تقدّم الدكتور محمد البرادعي باستقالته إلى المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية. وقام البرادعي بإصدار بيان اليوم (الأربعاء) وصل "بص وطل" نسخة منه، جاء فيه: "السيد المستشار/ عدلي منصور رئيس الجمهورية.. أتقدّم إليكم باستقالتي من منصب نائب رئيس الجمهورية، داعيا الله عز وجل أن يحفظ مصرنا العزيزة من كل سوء، وأن يحقق آمال هذا الشعب وتطلّعاته، ويُحافظ على مكتسبات ثورته المجيدة في 25 يناير 2011، والتي أكّدها بصيحته المدوية في 30 يونيو 2013، وهي المكتسبات التي بذل من أجلها التضحيات الجسام من أجل بناء وطن يعيش فيه الجميع متمتعين بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد والتوافق المجتمع والمساواة التامة بين جميع المواطنين دون تفرقة أو إقصاء أو تمييز. لقد ساهمت قدر ما وسعني الجهد، وظللت أدعو لهذه المبادئ من قبل 25 يناير ومن بعدها دون تغيير ودون تبديل، وسأظلّ وفيّا لها وفاء لهذا الوطن الذي أؤمن بأن أمنه واستقراره وتقدّمه لا يتحقق إلا من خلال التوافق الوطني والسلام الاجتماعي الذي يتحقق من خلال إقامة الدولة المدنية، وعدم الزجّ بالدين في غياهب السياسة واستلهام مبادئه وقيمه العليا في كل مناحي الحياة. إلا أن الجماعات التي تتخذ من الدين ستارا والتي نجحت في استقطاب العامة نحو تفسيراتها المشوّهة للدين حتي وصلت للحكم لمدة عام يعدّ من أسوأ الأعوام التي مرّت علي مصر؛ حيث أدت سياسات الاستحواذ والإقصاء من جانب والشحن الإعلامي من جانب آخر إلى حالة من الانقسام والاستقطاب في صفوف الشعب. لذلك كان المأمول أن تفضي انتفاضة الشعب الكبرى في 30 يونيو إلي وضع حدّ لهذه الأوضاع ووضع البلاد علي المسار الطبيعي نحو تحقيق مبادئ الثورة، وهذا ما دعاني لقبول دعوة القوى الوطنية للمشاركة في الحكم، إلا أن الأمور سارت في اتّجاه مخالف؛ فقد وصلنا إلى حالة من الاستقطاب أشدّ قسوة وحالة من الانقسام أكثر خطورة، وأصبح النسيج المجتمعي مهدّدا بالتمزق؛ لأن العنف لا يولد إلا العنف. وكما تعلمون، فقد كنت أرى أن هناك بدائل سلمية لفضّ هذا الاشتباك المجتمعي، وكانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلي التوافق الوطني، ولكن الأمور سارت إلي ما سارت إليه، ومن واقع التجارب المماثلة؛ فإن المصالحة ستأتي في النهاية، ولكن بعد تكبدنا ثمنا غاليا كان من الممكن -في رأيي- تجنبه. لقد أصبح من الصعب عليّ أن أستمر في حمل مسئولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها، ولا أستطيع تحمّل مسئولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله ثم أمام ضميري ومواطني؛ خصوصا مع إيماني بأنه كان يمكن تجنّب إراقتها.. ومع الأسف؛ فإن المستفيدين مما حدث اليوم هم دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشدّ تطرفا، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله. وقى الله أرض الكنانة وشعبها العظيم وجيشها الباسل. محمد البرادعي". يُذكَر أن قوات الأمن قد قامت صباح اليوم بفضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وهو ما أدّى إلى اشتباكات عنيفة بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي وقوات الأمن والأهالي في عدد من محافظات الجمهورية، وقد تساقط مئات من القتلى والمصابين.