هل يفكر الرئيس أوباما مثلنا ؟ هل يخطر على باله ما يخطر على بالنا – نحن أبناء الشعوب المقهورة ؟ هل تتراءى له آثار أفعاله وأفعال جيوشه وجيوش لحاسي أحذيته، المتبعين لأوامره ؟ هل يعرف ؟ هل يتحمل ما نقوله عنه ؟ تخيلته جالسا أمامي مطأطئ الرأس، وإليه وجهت حديثي وتساؤلاتي، وبالغت في خيالي بأن وجدته صامتا مصغيا، ولم أدر في عمق الخيال إن كان صمت الخجل أم صمت التفكّر، وزدت في خيالي، فتدافعت الكلمات على لساني وأنا أتحدث إليه:
هل تخيلت يوما ابنتيك ساشا و ماليا وأمهما ميشيل تجرين للاختباء من طلقات المدافع والصواريخ، التي يطلقها عملاؤك الخونة في كل مكان على الآمنين ليروعوهم، ويقتلوا منهم كل ذي بنان؟
هل تخيلت بيتك يتهدم أمام عينيك ولا يبقى منه سوى الذكريات الأليمة؟
هل شعرت يوما بالجوع والعطش والخوف والفزع؟
هل جربت العيش ميّتا، تتنفس الألم والمرارة والسقم، والذل والقهر، والغثيان من مرأى الدماء والجثث؟
هل فقدت ابنا أو أخا أو أبا أو أما في ساحة فوضى أو حرب أهلية ؟ هل فقدت عائلتك في لمح البصر بسقوط برميل بارود على رؤوسهم ؟
هل فكرت أن من يُقتَلون بأسلحة بلادك على أيدي زبانيتك هم أيضا من البشر؟ أم أنك تحسب نفسك لست من البشر؟ هل نصبت نفسك إلها للبشر؟ تحيي وتميت؟ تعز وتذل؟ ترزق من تشاء وتحرم النعمة من تشاء؟ ألا تسمع صرخات الثكالى وبكاء اليتامى وصيحات الرجال المكتومة؟ وآنات الجرحى المقطعة أرجلهم وأيديهم، المبتورة آمالهم؟ أم إن في أذنيك وقرًا لا يُسمِعك إلا ما تريد؟
ألا يصيبك الجنون حين ترى جحيم الصواريخ والرصاص المنهمر والقتلى وقد تطايرت أطرافهم وتبعثرت أشلاؤهم، واختلطت الرؤوس والأيدي المقطوعة والأرجل المبتورة، فلم تبق ملامح واضحةٌ حتى للجثث؟ ألم يفقِدْك كلُ ذلك عقلك يا عبقري البشر؟
عندما زرت القاهرة في عهد عميلك المخلوع مبارك، ضحكت علينا وخدعتنا وقلت لنا بصوتك الماكر بلغة عربية مكسرة: السلام عليكم.. استطعت أن تخدع كل العرب بكلمات السلام المقدسة لدينا، وهلل الجميع أن الرئيس الأمريكي نزل من عليائه ليتحدث بلغتهم، وألقى عليهم السلام.. لم يدركوا ربما لغفلتهم أو حسن طويتهم ماذا يخفي عنهم مدّعي الألوهية! فبعد أن ألقى عليهم السلام وكلمات الطمأنة؛ عاد إلى عليائه ضاحكا ساخرا أنه خدع كل العرب، وأوهمهم بمستقبل من السلام والاحترام والتعامل الراقي، ثم ألقى عليهم بعد هذا السلام المخادع بالقنابل والحمم، تسقط فوق رؤوسهم من كل مكان، تخطف الأرواح وتقتل الأماني و الآمال وتعدم الهمم، وتسحق المستقبل.. لماذا تفعل كل هذا بنا، برغم أنك ما رأيت من حكامنا إلا كل خضوع وإذعان؟
لكنك لم تكتف بذلك، وفي رحلتك الأخيرة إلى القدس الشريف أعلنت على الدنيا كلها ذلك الخبر المخيف؛ أن القدس عاصمة لدولة إسرائيل ! ماذا بك؟ هل بك جِنة؟ أم أصابك ادعاء الألوهية بجنون البقر؟ ألم تقرأ التاريخ؟ ألم تر وجوه الناس في فلسطين وهي لا تنطق إلا بكل عربي ؟ ألم يكفك ما فعله الأوروبيون في من أسميتموهم الهنود الحمر، فأردت أن تكرر مأساتهم في فلسطين، وتذبح من بقي فيها من العرب لتخفي علامات إجرامكم المستمر منذ عشرات السنين ؟
لماذا لا ترد؟ ولماذا أنت صامت كالحجر؟ هل صدمتك كلماتي ؟ ألم تكتف وتشبع من قتل الناس؟ ألم يرتو عطشك من شرب الدماء ؟ أم إنك تريد عبر أوهامك أن تعلن للعالم – كفرعون - أنك ربه الأعلى ؟
لقد وعدت مرارا وتكرارا، فلم تف بوعودك الكاذبة أيها الكذاب الأشر..
