في خضم الأزمة التي تمر بها جريدة التحرير التي أرأس قسم الفن فيها، ووسط غضب يجتاح الجميع في الصحيفة وخارجها، وفي إطار مجتمع يموج بالغضب وتصحو كل فئاته من ثباتها العميق مطالبة بحقوقها، أجد نفسي مضطرة لتقديم استقالتي تضامنا مع رئيس التحرير إبراهيم عيسى الذي يواجه خصومة، تبدو في ظاهرها أنها تتعلق بموقفه من تعيين المحررين في جريدة التحرير التي يرأس تحريرها.
جريدة التحرير التي ساهمت في تأسيسها تعد واحدة من أهم الصحف المصرية المستقلة في مصر الآن، هذه الجريدة التي كانت نتاجا للثورة وقفت في وجه العسكر والفلول، ثم الإخوان، والآن تعصف بها أزمة ضخمة إثر مطالبات بعض محرريها بالتعيين في مشهد إعلامي مشوش في مجمله.
لا يجوز أن نغفل هنا أن أزمة التعيين في الصحف، هي الأزمة الأكبر التي تواجه كل صحفي يسعى للانتماء إلى نقابة تحميه من مخاطر مهنته وترعى حقوقه. ويرجع سبب الظلم الذي يقع على غالبية الصحفيين إلى القوانين الظالمة للنقابة التي تشترط التعيين بالمؤسسات من أجل دخول النقابة وليس ممارستهم للمهنة نفسها. وبالتالي هذه الأزمة هي مع النقابة بالأساس. وفي هذا السياق أرى أن مطالب الصحفيين بالتعيين بشكل عام مشروعة ومفهومة.
وأود أن أوضح أنني لست خصما لأي صحفي في جريدة التحرير، أو غيرها من الصحف، واحترم كل الزملاء الذين عملت معهم على المستوى الانساني والمهني، ولكن يجب توضيح بعض النقاط التي ربما تساهم في فهم حقيقة الأمور على الأقل فيما يتعلق ببعض الصحفيين المحتجين الذين عملت معهم عن قرب والتي قد تكون غائبة عن كثيرين:
1- طلب مني رئيس التحرير إبراهيم عيسى ترشيح أسمين من الزملاء للتعيين من قسم الفن، قمت بتقييم مهني داخلي انطلاقا من المسؤولية والأمانة المهنية، وأبلغته بترشيحي لاسم واحد فقط كان هو الأجدر مهنيا بالتعيين، وقلت نصا: إذا كنتم قد قررتم تعيين ثلاثين شخصا فقط من كل الجريدة، فاعتقد أن الجدير بالتعيين في قسم الفن هو واحد فقط، واعتقد أن هناك في الأقسام الأخرى بالجريدة من يستحق التعيين أكثر من المرشح الثاني الذي اعطيتموني الحق في ترشيحه، فهذه أمانة طالما أنها بهذه الصعوبة وتلك الشروط.
2- أدرك الآن أنني أخطأت باستبقاء بعض الزملاء المحترمين بعد انتهاء فترة الاختبار رغم أن التقييمات المهنية ما كانت لتعطيهم الأولوية في التعيين. وجدير بالذكر أن أحد الزملاء المضربين الآن تقرر استبعاده سابقا وأعاده الزميل إبراهيم عيسى إلى العمل تحت ضغط من الصحفيين إلى قسم الفن دون رغبتي، وامتثلت احتراما لضغوط لا تمت لقوانين العمل بأي صلة.
3- الصحفيون المضربون عن العمل الآن، لهم مطلق الحق في الإضراب وفي الشعور بالظلم، فالجريدة بشكل عام لم تؤسس لمبدأ التنافسية المهنية والتقييم المؤسسي، وربما أخطأ الزميل إبراهيم عيسى نفسه حين تجاوز التأسيس لهذا المبدأ ولا يلومن الآن إلا نفسه في الأزمة الراهنة، فطريقة ادارة المؤسسة ذاتها عليها تحفظات، وكان من الممكن تجنب الأزمة إذا ما تم استبعاد من لا تثبت كفائته خلال ثلاثة أشهر من الاختبار وفق قوانين العمل.
4- تقدمت باستقالتي تضامنا مع إبراهيم عيسى الزميل والصديق والإنسان الذي أرى أنه يتعرض لعملية تشويه وابتزاز، لا دخل له فيها سوى اعتماده لقائمة ترشيحات رؤساء الأقسام في أولوية التعيينات.
5- بعض الصحفيين المضربين الآن لا يعملون منذ أكثر من عام كامل بينما يتقاضون رواتبهم كاملة. وبالتالي من يدقق في الأمور سيرى أن الخصومة معه أساسها أنه لم يطبق قوانين العمل على من يعملون معه، وربما تجاوزها بحسن نية لصالح الزملاء.
6- الأمثلة السابقة لا تنطبق على جميع الزملاء المضربين. فبعض الصحفيين معهم كل الحق ولا خصومة مع صحفي قرر أن يحارب من أجل حقه.
7- تضامني الآن مع الزميل إبراهيم عيسى لأنه يتعرض لابتزاز حتى لو أخطا في تقدير من يعملون معه.