«تشريعية النواب» توافق نهائيًا على تعديل قانوني مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية    أسعار النفط تهبط 1% بعد تقرير عن مناقشة أوبك+ زيادة الإنتاج    كامل الوزير: تأهيل ترام الرمل سيقلل زمن الرحلة من 60 دقيقة إلى 35 فقط    «القابضة لمياه الشرب» تنفذ مشروعات بقيمة 8.5 مليار جنيه خلال 2023-2024    رئيس اتحاد المحامين العرب يُدين جرائم الاحتلال في غزة وجنين    مباشر مباراة الأهلي والمنتدى المغربي في نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    الامتحان صعب.. آراء طلاب الأول الثانوي بسوهاج عقب أداء العلوم المتكاملة "فيديو"    مراجعة مادة الرياضيات للصف الثالث الإعدادي 2025 الترم الثاني (فيديو)    «غزال» و«أبو نسب».. القبض على شخصين بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالدقهلية    إصابة 4 أشخاص فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    السيسي يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة «شل» العالمية    وزير التموين يبحث تعزيز التعاون التجاري مع السفير البلغاري    الجامعة العربية: فقدان التنوع البيولوجى تهديد مباشر لرفاهية الإنسان وأمن المجتمعات    مصر القومي: التعديلات المقترحة على قوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ تُعد محطة مفصلية ضمن مسار التطوير السياسي    بعد حادث واشنطن.. صحيفة عبرية توجه اتهامات ل «الموساد» (ما القصة؟)    مؤيد لفلسطين وتبرع لحملة بايدن.. من هو مطلق النار على موظفي سفارة إسرائيل ب واشنطن؟    حيش الاحتلال ينذر سكان 14 حيا في شمال غزة بالإخلاء تمهيدا لتوسيع عملياته العسكرية    عاجل- وزير الخارجية الإيطالي: إسرائيل تنتهك القانون الإنساني وندعم المقترح المصري لإعمار غزة دون تهجير    وزير الخارجية والهجرة يلتقى مع المفوض الأوروبي للصحة    معاريف: إطلاق النار بواشنطن ثاني فشل ل الموساد خلال عام    «التضامن» تقر قيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    إمام عاشور يغادر المستشفى.. وفحص طبي جديد في مران الأهلي    طلاب الصفين الأول والثاني الثانوي بالمنيا يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    "التميز في النشر العلمي الدولي" ورش عمل بجامعة حلوان    بعد الزيادة الكبيرة في عيار 21.. سعر الذهب اليوم الخميس 22 مايو 2025 بمنتصف التعاملات    البدء في تصحيح أوراق امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بمطروح    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    تعدى على الملكية الفكرية.. سقوط مدير مطبعة غير مرخصة في السلام    ارتكبوا 4 جرائم مشابهة.. القبض على لصوص المساكن في الحي الراقي    الكشف اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الأحد.. وزير الثقافة يدشن تطبيق "ذاكرة المدينة" الخاص بجهاز التنسيق الحضاري    الليلة.. قصور الثقافة تقيم معرض تجربة شخصية بالعريش ضمن مشروع المعارض الطوافة    الأوقاف تشارك في ورش عمل لتصحيح السلوكيات والممارسات الصحية خلال عيد الأضحى    وزير الصحة يُهنئ رئيس هيئة «الاعتماد والرقابة» لحصوله على جائزة الطبيب العربي ل2025    المستشفيات الجامعية تنظم الاحتفالية السنوية لنظافة الأيدي احتفالا باليوم العالمي    عاصي الحلاني يختتم مهرجان القبيات الفني في لبنان أغسطس المقبل    الزمالك في مواجهة نارية ضد الترجي بنصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية لليد    جدول ترتيب الدوري السعودي قبل مباريات اليوم    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الاتفاق في الدوري السعودي    بطولة أحمد داش.. الفيلم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر السينما    سعر الدولار اليوم الخميس 22 مايو 2025 في البنك المركزي    تقرير رسمى: تحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ بداية العام وحتى الآن    دوري أبطال إفريقيا.. بيراميدز يشارك في حفل "كاف" للكشف عن الشكل الجديد لكأس الأبطال    الحكومة تعلن تعديل قانون التعليم في مصر| 12 سنة إلزامية    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    الزمالك يُكثف استعداداته لمواجهة بتروجت في دوري نايل    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    الاسم زوج..والفعل «مستعار»    خالد الجندي: الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة «جائزة» بشروط شرعية    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشناوي يكتب: جائزة الطبطبة!!
نشر في الدستور الأصلي يوم 30 - 03 - 2013

فى كل المهرجانات تظل العصمة بيد لجنة التحكيم، وتبقى مسؤولية المهرجان فى اختيار المحكمين، ليتحدد عن طريق توجهاتهم إلى مَن ينحازون، وعبرت لجنة تحكيم مهرجان الأقصر أن هناك توجها للسينما التقليدية فى بنائها، عندما منحت الجائزة الكبرى للفيلم التونسى «مانموتش» وجائزة لجنة التحكيم لفيلم «نيروبى نصف حياة»، وعلى سبيل «الطبطبة» فقط لا غير حصل «الخروج للنهار» لهالة لطفى على شهادة تقدير.

كان هذا الفيلم واحدا من أفلام قليلة منحتنا بصيصا من نور لسينما قادمة، تضع مصر فى المكانة التى تستحقها.

