قالت المحامية بسمة الخلفاوي أرملة شكري بلعيد إن زوجها تلقى خلال الخمسة أشهر الأخيرة تهديدات بالتصفية الجسدية عبر وسائل مختلفة: الرسائل القصيرة أو المكالمات الهاتفية والبريد الإلكتروني إلا أنه لم يعرها اهتماما وواصل نشاطه السياسي على نفس النسق وكان شديد الالتزام بمبادئه ومواقفه التي لا يحيد عنها رغم ارتفاع وتيرة التهديدات واكتسابها جدية أكثر. خاصة بعد أن وصلت دعوات السلفيين والمحسوبين على حزب النهضة لقتله من على منابر المساجد، كما حدث في مسجد سيدي اللخمي في صفاقس ومساجد أخرى في عدد من مدن القيروان وجرجيس وتونس العاصمة. كنا حين نتجول أو نقضي شؤوننا مع أبنائنا، يتوقف المواطنون لإلقاء التحية على زوجي وشكره على مواقفه الشجاعة من قضايا البلاد، لكن أيضا لتحذيره من مغبة اعتداءات محتملة قد تطاله، لكن شكري كان يتلقي هذه التحذيرات بالابتسام، ويذكر يأن الجبان وحده هو من يتراجع عن مواقفه في قضايا مصيرية خاصة إذا ما أنيطت بعهدته مهام إصلاحية وقيادية كما كان حال شكري بلعيد على رأس حزبه وكرمز من رموز المعارضة التونسية للنهضة والترويكا الحاكمة.
بسمة وجهت أصابع الاتهام إلى الأجهزة الأمنية التونسية التي أظهرت على حد تعبيرها تخاذلا مقصودا تجلى في عدم توفير حماية شخصية له ولا لاجتماعات حزبه، حزب الوطنيين الديمقراطيين وآخر مثال على ذلك الاعتداء الذي وقع في مدينة الكاف الأسبوع الماضي حيث اقتحمت مجموعات هي مزيج من السلفيين والنهضويين وقطاع طرق تكون عناصر من رابطات حماية الثورة مقر الاجتماع في دار الثقافة واعتدت على الحاضرين وحطمت تجهيزات دار الثقافة وأرهبت الجميع دون أن تحرك السلطات ساكنا. وهو ما شجع على الذهاب قدما في هذه الاعتداءات والمرور إلى مرحلة الاغتيال السياسي الذي يعد سابقة في تونس، منذ اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد.
وتضيف المحامية ورفيقة درب شكري بلعيد أنه إضافة لخسارتها الشخصية لزوجها وأب أطفالها الثلاثة فإنها تتحسر على خسارة تونس لرجل سياسي، تونس اليوم في أمس الحاجة إليه رجل يؤمن بالديمقراطية لحد النخاع، كأسلوب عيش قبل أن يكون أسلوب عمل سياسي. رجل دولة بالمعني الكامل، قد يكون وجوده أثار مخاوف بشأن دور مستقبلي محتمل له في تونس، حتى أن تنازله عن زعامة الجبهة الشعبية لصالح حمة الهمامي يعتبره البعض تنازلا غير مسبوق عن منصب سياسي ذو شأن، ما يؤكد تغليبه المصلحة العامة والحزبية على مصلحته الشخصية الضيقة، وهي رؤى لا عهد لنا بها في الدول العربية والناشئة.