مرسى طهر الداخلية بإعادة زوار الفجر.. والآن يتجه للقضاء زوار الفجر اقتحموا منزل الطالب إسلام وانتشروا فى الشقة حاملين الأسلحة سيدى الرئيس.. لن تنفعك صلاة أو صيام أو اعتمار ما دام فى شعبك من يُظلم ويُقهر وتُقتحم حرماته فى نصف الليل يوم الأربعاء الماضى كنت على موعد لإدارة إحدى الندوات التى ينظمها الطلاب فى مسرح كلية الحقوق، جامعة القاهرة بحضور ضيفها الناشط السياسى خالد تليمة حول الإعلام بعد الثورة، وكان المسرح ممتلئا بطلاب تتعدد مشاربهم السياسية، وانتماءاتهم الحزبية، وجرت الندوة بصورة حضارية وديمقراطية فى إطار احترام حق الاختلاف سواء فى ما بين الضيف الذى يجلس على المنصة والحضور من الطلاب من كل كليات الجامعة أو فى ما بين الطلاب بعضهم والبعض الآخر. ولقد حرصت على أن تكون المناقشة بأسئلة أو تعليقات حية وليست مكتوبة. وإذ سارت الندوة فى طريقها المعتاد حتى قبيل نهايتها، وكان محددا لها أن تعرض فيلما تسجيليا عن الشهيد عماد عفت -رحمة الله عليه- فإذا بضيف على الندوة قد أتى بغير ترتيب أو حتى سابق إخطار. إنه والد الطالب إسلام محمد فولى الذى اختطفه زوار الفجر من بين أحضان أهله وكتبه وأحلامه وكراريسه، فإسلام طالب بالسنة الرابعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، شاب مصرى نقى طاهر من شباب هذه الأمة الذين رفعوا عنها الاستبداد والفساد وحلموا لمصر بنظام ديمقراطى عادل يذهب بهم -بقدر الله-إلى مستقبل يستحقونه يختفى فيه القهر والاستبداد والظلم.
هاجم زوار الفجر منزل إسلام الابن الوحيد لوالديه بجوار إخواته البنات، فحين كان والد إسلام ينهض من فراشه لصلاة الفجر، وحين كان يهم بإيقاظ أهله وولده للصلاة سمع طرقا متتابعا وشديدا على باب الشقة التى يسكنها فى مدينة السادس من أكتوبر، حتى ظن أن باب الشقة ينخلع فنادى بأعلى صوته سوف افتح.. الصبر.. حتى لا يتكسر الباب وفتح الباب، فإذا بالعشرات من القوات الخاصة الملثمة تنتشر فى أرجاء الشقة حاملة أسلحتها متأهبة للفتك بكل من يمكن أن يقاومها. ومن الذى يمكن أن يقاومها هل هو الأب الذى يشمر عن ساعديه لأداء الصلاة، أم الأم المسكينة التى هرعت مذعورة من هول ما سمعت، أم إسلام الذى أعياه السهر فى المذاكرة فنام وكتابه بين يديه وعلى صدره فهو طالب الليسانس الذى يستعد للتخرج وتداعبه أحلامه فى النجاح والتفوق، كان يحلم أن يكون قاضيا يحكم بالعدل أو محاميا يدافع عن المظلومين والمقهورين، أم إخوة إسلام البنات الصغيرات اللاتى فزعن من هذه المناظر التى ما كن يتصورن أن يشاهدنها إلا فى أفلام الرعب. والحق أن القوة التى انتشرت فى أرجاء الشقة كانت لديها مهارة عالية وقدرة فائقة نهنئ عليها الدكتور محمد مرسى وحكومته، وعلى هذا المستوى من الاستعداد والقدرة على تنفيذ الأوامر واقتحام شقة والد إسلام بهذا النجاح. ففى دقائق قليلة كان بعض القوة يثبت بسلاحه الأم التى ترقد على سريرها، وكذلك البنات اللائى ينمن بين أحلامهن ففتحت أعينهن على كوابيس. كان الأب مذهولا وقد ألجمته المفاجأة، لمَ كل هذا؟ وما الذى حدث لكى يبرر ذلك؟. فإذا كانت أجهزة الأمن أو التحقيق تريده أو أيا من أبنائه لماذا لم تستدعهم بطريقة تحفظ آدميتهم؟ كل هذه الأسئلة لم يكن هناك من يجيب عنها بل لم يكن هناك وقت أصلا لكى يفكر هو فى إجابتها.
