كان من بين الأخبار المزعجة التي يزدحم بها المشهد والتي لا يمكنني أن أمر عليه مرور الكرام، أكثر من عشرين حالة تحرش واغتصاب في ميدان التحرير مع بداية ذكرى الخامس والعشرين من يناير اليوم الذي أعلنت فيه المعارضة عن نيتها للتظاهر وتنوعت مطالبها بين إقالة الحكومة وتعديل الدستور وحتى إسقاط النظام. تحرش واغتصاب نال من فتايات وسيدات تنوعت أعمارهن بين العشرين وحتى الستين من العمر. هل حفلات التحرش و الاغتصاب الجماعي الممنهجة تلك، بحسب وصف الشهود، أمر من قبيل الصدفة؟ وهل هناك شيء يحدث في مصر من قبيل الصدفة بدءا من مقتل الجنود في رفح وحتى عنف الاتحادية وإلى حفلات الاغتصاب؟ وهل ما تتعرض له السيدات والفتايات ممن شاركن جنبا إلى جنب مع الرجال في الميادين من تهميش وتصنيفات فجة رخيصة أمر من قبيل الصدفة؟ فإذا كان رجال المعارضة يتهمون بالكفر ومعاداة المشروع الإسلامي العظيم فإن سيدات المعارضة يتهمن، علاوة على ماسبق.
بأن خلف معارضتهن رغبة "في المشي على حل شعرهن" كما صاح أحدهم في إحدى المناقشات التي حضرتها واستدل على ذلك بأنهن كاشفات لوجوههن وشعورهن ...وكأن الضمان الوحيد للإستقامة والعفاف هو تغطية الشعر والوجه ويالها من سذاجة وسطحية جعلتني لم أفكر حينها حتى بالرد عليه وإهدار وقتي مع من يحمل هذه العقلية التي تدور في فلك المظهر وهوسه.
يزايد هو على النقاب...تماما كما زايدت دينا زكريا العضوة بجماعة الإخوان المسلمين في لقاءها على قناة "أون تي في" على الحجاب حين صرحت، مع بداية أزمة الاتحادية وهجوم الإخوان على الخيام لفض الاعتصام بالقوة، بأنها قد تلقت تحذيرات بعدم الذهاب للإتحادية لأنه يتم الاعتداء على أي فتاة ترتدي الحجاب، في مزايدة واضحة على أن المترددات على الاتحادية من المتبرجات، السافرات، الداعرات...وكأننا لا نملك في وجوهنا أعين لنرى بها أو عقول لازالت تعمل والحمد لله لنحكم بها. كل يزايد وفقا لأهواءه ولا يزال الدين هو الستار والشعار. كم أنتم محظوظون أيها الرجال ما أسهل أن تتخلصوا من مزايدات المظهر ببساطة إذا ما قررتم إطلاق لحاكم!!!
دعوني أتوقف أمام مجموعة من الصور
1) صورة ميدان التحرير ....كم أحب دوما أن اقترب من صورة ميدان التحرير....أيقونة الثورة والذي سيظل هكذا بعد تطهيره بإذن الله...ربما لم يتخيل الشباب البريء الذي هموا بتنظيفه ممسكين بالمقشات وأدوات الطلاء بعد خلع مبارك أنه سيتسخ من جديد ولكن بشخوص هذه المرة. أتذكر كيف كان يموج بالبشر دون ن يرتطم بي أحدهم ولو بالخطأ على نحو يخدش حيائي تعرض من فيه للتشويه باتهامهم بالتمويل الخارجي ووجبات الكنتاكي وغيره ولكنها كانت محاولات باهتة لم تنجح...متى إذن بدأ التشويه الحقيقي الممنهج لميدان التحرير؟
أرى أنه بدأ مع حكم العسكر ...بدأ مع "إيه وداها هناك؟" و "إيه وداهم هناك؟" لم يكن من الصعب الدفع بالبلطجية والمتشردين والقتلة هناك نعم لقد كانوا هناك جنبا إلى جنب مع شخص في نقاء الشيخ عماد عفت رحمه الله.....وها هو الآن التحرير في أقبح صوره مع حفلات تحرش جماعي تتعرض له نساء مصريات كن ولا يزلن بميت راجل.
2) صورة بالأبيض والأسود لنساء بورسعيد يحملن السلاح لمواجهة العدوان على مصر صورة تتحدث عن نفسها ولا تحتاج إلى تعليق
3) صورة بالألوان لسيدات وفتايات يحملن أسلحة بيضاء احتجاجا على تعرضهن للتحرش ولا تحتاج أيضا إلى تعليق.
4) صورة لشيخ من مشايخ هذا الزمن يتحدث بكل شماتة وتهكم عمن تعرضن للتحرش ويصفهن بالصليبيات والأرامل والعرايا السافرات "اللي رايحين عشان يغتصبوا" .....وجدتني وقد توقفت عند هذه الصورة وتلك الكلمات التي صدرت من رجل ...وليس أي رجل بل رجل دين لأنها تحتاج إلى تعليق ..وتعليق واحد "يافرحة أمك بيك"