جدول امتحانات الشهادة الإعدادية بمحافظة المنيا للفصل الدراسي الثاني 2025    ثبات سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الثلاثاء 13 مايو 2025 (بداية التعاملات)    محافظ سوهاج يُقرر تشكيل لجنة لفحص كافة أعمال وتعاقدات نادي المحليات    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    لحظة اقتحام المقار التابعة لجهاز دعم الاستقرار في طرابلس.. فيديو    الخارجية الأمريكية: جهود كبيرة لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف للاحتلال على خيمة نازحين في خان يونس    ميمي عبدالرازق: الأهلي يحتاج لمدرب أجنبي قوي.. وهناك مجاملات للأحمر!    تفاصيل تعاقد الأهلي مع خوسيه ريفيرو.. وسبب صرف النظر عن جوميز    حريق هائل يلتهم 4 طوابق بعقار في المريوطية    انفجار أسطوانة غاز السبب.. تفاصيل إصابة أم وطفليها في حريق منزل بكرداسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    الأهلي يتحدى سيراميكا في طريق لقب الدوري    أنباء عن إعلان حظر التجوال في العاصمة طرابلس    "نريد أن نمنحهم بداية جديدة".. ترامب يلمح إلى تخفيف العقوبات عن سوريا    كشف لغز العثور على جثة بالأراضي الزراعية بالغربية    "دخلوا وراه وضربوه جوا المسجد".. التفاصيل الكاملة لفيديو اعتداء عدة أشخاص على شاب بالقاهرة (صور)    تحت شعار «اكتشاف المشهد».. «أسبوع القاهرة للصورة» يواصل فعاليات دورته الرابعة بدعم غزة (صور)    5 أبراج «لو قالوا حاجة بتحصل».. عرّافون بالفطرة ويتنبؤون بالمخاطر    محامية بوسى شلبى تعلن مقاضاة كل من يخوض بعرضها أو ينكر علاقتها الزوجية    بمشاركة مصر.. اكتمال عقد المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم للشباب 2025    لقاء جماهيري لتوضيح ملف تقنين الأراضي بالعبور الجديدة    جدل وانفعال.. تفاصيل جلسة الاستماع لمستأجري الابجار القديم بمجلس النواب    "رياضة النواب" تصدر 28 توصية للأكاديمية الوطنية خاصة للشباب المصريين بالخارج    الفريق أسامة ربيع: ندرس تخفيض رسوم عبور السفن عبر قناة السويس بنسبة 15%    "كأس أمم أفريقيا للشباب ودوري سعودي".. نتائج مباريات يوم الإثنين 12 مايو    منتخب مصر للباراسيكل يكتسح بطولة إفريقيا لمضمار الدراجات ويحصد 29 ميدالية.    آس: بعد أول مباراتين ل البرازيل.. نجل أنشيلوتي سيتولى تدريب رينجرز    هل تُعطّل الإصابة مسيرة رونالدو التهديفية في الدوري وتمنح المنافسين فرصة اللحاق به؟    افتتاح أول مركز للقيادات الطلابية بجامعه المنوفية    اعتماد 24 مدرسة من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد بالوادي الجديد    جامعة القاهرة تحتفل بيوم المرأة العالمي في الرياضيات وتطلق شبكة المرأة العربية- (صور)    جدول امتحانات المواد غير المضافة للمجموع للصف الثاني الثانوي ببورسعيد(متى تبدأ؟)    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    انتحار شقيقي الشاب ضحية بئر الآثار في بسيون بالغربية    اليوم| محاكمة تشكيل عصابي بتهمة الشروع في قتل شاب ببولاق الدكرور    اليوم| محاكمة تشكيل عصابي بتهمة سرقة المواطنين بالإكراه في بولاق    ارتفاع طن السلفات إلى 1063.5 جنيه، أسعار الأسمدة اليوم في الأسواق    بسبب الاشتباكات العنيفة.. ما حقيقة تعليق الدراسة والامتحانات ب طرابلس؟    جدول أعمال زيارة ترامب الخليجية فى ظل ديناميكيات إقليمية معقدة    إيمان العاصي في "الجيم" ونانسي عجرم بفستان أنيق.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    قبل عرضه على "MBC".. صلاح عبدالله ينشر صورة من كواليس مسلسل "حرب الجبالي"    أميرة سليم تحيي حفلها الأول بدار الأوبرا بمدينة الفنون والثقافة في العاصمة الإدارية    نانسى عجرم تنشر صورا من حفلها الأخير المخصص للنساء فقط فى هولندا    «الأسد بيحب يدلع نفسه».. الأبراج والمال كيف يؤثر برجك في طريقة إنفاقك للفلوس؟    «قصر طائر» ب400 مليون دولار.. قصة هدية فاخرة منحتها قطر ل أردوغان قبل ترامب    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟| الإفتاء تجيب    طفل ينهي حياته داخل منزله بالإسماعيلية    45 فرصة عمل برواتب تصل إلى 36 ألف جنيه.. تعرف عل وظائف المصريين بالأردن 2025    أعراض ومضاعفات تسمم الماء.. المعاناة تبدأ ب 4 لترات وقد تنتهي بغيبوبة    رئيس «الرقابة الصحية» يزور مستشفى بئر العبد النموذجي تمهيدا لتطبيق «التأمين الصحي الشامل»    فحص 1140 مواطنا وصرف العلاج مجانا خلال قافلة طبية في السويس    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات كلية التجارة    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشامي يكتب: ذئب الجمعيات الأهلية!