فى هذا الجو المفعم بالرعب والإذلال والقهر والاستبداد والذى يتم فى عهد مرسى الذى نادى به البعض أميرا للمؤمنين، وقبَّل يده بحميمية تشى للناظر إليها أنه مستعد لأن يقبّل أيضا قدمه. حدث ذلك لأسرة إسلام فى مدينة السادس من أكتوبر فى شقة سكنية يسكن فيها إسلام وأسرته من عشرات السنين وله فيها عنوان معلوم. لم يكن إسلام وأهله هاربين تطاردهم العدالة. ليس ثمة اتهامات لإسلام أو لأبيه تبرر ذلك، لم يقبض على إسلام فى مظاهرة أو أعمال تخريب وإنما اختطف من فراشه من بين كتبه وكراريسه وأقلامه. ما الذى يحدث فى مصر فى زمن الإخوان؟ ما هذا الذى يحدث فى مصر فى زمن رئيس لم تأخذ مصر منه غير كلمات قالها ووعود أنفقها ولم ينفذ منها شيئا؟ ما الذى يحدث فى مصر بعد الثورة... الثورة التى جاءت بمن كانوا مساجين فأصبحوا حكاما، هل نسيتم كل ذلك؟ وهل عودة زوار الفجر هى الهدية والخير الذى حملتموه إلى مصر المحروسة وشعبها وشبابها؟
أين الدين الذى تتحدث عنه صباح مساء -سيدى الرئيس- أنت وحكومتك. هل يسمح لك بذلك؟ هل ينفعك تدينك المظهرى الذى تسوقه إلينا على شاشات التليفزيون؟ أين دموعك التى أذرفتها؟…. ألا تخشى الله حين يسألك عن إسلام وآلاف مثلهم كمثل إسلام يقبعون فى سجونك؟ سيدى الرئيس.. لن تنفعك صلاة أو صيام أو اعتمار ما دام فى شعبك من يظلم ويقهر ويستبد به وتقتحم حرماته فى نصف الليل أو آخره. أوقات الطاعة يا ريس أصبحت بفعل داخليتك أوقاتا للفزع. أتتذكر يا سيدى الرئيس أيام كنت تفزع فى هذه الأوقات! هل تتذكر نظرتك فى عيون أبنائك المفزوعين والمقهورين؟ هل نعيم السلطة التى تحيا فيها الآن أنت وأبناؤك أنساك كل هذا القهر. فلم تعد تتذكره؟ ولم تعد تفكر فيه؟
هل تستطيع أن تذكر لنا ماذا كنت تدعو به على النظام السابق فى لحظات القهر هذه؟ إن إسلام وغيره يدعون عليك بمثل ما كنت تدعو به على النظام السابق؟ سيدى الرئيس هل تستطيع أن تستقبل هؤلاء المقهورين فى قصرك المنيف لكى تسمع منهم وتمسح دموعهم؟ أم أن بريق السلطة ونعيمها أنساك كل ذلك؟
نعود سيدى الرئيس.. إلى إسلام اختطفوه من بين أحضان والديه ومن بين كتبه وأقلامه وكراريسه. وذهبوا به. لكن قبل أن يذهبوا به قلبوا الشقة رأسا على عقب أتلفوها، ولم يجدوا شيئا لكنهم وجدوا غنائمهم فى هاتف إسلام الجوال الذى هو الحرز الوحيد.
ذهبوا به. وحينما انتهى والد إسلام من تغيير ملابسه وركب سيارته اتجه إلى مديرية الأمن وهناك سأل عن ابنه. فأقسموا له على المصحف أنهم لا يعلمون عنه شيئا..تصور -سيدى الرئيس- يقسمون على المصحف -فصدق الرجل فما كان يتخيل أن يكون الكذب هكذا لكن للأسف نحن فى عهد الكذب- عهدك سيدى الرئيس كذب فى كذب، كذبة كبرى نظامك كله، يقولون إنك رئيس من الثورة هذا كذب. تقول إنك ليس لك حقوق وعليك واجبات فقط هذا كذب كله.