تفاصيل دقيقة لواقع الحياة الذى يتجاوز حدود الفقر إلى الانسحاق أمام القدر، ورغم ذلك ومهما اشتدت قتامة الصورة يبقى هناك انفراجة قادمة.

ما تراه على الشريط يتجاوز ما يمكن أن نطلق عليه الصدق، إنها الحياة التى تمر رتيبة على تلك الأسرة المكونة من أب عاجز مشلول غير قادر على التواصل مع الحياة، وأم تعمل ممرضة بالمستشفى صنعت حولها سياجا من البرودة فى المشاعر، وابنة لا تجد حتى بقايا الحياة لتعيش عليها.

الأب على السرير غير قادر على رعاية نفسه، الابنة تبدو أشد اقترابا للأب. الحوار شحيح يكاد تفلت منه بين الحين والآخر، مجرد شذرات هنا أو هناك، الصمت يسكن هذا البيت، ولكن بلاغة التعبير السينمائى هى الوجه الآخر للسكون. فى هذا البيت الصغير ترى مصر الآن، لا أتحدث عن مصر قبل أو بعد الثورة، ولكن مصر التى تعيش الحياة، بينما هى فى الواقع تموتها.

السرير كان هو البطل، والمرتبة الطبية الرخيصة نسبيا الكورية الصنع كانت هى الأمل الذى سعت الابنة لشرائها لأبيها، ولو بالتقسيط، وينتهى الأمر فى المشهد الأخير ونحن نرى الأم وهى تقوم يدويا بتنجيد المرتبة وتُخرج القطن العطن، بينما تسأل الابنة عن مكان دفن الأب. لم يجدوا لهم مكانا على الأرض، فهل يعثروا على مكان تحت الأرض.


الصورة القاتمة التى تنضح بالتلقائية فى الأداء تتجاوز الواقع إلى معنى الحقيقة، تذوب تماما على الشاشة كل المفردات السينمائية وكأنك لا تراها، كسرت المخرجة الحاجز الدرامى لتُقدم لنا قطعة من الحياة، ولهذا فإن الإضاءة تكاد تختفى تماما، ولا تشعر أنك بصدد ممثلين أمام الكاميرا، وتلمس ذلك بقوة فى أداء الممثلات دنيا ماهر الابنة، وسلمى النجار الأم، بينهما حالة من التناغم فى الأداء، وكأنها مباراة تنس طاولة، تتحرك فيها الكرة برشاقة ولا تسقط أبدا.. الأب أحمد الشرف لم ينطق بكلمة واحدة، ولكن كانت عيناه تصرخ بالاستسلام للقدر الوشيك القادم لا محالة، واستوقفتنى ممثلة قدمت مشهدا رائعا فى الفيلم وهى دعاء عريقات.

المنزل هو الساحة الرئيسية للأحداث، يبدو قطعة مصرية تشم فيه رائحة الناس، نتابع الفتاة وهى تُمسك بالقليل المتاح لها، تحاول أن تتزين عند الكوافير، إنها لا ترتدى الحجاب، وعلى الفور وفى الميكروباص تعتقد جارتها فى المقعد أنها مسيحية، هذه الفتاة تؤدى دورها، دعاء عريقات لم تتزوج بعد وتعانى من حالة كبت أدت بها إلى نوع من الهلاوس، فتذهب إلى الشيوخ لإخراج الجن، وعندما تبوء محاولاتها بالفشل تستجير بالقسيس، إنها الطبيعة المصرية العميقة فى العلاقة مع الأديان.
البطلة مرتبطة بشاب لا نراه، ونكتشف أنه يتهرب منها، اختيارات عبقرية لأماكن التصوير، الوصول للحدود الدنيا فى استخدام الإضاءة. الأماكن التى تجرى فيها الأحداث تكاد تتحول من مساحة جغرافية إلى ملامح خاصة لكل من وما تراه على الشاشة.


لم تستخدم المخرجة موسيقى تصويرية، لأن الشاشة بتفاصيلها كانت تكفى، فما الذى من الممكن للموسيقى أن تلعبه، ثم إنها فى سياق هذا الفيلم تحديدا من الممكن أن تُخرجنا عن الإحساس الدرامى، ولكننا نتعايش فى الأحداث مع أغنية لأم كلثوم «أنا وأنت ظلمنا الحب»، ودويتو غنائى «طال انتظارى» لمحمد عبد الوهاب وليلى مراد.
الحكاية التى يرويها الفيلم تبدو متكررة آلاف وربما ملايين المرات، ولهذا ليست هناك حكاية، ولكن حالة نعيشها على مدى ساعة ونصف الساعة على الشاشة.

هل بطلة الفيلم تستسلم للواقع أم تتحايل عليه. لا يقدم الشريط موقفا ثوريا نتبناه أو نرفضه ولا يعنيه أيضا أن توافق أنت على هذا المنطق الذى تحمله الشخصيات، ليس هذا هو هدف الفيلم، ولكننا فقط نرى مصر ومصريين.

سينما لا تخضع إلا لصدق الإحساس، حقيقة الحياة هى تلك التى عشناها على الشريط السينمائى، ورغم ذلك كان للجنة التحكيم ونصف عددها من المصريين رأى آخر ومنحوه جائزة على سبيل «الطبطبة»!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.