كل سنة وكل قرّاء "بص وطل" طيبين.. إحنا دلوقتي خلاص في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم.. وطبعا مش عايز أقول لكم أد إيه الأيام دي مهمة جدا، ومهم أوي إننا نستفاد بكل لحظة فيها؛ سواء بقراءة القرآن أو صلاة التراويح أو التهجد أو حتى قيام ليل ولو حتى بصلاة ركعتين أو ذِكر الله.. أو إننا ندعي زي ما رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بيدعي في هذه الأيام المباركات: "اللهمّ إنك عفو كريم تحبّ العفو؛ فاعفُ عنّي". قال صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر: "إِنَ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلا مَحْرُومٌ".. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. سبب تسميتها ب"ليلة القدر" قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. سمّيت ليلة القدر مِن القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف. ويمكن أن يكون سبب تسميتها بذلك أن الله سبحانه وتعالى يقدّر فيها ما يكون في تلك السنة؛ فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا مِن حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه؛ قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}؛ أي تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام؛ فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر -والله أعلم- أنها تُنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ، قال ابن عباس: "إن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات"؛ أي أنه كُتِب في ليلة القدر أنه من الأموات، وقيل إن المقادير تبيّن في هذه الليلة للملائكة. ومعنى "القدر" التعظيم؛ أي أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التي اختصت بها، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر. وقيل: القدر التضييق، ومعنى التضييق فيها: إخفاؤها عن العلم بتعيينها، وقال الخليل بن أحمد: إنما سمّيت ليلة القدر؛ لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة. فسمّاها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها؛ فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه". أهميتها لليلة القدر أهمية كبيرة؛ فهي ليلة يحدّد فيها مصير مستقبلك لعام قادم؛ حيث يُكتَب فيها ما سيجري في ذلك العام؛ فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء؛ فاحرص أن تكون فيها قارئا للقرآن قانتا له، ومسبحا وذاكرا له، وإيّاك أن تكون غافلا عنها فيفوتك خير كثير. ليلة القدر خير من ألف شهر قيام وعبادة ليلة القدر أفضل عند الله من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر؛ وذلك لقوله تبارك وتعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}؛ أي ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريبا. ولو أصاب مسلم ليلة القدر؛ فقامها لمدة عشرين سنة؛ فإنه يُكتَب له -بإذن الله- ثوابا يزيد على مَن عبد الله ألفا وستمائة وستة وستين سنة؛ فلا تضِع الفرصة. علامات ليلة القدر ذَكَر الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أن لليلة القدر علامات: - قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحسّ بها إلا مَن كان في البرّ بعيدا عن الأنوار. - الطمأنينة؛ أي طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن؛ فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي. - أن الرياح تكون فيها ساكنة؛ أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسبا. - أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي. - أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدلّ لذلك حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه- أنه قال: أخبرنا رسول الله: "أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها". - ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب، ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها؛ فهي سلام كلها؛ قال تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ طَلْقَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، وَتُصْبِحُ شَمْسُ صَبِيحَتِهَا ضَعِيفَةً حَمْرَاءَ".