءة والهمة والنصرة الذي اقتسم أبناؤه غذاءهم مع إخوانهم أبناء غزة قبل عام، ثم تركت الأغذية في ستاد العريش وقد رأيتها رأي العين حتي فسدت أو سرقت ونهبت وبيعت في الأسواق بعد ذلك.
هل أمن مصر القومي يقف عند حدود الحدود المصطنعة مع غزة والتي قسمت العائلات المصرية في مدينة رفح بشقيها المصري والفلسطيني إلي شقين والمنازل إلي شقين والشوارع إلي شقين، أم أن أمن مصر القومي علي مدار تاريخها يقف عند حدود شمال سوريا منذ عهد الفراعنة وحتي الآن شرقًا وعند منابع النيل وجنوب السودان جنوبًا؟! أي نفاق وأي خداع وأي كذب هذا الذي يروجه هؤلاء الأفاقون الذين باعوا ضمائرهم ودينهم وأوطانهم وأمتهم بعرض زائل من المناصب والمظاهر الخادعة، ويشاركون في حملة تضليل مكشوفة ومزيفة من أجل إرضاء الصهاينة والأمريكان علي حساب التاريخ والجغرافيا ومصالح مصر وأمنها وسيادتها وشعبها، هل المناصب الرسمية في مصرنا العزيزة لم تعد في أغلبها مصدرًا للتربح والفساد والإفساد فقط، وإنما أيضا مصدرًا للكذب والتضليل والخداع بهذه الطريقة المهينة لمصر وتاريخها وشعبها.
إن السيادة ليست في بناء الأسوار الفولاذية وعزل شعب أعزل هو امتداد عرقي وديني وثقافي وتاريخي وجغرافي لشعب مصر حتي عن الحصول علي طعامه وشرابه، وليست السيادة في منع قافلة إنسانية تحمل مساعدات من الوصول إلي المحاصرين الذين يموت أطفالهم ونساؤهم ومرضاهم تحت الحصار، لكن السيادة هي سيادة القرار والرؤية وعدم التضليل والخداع والكذب للشعوب وللعالم وتقديم مصالح العدو علي مصالح الوطن في وقت فضح الإسرائيليون فيه قصة الجدار في صحفهم ووضعوا المدافعين عن إسرائيل وأمنها في وضع سيئ إن كان يهمهم أين ستكون منزلتهم عند شعوبهم أو في صفحات التاريخ، لكنهم مارسوا التضليل والكذب ببجاحة منقطعة النظير، تصاحبهم الجوقة الأفاقة من السدنة المنافقين والمنتفعين ممن يسمون أنفسهم إعلاميين.
لقد بني سور برلين بعد الحرب العالمية الثانية اعتقادًا ممن بنوه أنهم يمكن أن يعزلوا الشعب الواحد عن بعضه، وجاء الوقت الذي ذهب فيه الأفاقون الذين بنوا السور إلي مزبلة التاريخ وهدم السور وعاد الشعب الألماني موحدًا وبقي الجدار رمز إدانة للذين بنوه، وهذا سيكون مصير الجدار الفولاذي عاجلاً أم آجلاًا ليكون جدارًا عارًا علي أهل العار الذين يحاصرون النساء والأطفال والمرضي والعجائز.
إن الأيام التي نمر بها لاشك أنها عصيبة ومن الصعب وصف ما آل إليه أمر الأمة فيها وأقل ما يمكن وصفها بأنها أيام للذل والعار، لكنها في النهاية مرحلة من مراحل التاريخ قدرنا أن نعيشها ونتجرع مراراتها، لكن يجب علي الأقل أن نرفع أصواتنا فيها لنفند الأكاذيب التي يروجها المضللون حتي إذا جاء من بعدنا من هم أهل للسيادة والريادة من أبنائنا وأحفادنا لا يصبون لعناتهم علينا جميعا ويظنون أن الجميع كانوا مضللين ومتواطئين ومتقاعسين وفاسدين ومنتفعين، ولكن علي الأقل يترحمون علي بعض من صدع بالحق فينا، فليس بعد الظلمة الحالكة إلا خيط الفجر ثم ضوء النهار، ونحن من يأسنا نقول دائما... عسي أن يكون قريبًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.