نشر في الدستور الأصلي يوم 28 - 03 - 2010

في يونيو الماضي زف إلينا الدكتور علي المصيلحي خبر الانتهاء من المسودة النهائية للتعديلات المقترحة علي قانون الجمعيات الأهلية الحالي، ومنذ ذلك الحين أي قبل تسعة أشهر بالتمام والكمال ظلت المسودة المزعومة في كنف الظلام حتي تسربت فجأة قبل أيام لتكتشف الجمعيات غير الحكومية أن ما تمخضت عنه الحكومة بعد سنوات من المشاورات والعهود النبيلة ليس إلا ذئباً مفترساً يستعد للانقضاض في ليلة غير مقمرة علي منظمات حقوق الإنسان المسجلة وحركات وجماعات التغيير والإصلاح السياسي غير المسجلة في آن واحد.
فالمشروع الذي ستروج له الحكومة وتقدم تبريراتها حوله لتنال تصديق المجالس النيابية عليه الشهر المقبل بضمان أغلبيتها البرلمانية، يتيح للاتحاد العام للجمعيات الأهلية وللاتحادات الإقليمية للجمعيات التي تسيطر عليها الدولة فرض تسلطها ورقابتها وإشرافها علي مجمل النشاط الأهلي عبر إجبار مؤسسات المجتمع المدني علي الالتحاق بعضوية الاتحاد العام الذي يعين الرئيس ثلث مجلس إدارته والاتحادات الإقليمية الأخري علي نمط الاتحاد العام للعمال الذي أخضع النقابات العمالية لسيطرة الحكومة علي مدي 58 سنة.
ووفقا للقانون الجديد سيتعين علي طالبي تأسيس الجمعيات التقدم بأوراقهم إلي الاتحاد الإقليمي - الذي يُعين وزير التضامن الاجتماعي ثلث أعضاء مجلس إدارته - للبت فيها وإحالتها إلي الجهة الإدارية التي يحق لها رفض تقييد الجمعية، كما يجوز للاتحادات الإقليمية ولجهة الإدارة أيضا التدخل في انتخابات الهيئات القيادية للجمعيات واستبعاد المرشحين لها إذا ما ارتأت ذلك، بل إن القانون الممعن في التسلط سمح للحكومة بعقد جمعيات عمومية لأي منظمة أهلية رغم أنف أعضائها والتدخل في شروط انعقادها ما يشكل جوراً علي حق هذه المنظمات ومؤسسيها وأعضاء جمعيتها في صياغة نظامها ولوائحها الأساسية.
أكثر من ذلك أن القانون المقترح يبقي علي نصوص القانون الحالي 84 لسنة 2002 والتي تحكم سيطرة السلطة التنفيذية في الترخيص للجمعيات بجمع التبرعات والحصول علي منح خارجية، كما يقيد حق الجمعيات في الانخراط الطوعي داخل ائتلافات أواتحادات أو شبكات علي مستوي إقليمي أو دولي أو حتي علي مستوي وطني، ناهيك عن إطلاق يد الإدارة في الاعتراض علي القرارات أو الأنشطة التي تمارسها الجمعيات وصولا إلي فرض عقوبات تشمل تجميد أنشطة بعينها وعزل هيئاتها المنتخبة والمضي قدماً في إجراءات حل وتصفية الجمعيات.
