ليست المرة الأولى التى يحرك فيها طلاب جماعة الإخوان المسلمين مظاهرات طلابية لإقالة الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر، لكنها المرة الأولى التى يتحرك فيها رموز الدولة الإخوانية، وفى مقدمتهم الرئيس وقيادات «الشورى» سريعا للتحقيق فى واقعة شبهة إصابة طلاب بأعراض تسمم، لم تثبت بعد، رغم صمتهم المريب على وقائع مشابهة فى جامعات أخرى، من بينها جامعة حلوان، ورغم تأخرهم فى متابعة كوارث، وما أكثرها فى عهد الإخوان، مثل كوارث قطار أسيوط والبدرشين وسيناء وغيرها.
زيارة محمد مرسى لطلاب جامعة الأزهر المصابين صباح أمس، بعد ساعات قليلة من قيام طلاب الإخوان بحشد طلاب المدن الجامعية لقطع طريق الأوتوستراد بعد ظهور أعراض التسمم الغذائى على نحو 500 طالب (خرج معظمهم من المستشفيات بمجرد دخولهم إليها)، أثارت مخاوف داخل الجامعة من محاولة تنفيذ مذبحة شاملة لقيادات جامعة الأزهر، تمهيدا لفرض الجماعة سيطرتها التامة على الجامعة التى رفضت قبل أسابيع مشروع الصكوك الإسلامية.
الجامعة ألمحت إلى تلك المخاوف بشكل واضح فى بيان لها قالت فيه «ليس هناك داعٍ لاستغلال الأحداث التى صاحبت واقعة تسمم الطلاب بالمدينة الجامعية وإقحامها فى السياسة العامة»، مشيرا إلى أن تلك حادثة عارضة، تحدث فى جامعات أخرى، وأضاف البيان أن رئيس جامعة الأزهر ونوابه وقيادات الجامعة جميعهم شديدو الحرص على صحة أبنائهم الطلاب، وذلك فور علم الجامعة بما حدث للطلاب مساء أول من أمس الإثنين، أمر الدكتور أسامة العبد بوقف المسؤول عن المدينة الجامعية، ومسؤول قسم التغذية، وتوجه إلى المدينة الجامعية كلٌّ من الدكتور توفيق نور الدين، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا، والذى كان قد تناول نفس وجبة الغذاء وسط الطلاب بالمدينة. البيان أوضح أن عدد الطلاب الذين تناولوا الوجبة الغذائية يزيد على أربعة وعشرين ألف طالب وطالبة بالمدن الجامعية بالقاهرة، مشيرا إلى أن رئيس الجامعة قام بعد قرار وقف المسؤولين عن العمل بتحويل الموضوع إلى النيابة للتحقيق فيه.
تلميحات مجلس جامعة الأزهر أصبحت اتهامات مباشرة للإخوان فى تصريحات خاصة للدكتور إبراهيم الهدهد نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، قال فيها «إن الحكومة تتصيد الأخطاء بإصدار أحكام مسبقة فى قضية ما زالت قيد التحقيقات، متهما جماعة الإخوان المسلمين باستغلال طلابها داخل الجامعة لإشعال الفتنة بهدف الضغط على الأزهر، للموافقة على مشروع الصكوك».
وأضاف الهدهد «الأزهر لن يهتز أمام هذه المحاولات، وسيظل ثابتا على موقفه فى ما يخص مشروع الصكوك والأزهر كفيل بأبنائه وسيبادر بمعاقبة المقصرين قبل أى جهة أخرى، مطالبا الإخوان بأن يرفعوا أيديهم عن الأزهر لأنه مؤسسة عريقة، ولن يستطيعوا السيطرة عليها، مضيفا: «إن إدارة الجامعة تسعى منذ نحو شهر ونصف لتحسين أوضاع المدينة والتغذية، متهما الإخوان بالسعى للقضاء على الأزهر، ودلل على ذلك بأن لجنة التعليم بمجلس الشورى ناقشت الواقعة بسرعة بالغة».