قلت إبان تنصيبك على رأس العالم أنك ستغلق سجن غوانتنامو، وتسحب جندك وزبانيتك ليعودوا إلى بلادهم، فلا قتل بعد ولا قهر ولا مزيد من ذبح البشر.. أيها الكذاب، لقد خدعت العالم كله بحديثك وكلامك المعسول ووجهك المبتسم، ففزت بمدة رئاسة أخرى، ودأبت على ادعاء الربوبية فنصبت نفسك إلها للبشر، وأعملت في الناس قتلاً، لكنك في الحقيقة لا تقتل كل البشر، بل تقتل منهم فقط من قال الله أكبر.. أكبر منك ومن قدراتك ومن ادّعاءاتك ومن مكرك ومن مؤامراتك. لكنك أبدا لن تستطيع خداع خالقك، وخالق كل البشر، حتى وإن خدعت كل البشر.
سأقول لك وإن لم تنظر إلي ولم تخاطبني.. الله أكبر على كل من طغى وتجبر.. ستلقى جزاء ما اقترفته في حق البشر، جزاء ما أفسدت في البر والبحر وحتى الشجر، لن تفلت من عقاب ربك وربنا، رب الرحمة ورب كل البشر.. يا من تخيلت نفسك ربا أعلى، لن تفلت بما ارتكبت يداك من آثام وذنوب وجرائم في حق كل من قال الله أكبر، في فلسطين والشام والعراق وليبيا، وباكستان وأفغانستان والصومال.
لن تفلت لا أنت ولا زبانيتك الذين أعانوك وساعدوك على قتل البشر، حتى من سبقوك في حكم البشر؛ لن يفلتوا من عذاب الله رب كل البشر، ستقفون أمامه يوم الحشر، يومها لن تكون إلها للبشر، ستكون وحدك ذليلا تتساءل أين المفر؟ كلا لا وزر، يومها ستكون ممن طغى وتجبر، فحق عليه أشد العقاب وسترمون جميعا بإذن الله في نار السعُر.. لا تخرجون منها ولا تخرجون من العذاب النُكر.
وستلقى في أفواهكم حمم النار المنهمر، جزاء لكل من فكر ودبّر، وقتل وشرد، ويّتم الأطفال وأعدم، ولن تكون هناك وحدك بل ستلقى معك كل مجرم أفاق قذر من عملاءك الكثر.
نظرت إليه وقد اسوّد وجهه سوادا على سواده، واحمرت عيناه الحائرتان وهو ينظر في كل اتجاه، فلم ينبس ببنت شفة، لكنه وقف على عجل وهو ينظر إلى ساعته وكأنه يتساءل هل حان وقت الحشر؟
سأقول لكم أين تقابلون أوباما، على شاشات التلفزيون وفي أخبار الجرائد، ينقل المزيد من أخبار قتل كل من قال الله أكبر، أنا لا يشرفني أن أقابل مجرما ادّعى أنه ربنا الأعلى، أنا لا يشرفني أن أجلس مع أوباما أو مع أذنابه من حكام عالمنا العربي الخونة الذين ساعدوه، وأدواته في قتل البشر، ليحموا مناصبهم وما نهبوه من أموال البشر، فتحت المذياع على صوت القرآن، لتهدأ نفسي بعد هذا الحديث المؤلم مع قاتل البشر، من شارك في تزوير التاريخ مع من زروّا كتابهم، كتاب رب كل البشر..واطمأنت نفسي وهدأ روعها، وسكن غضبي وأنا أردد مع الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله، قول رب العزة و الجلالة: (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًاوَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا لِلطَّاغِينَ مَآبًا لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا لّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا جَزَاء وِفَاقًا إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَابًا).. صدق الله العظيم...والله من وراء القصد..