البنك المركزى فى تقريره الشهرى عن يناير الماضى، كشف عن ارتفاع حجم الودائع بالبنوك العاملة بمصر مسجلا تريليونا و66 مليارا و392 مليون جنيه فى نهاية نوفمبر 2012، مقارنة بتريليون و2 مليار و131 مليون جنيه بنهاية مايو من نفس العام، أى بزيادة بلغت نحو 63 مليار جنيه خلال 6 أشهر، وهو أمر يبدو معقدا فى ظل ما يعانيه الاقتصاد المصرى من ركود عام ومعدلات تضخم آخذة فى الارتفاع. محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، قال إن زيادة الودائع ترجع بشكل رئيسى إلى حالة الحذر الاستثمارى التى ظهرت خلال الفترة الأخيرة نتيجة عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى البرنامج الاقتصادى للحكومة، مشيرا إلى أن هذه الزيادة تزامنت مع انكماش السيولة فى سوق الأوراق المالية وسوق العقارات بشكل واضح، منوها إلى حدوث تراجع فى عائد أذون الخزانة بشكل متكرر دفع عددا من المؤسسات والأفراد إلى الاتجاه إلى الودائع.
عادل كشف عن أن هذه الزيادة فى حجم الودائع وارتفاع السيولة غير الموظفة بنكيًّا، قد دفعت البنوك لدراسة رفع الفائدة على شهادات الادخار وعلى الأوعية الادخارية، وهو أمر متوقع بعد الاتجاه التنازلى الواضح للعائد على أذون الخزانة المصرية، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد مزيدا من الارتفاع فى عوائد أذون وسندات الخزانة بعد استقرار الأوضاع الاقتصادية، وهو ما سيمثل ضغوطا على الأدوات المالية المرتبط تحديد عوائدها بهذه العوائد.
عادل أضاف أن الفترة الحالية تستلزم سياسات للتحفيز الاقتصادى والاستثمارى وهو أمر يثير ضغوطا قوية على صانعى السياسة النقدية خصوصا أن ارتفاع الدين المحلى ومحاولات السيطرة على تكلفته بكل السبل لتحجيم نمو أعباء تكلفة خدمة الدين ما زال عنصرا حاكما فى صناعة السياسة المالية للدولة فى مرحلة ما بعد الثورة.
فى المقابل، قد تواجه ودائع البنوك بالعملتين المحلية والأجنبية تحديات من نوع مختلف عقب قيام مؤسسة «موديز» بتخفيض التصنيف الائتمانى لخمسة بنوك هى: الأهلى، ومصر، والإسكندرية، والتجارى الدولى، والقاهرة، على المدى الطويل.
الخبير المصرفى الدكتورة سلوى العنترى، قالت من جانبها، إن تخفيض التصنيف الائتمانى للبنوك الخمسة لم يأت لأسباب تتعلق بسلامة أو جودة العمل داخل هذه البنوك، وهو الأمر الذى يؤكد سلامة الودائع بالعملتين المحلية والأجنبية لدى البنوك العاملة بمصر، مشددة على أن مؤشرات سلامة القطاع المصرفى المصرى أكثر من جيدة، بل إنها تفوق نظيراتها فى الخارج، حيث إن معدلات فائدة رأس المال (القاعدة الرأسمالية للبنوك) تصل إلى 15.7% وهى أعلى من النسبة المقررة من البنك المركزى نفسه، التى تصل إلى 10%، إضافة إلى أن الديون المتعثرة لدى القطاع كله لا تتجاوز 9% ومغطاة بمخصصات لنحو 69%، ويضاف إلى مؤشرات السلامة هذه معدلات الربحية لحقوق المساهمين.