مصادر مطلعة بجامعة الأزهر، أكدت أن الدكتور أسامة العبد رئيس الجامعة، رفع تقريرا للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، اتهم فيه طلاب الإخوان المسلمين بالوقوف وراء الأحداث الأخيرة بالجامعة على خلفية إصابة نحو 500 طالب بالتسمم، وأشارت المصادر إلى أن العبد اتهم طلاب الإخوان فى تقريره بافتعال أزمة لتحقيق أهداف خاصة بالجماعة، من بينها الضغط على الأزهر للتراجع عن موقفه فى مشروع الصكوك، كما أوضح المصدر أن معظم الطلاب المصابين قد خرجوا من المستشفى، ولم يثبت حتى الآن وجود أسباب تلوث، كما أنه تمت إحالة المسؤولين عن التغذية بالمدينة الجامعية إلى التحقيقات ووقفهم عن العمل لحين الانتهاء منها، وإعلان نتائج الفحص واختبار الأغذية التى تناولها الطلاب خلال اليومين الماضيين.
محاولات الإخوان الإطاحة بقيادات الأزهر بدأت مبكرا عقب تنحى مبارك عن الحكم، حيث نظم أساتذة وطلاب الإخوان عشرات المظاهرات للمطالبة بعزل شيخ الأزهر ورئيس الجامعة عن منصبه وتحميل شيخ الأزهر مسؤولية اعتقال طلاب الإخوان وقيادات الجماعة، فى ما عرف حينذاك بقضية «ميليشيات جامعة الأزهر الإخوانية»، والتى ألقى القبض فيها على أكثر من مئة طالب إخوانى، ونحو 45 قيادة إخوانية، فى مقدمتهم نائب المرشد الأول خيرت الشاطر.
محاولات الإخوان الإطاحة بالطيب وقيادات جامعة الأزهر باءت بالفشل بعد إصرار المجلس العسكرى على استمرارهم والتصدى لمحاولات الإخوان الذين حرصوا على إثارة الاحتجاجات والقلاقل بشكل مستمر داخل جامعة الأزهر عن طريق إثارة الطلاب، كما حدث فى واقعة إشاعة انتشار السل بين طالبات المدن الجامعية، ثم إشاعة إصابة طالبات المدينة بالتسمم، وهى الأحداث التى أثبتت التحقيقات بعد ذلك المبالغة فى حجمها، حيث تم اكتشاف إصابة طالبة وحيدة بالسل ومغادرتها المدينة قبل إصابتها.
وكذلك واقعة انتشار الثعابين داخل المدن الجامعية التى لم تثبت، وأخيرا واقعتا إصابة الطلاب والطالبات بالتسمم الغذائى فى المدينة الجامعية التى انتهت فى المرة الأولى قبل أسبوع دون أى إصابات حقيقية وتصاعدت أمس، بتدخل كل قيادات الدولة، بدءا من رئيس الجمهورية ومرورا برئيس الوزراء وانتهاء بأعضاء حزب الحرية والعدالة فى مجلس الشورى، فضلا عن تحريض ممثلى أسرة جيل النصر المنشود الإخوانية طلاب الجامعة على التظاهر والخروج بمسيرات طلابية ضخمة لقطع طريق الأوتوستراد ثم تحريض الحشود الطلابية، بعد ذلك على اقتحام مقر مشيخة الأزهر فى أثناء اجتماع شيخ الأزهر ثم إعلان أمين اتحاد جامعة الأزهر الإخوانى أحمد عبد الرحمن حسين دخوله مع مجلس اتحاد الجامعة فى اعتصام مفتوح لحين إقالة رئيس الجامعة الدكتور أسامة العبد، وأخيرا توجه عدد من رؤساء اتحادات طلاب الكليات المحسوبين على الجماعة إلى مقر النائب العام لتقديم بلاغ ضد إدارة الجامعة والمطالبة بعزل رئيس الجامعة ومعاونيه عن مناصبهم.