لاشك إذن أن القانون الجديد لا يشكل فقط انتهاكا للمعايير الدولية التي تكفل للمنظمات غير الحكومية صياغة أنظمتها الأساسية والحق في إنشاء اتحادات وشبكات تعبر عن مصالحها وأهدافها المشتركة، بل يعد خرقاً واضحاً للضمانات الدستورية التي تقر بحرية إنشاء الاتحادات علي أسس ديمقراطية، فضلا عن كون القانون الجديد يقيد تأسيس الجمعيات الأهلية الجديدة بتخصيص مائة ألف جنيه كحد أدني مما يهدد مئات من المؤسسات الأهلية المسجلة الآن.
من الجلي إذًا أن الدولة المصرية لا تريد للجمعيات الأهلية أن تساهم بأي دور في الإصلاح الاجتماعي والسياسي وهي الآن تقدم برهانا آخر علي أنها تريد لهذه الجمعيات أن تصبح كمعظم الأحزاب السياسية المدجنة غير القادرة علي الفعل، تريد للجميع أن يصبح ديكوراً في مسرح النظام لا يهش ولا ينش، فالمرحلة المقبلة مقلقة جدا للنظام الذي لا يرغب في مطالب جديدة بالإصلاح وتعديل الدستور والرقابة المجتمعية أو الدولية علي الانتخابات.
التعسف والقمع وفرض الهيمنة ليس بجديد علي الحالة المصرية، فالقانون الجديد ليس إلا نسخة منقحة ومزيدة إلي الأسوأ من قوانين الجمعيات لعام 1964 وعام 1999 وعام 2002 التي تجعل من الجمعيات الأهلية مجرد مسخ خاضع لما تريده الدولة بما يجعل هذه الجمعيات عاجزة عن القيام بدور أساسي في تعليم الديمقراطية والثقافة السياسية وتكريس فكرة العمل الطوعي من أجل نهضة المجتمع، كما أن الدولة تكرس بهذه القوانين سيئة السمعة فكرة رفضها المبادئ الديمقراطية في الإدارة الداخلية وكذلك تداول السلطة في المناصب القيادية للجمعيات وهو عكس كل ما تتشدق به الحكومة عشية وصباحا في وسائل الإعلام المختلفة، بل إنه يخالف تعهدات الحكومة أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وتعديل قانون الجمعيات الأهلية بما يضمن تيسير نشاط المنظمات غير الحكومية.
لقد نشأت أول جمعية أهلية بمصر قبل نحو مائتي عام حين تأسست الجمعية اليونانية بالإسكندرية عام 1821 ونمي دور الجمعيات الأهلية في دعم الحركة الوطنية في مصر والنهوض بالعلوم والفنون والآداب والثقافة والرعاية الاجتماعية وتبرع المصريون - الذين تشربوا واقتنعوا بدورهم المجتمعي - بمبالغ هائلة تحقيقا لتنمية المجتمع في وقت اعترف فيه دستور 1923 بأحقية المصريين في ممارسة حقوقهم، غير أن انكسار حقبة العمل الأهلي بدأت مع صدور القانون رقم 66 لسنة 1954 الذي نقل اختصاص الرقابة علي الجمعيات الدينية والثقافية والعلمية إلي وزارة الداخلية، ومع إلغاء الأحزاب السياسية وتأميم الجمعيات الأهلية ساد عزوف الشعب علي الإقبال والانخراط في العمل الأهلي.
الآن تطالب الدولة المواطنين بالتوقف عن السلبية وبالتبرع من أجل نهضة المجتمع وبالمساعدة في تأسيس المدارس والمستشفيات وبدور أوسع للمجتمع المدني بعدما تراجع دور الدولة في كل المجالات وجفت ينابيع الدولة المالية مع تضخم عدد السكان وتعاظم احتياجاتهم الخدمية كل يوم، لكن الدولة ذاتها تقدم نموذجاً معارضاً لكل ما تقول به وتدعي، وعليها أن تقبل بسلبية الشعب وبعزوف الناس عن النهوض بالمجتمع، علي الحكومة أن ترضي بالمفهوم السائد بأنها ماما وبابا، عليها أن تأتي بالوظائف إلي المواطنين وتوفر لهم سبل العيش الرغيد، فهي التي اختارت ذلك ولا تزال تصر عليه، هي التي أطلقت ذئب الليل وهي المطالبة بقتله الآن وليس غداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.