فما رأى الشعب منك شيئا.. تقول إنه لن يظلم أحد فى عهدك هذا أيضا كذب... عصر تلفه الكذبات ويحيط به الضلال والإفك والبهتان والاستبداد. لم يحفظ حرية.. ولم يصن دماء.... ولم يحم ضعيفًا.
كل ذلك سيدى الرئيس فى ميزانك عند الحق... يوم الحق... تذكر أنك ميت... وأنك محاسب.... وأنك ستعرض يوم القيامة لكى يقتص منك جيكا ومحمد الجندى وحسن مصطفى وإسلام وغيرهم ممن تعلمهم ومما لا يعلمهم إلا الله عز وجل. لن تنفعك سلطة، ولن ينفعك ملك ولن يذبّ عنك مرشد أو جماعة. وجها لوجه ستقف أمامهم. أليس هذا هو الإسلام؟. أتمارى فى ذلك سيدى الرئيس؟. أتكذبه؟ هل قولى هذا غير صحيح؟. بلى وربى هو الحقيقة التى غابت عنك وأنت ترفل فى السلطة بين حراسك ومنافقيك... لن ينفعوك ولن يمنعوك من حساب الله عز وجل.
والد إسلام عندما أقسموا له على كتاب الله صدقهم. ولكن الله كشفهم فهمس له أحد أمناء الشرطة أن ابنه محبوس فى إحدى الغرف بمديرية الأمن، فرجع إليهم وتأكد من ذلك. ونظرا لانكشاف الأمر أركبوه سيارة ولفوا به ووراءهم والد إسلام كل شوارع القاهرة حتى استقروا به فى سجن طرة. أين الدستور سيدى الرئيس؟، أين الحقوق والحريات التى نظمها أعظم دستور فى التاريخ كما روجت أنت وجماعتك؟، أين حقوق المصريين؟، لله الأمر من قبل ومن بعد سيدى الرئيس وحسب هذا الشعب الله رب العالمين هو نعم الحسيب ونعم الوكيل.
حُبس إسلام ووجهت إليه اتهامات مضحكة، إحراق مقر «الحرية والعدالة» فى شبرا وفى أسيوط وفى سوهاج والقتل والشروع فى القتل. كأن إسلام يلبس طاقية الإخفاء حتى يفعل ما فعل بغير دليل. كنا نظن أن الممثل القدير المرحوم/ عبد المنعم إبراهيم قد أحراقها -فى الفيلم الشهير- إلى الآبد. ولكن هى الآن لدى إسلام.
إن قصة إسلام الذى رواها والد إسلام فى الندوة -التى أشرت إليها- هى قصة المئات والآلاف من الشباب المصريين الذين يقبعون الآن فى سجون الدكتور مرسى. بعد نجاحه الساحق فى تطهير الداخلية، الذى من عناوينه المهمة عودة زوار الفجر فى عهد مرسى. وهو إنجاز سوف يسجل فى التاريخ المصرى باسمه بعد الثورة. فهذا تطوير يستحقه شعب ثائر. وهدية الرئيس المنتخب إليه. وبعد هذا النجاح المذهل الذى أذهل المصريين والعالم كله.. يتجه سيادته وجماعته إلى تطهير القضاء وغدا أمامه الجيش وبعد غد الجامعات ومن بعدهم ومن قبلهم الإعلام الفاسد. حتى يعيش الشعب فى دولة السيد الدكتور المهندس/محمد مرسى. ولذلك اقترح على سيادته تطهير الدولة المصرية من المصريين وتغير اسم الدولة من جمهورية مصر العربية إلى جمهورية مرسى وجماعته.
وبعد أن روى والد إسلام حكاية إسلام فى زمن الأخوان سألته سؤالا بريئا: هل يا سيد محمد أنت من معارضى مرسى؟ هل تنتمى إلى جبهة الخراب؟ تصوروا قال إنه موظف فى جهاز المخابرات المصرية وليس له صلة بالسياسة.
عاش لنا زعيمنا المفدى ورئيسنا الذى ليس له حقوق ولكن عليه واجبات. أنت يا سيدى رغم ذلك كله فى الجمهورية الجديدة، وعلى رأى المرحوم/ فؤاد المهندس وشويكار «أنت القلب الكبير وأنت مرآة حضارتنا بحكمتك تختال علينا وأنت نعمة وإحسان» ومن الممكن أن يكون ذلك هو النشيد الوطنى فى جمهورية الجماعة الجديدة.