سمر علي تعتبر ظاهرة الاحتراق الذاتي من الظواهر الغامضة التي عجز العلم عن تقديم تفسير حقيقي لها، وهي ظاهرة تحول الشخص إلى لهب دون وجود أي سبب ظاهري، ويقوم اللهب بتدمير معظم أجزاء الجسم، دون احتراق الأشياء حوله. والغريب في هذه الظاهرة هو احتراق عظام الإنسان، أكثر من 3000 درجة مئوية لتحوله إلى رماد في خلال دقائق، ودون احتراق الأشياء المحيطة بالجسم. وقد يحترق جسم الإنسان بأكمله نتيجة هذه الظاهرة، لكن في الغالب تبقى الأطراف سليمة دون أن تمسها النيران، في حالات نادرة من الاحتراق الذاتي تبقى الأعضاء الداخلية للجسم غير محترقة على الرغم من احتراق الجسم من الخارج. وأشارت بعض الحوادث إلى أن هناك حالات لا يصحبها اندلاع لهب أو ألسنة نيران، وهناك أيضا حالات احتراق دون اشتعال ودون دخان. والأمثلة على هذه الظاهرة كثيرة، فقد وجدت جثة السيدة إيوفيميا جونسون، أرملة في الثامنة والستين من العمر تعيش بمفردها في لندن، حيث وجدت بقايا جثتها وهي كومة من العظام المحترقة على الأرض، وعلى الرغم من الاحتراق التام لجثتها، فلم يكن على الكرسي الذي وجدت عليه أي أثر للاحتراق، والأغرب من ذلك هو وجود عظامها المحترقة داخل ثيابها التي لم تحترق! وهناك من نجا من الاحتراق الذاتي مثل بول هايز، والذي وجد نفسه محاطا بألسنة اللهب من خصره إلى أعلى، وقد قال عن هذه الحالة قائلا: "لقد كان شيئا لا يوصف، كما لو أنني كنت قابعا داخل فرن مشتعل، وشعرت وكأن حديدا محميا قد التصق بذراعي من الكتفين وحتى الرسغين، واحمرّ وجهي وأذناي من لفح حرارة ألسنة اللهب، وأحسست بصدري يغلي كما لو أن أحدا ما قد صب ماء مغليا عليه". وحاول هايز الهروب من اللهب، لكنه تعثّر ووقع على الرصيف، فتكوّر على نفسه معتقدا بأنه يموت، وبعد أقل من نصف دقيقة انطفأت النار فجأة مثلما اشتعلت فجأة، وتمكن من الوصول إلى مستشفى قريب، وتمت معالجته من الحروق التي أصابت يديه وذراعيه ووجهه ورقبته وأذنيه. وعن تفسير هذه الظاهرة فقد اختلف المختصون حول أسبابها، فهناك من يعتقد أن فكرة اندلاع النار تلقائيا أمر مستحيل نظريا، وهناك من يعتقد أن الضحايا مدمني الكحول هم الذين يتعرضون لهذه الظاهرة، حيث إن أجسامهم المتشربة بالكحول تكون سريعة الاشتعال، ولكن تم رفض هذا التفسير باعتباره غير منطقي، لأن أي شخص يصل إلى هذه المرحلة من الإدمان يموت بالتسمم قبل أن يموت بالاحتراق الذاتي. وهناك من يقول إن الاحتراق يتم نتيجة اتصال الجسم المحترق بنار المدخنة أو المدفأة، وهذا التفسير على الرغم من منطقيته إلا أنه لا يفسر حالات احتراق البعض دون وجود هذه الأسباب، فبعض الضحايا لم يكونوا جالسين أمام مدفأة مشتعلة. في حين يرى البعض أن الحالة النفسية قد تكون سببا للاحتراق الذاتي، فالمريض النفسي الذي يعاني من اليأس والخوف والإحباط وعدم الاستقرار العاطفي، يمكن أن تؤثر هذه الانفعالات في وضعه، فتنعكس حالته النفسية على جسده ، مما يسبب اضطرابا في السلوك الوظيفي للأعضاء، إلا أننا لو افترضنا صحة هذا التفسير لأصبح أكثر من ثلثي البشر الآن عبارة عن أكوام من الرماد المحترق. وهناك تفسيرات أخرى تدّعي وجود اتصال من العوالم الفضائية أو الأطباق الطائرة التي تسبح في الفضاء الخارجي، أو حدوث الظاهرة نتيجة تأثير العوالم الغيبية الأخرى كالجن والشياطين والأرواح الشريرة، وهي أسباب غير منطقية على الإطلاق. ما زالت ظاهرة الاحتراق الذاتي لغزا محيّرا للكثيرين، ولم يتوصل العلم حتى الآن إلى تفسير منطقي له.