السلام عليكم.. بجد شكرا جدا على الموقع الأكثر من رائع، وشكر كبير على المجهود الرائع الموجود. أنا عندي مشكلة بجد تعباني جدا.. أنا متزوج من حوالي 9 شهور وزوجتي حامل الحمد لله، تزوّجت زواج تقليدي مع إني إنسان رومانسي جدا، كنت خاطب قبلها إنسانة تانية، بس ماحصلش نصيب بسببها، بس الصراحة كنت بحبها أوي، وهي اللي تركتني، وخطبت بعدها بثلاث شهور وتزوجت، وكنت أيام الخطوبة باعرف بنات عن طريق الإنترنت وأتحدّث معهم، مع إني عارف ومتأكد إن الكلام ده غلط، وبعد الجواز انقطعت شوية ورجعت تاني بقوة. وبقيت كل يوم أعرف بنت جديدة، وآخر اليوم أعاتب نفسي وألومها على اللي أنا باعمله؛ زوجتي بتحبّني وأنا كمان لما أكون معاها باحس بحبها، المشكلة إني مش باشوفها إلا آخر الأسبوع؛ لأن ظروف شغلي بعيدة عن البيت وفي محافظة تانية، وأنا باحس بملل رهيب، وأوقات مش بيكون فيه شغل فبادخل على النت وأشيّت.. أنا عارف إن ده غلط، بس باحس إني عاوز أعيش قصة حب جديدة. حاسس وأنا بادي مشاعر لمراتي إن خلاص مابقتش قادر مش عارف ليه؟ ممكن ساعات عشان المشاكل مع إنها مشاكل الحياة العادية، أنا عارف إني باغضب ربنا وخايف من عقابه، ونفسي بجد تساعدوني إني أنهي المشكلة دي. نفسي أبطّل أعرف بنات.. أنا على فكرة لا أتطرّق معاهم لأي أحاديث خارجة نهائيا مجرّد إعجاب وكلام حب ورومانسي.. أنا من النوع اللي بحب الحاجة الصعبة المستحيلة، وبخليني وراها لحد ما آخدها، وساعات لما أحس إنها ملكي باحس بملل.. بجد مش عارف فيه إيه؟ منتظر ردكم وجزاءكم الله خيرا. ooran صديق "بص وطل".. نشكرك جزيل الشكر على محبتك لنا وسعداء باستقبال المزيد من رسائلك دوما. صديقنا.. لقد ظهر في رسالتك ملامح شخصية نقية تريد الحق وتبحث عنه، ولكن مشكلتها الأساسية أنها تترك نفسها تتعثّر كثيرا، وهو ما يجعلها لا ترى الطريق بوضوح، ويرهقها السعي بالبحث عن شيء تريده ولا تجده، ويسبّب لها هذا التعب والإرهاق بضياع حقائق مهمة عنها إذا أدركتها عرفت استمتاعها الحقيقي. لقد اكتشف العلماء أن أي علاقة حب في بدايتها يفرز المخ فيها مادة -لن أطيل عليك في التفاصيل العلمية- هذه المادة تبعث على مشاعر البهجة والسعادة والنشوى إلى حد كبير؛ فتشعر معها أن الحياة تسير بشكل مختلف وأنك أصبحت شخصا آخر، المشكلة أنها مرحلة مؤقتة تكون في بداية العلاقة فقط وتقل تدريجيا؛ فيظن الناس أن المشكلة أصبحت مشكلة العلاقة، وبسبب إدمانهم لهذه المادة التي تبعث على البهجة ينتقلون من علاقة إلى أخرى لكي يشعروا بنفس هذا الشعور مرة أخرى ويسحب منهم ذلك إحساسهم بالسعادة لعدم شعورهم بالاستقرار؛ خصوصا إذا كان ذلك يتعارض مع فطرتهم التي تحب بطبيعتها كل ما يرضاه الله لها. ولذلك جاءت الرحمة الإلهية في تشريع مسألة الزواج التي يفرز فيها المخ مادة أخرى تعويضية لا تكون إلا مع الزواج وهي تعطي الشعور بالاستقرار والطمأنينة والسكينة بالمودة والرحمة التي خلقها الله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، وهذه نعمة خلقها الله لتنتج ذلك الحب المستقر الذي من شأنه أن يجعل القلب هادئا مطمئنا وسعيدا باختيار الله له بزوجة وأبناء لكي يلتفت لدوره الذي خلق لأجله، وهو عبادة الله والإصلاح في الأرض وإعلاء كلمة الله وعبادته. ولكن المشكلة أن الإنسان يظلم نفسه بتلك التخيّلات والأمنيات دون التبصر ففيما بعد، اسأل نفسك ما هي نهاية أي قصة يمكن أن تدخل فيها؟ هل تظن أنك ستكون سعيدا مع أي واحدة منهم إذا ارتبطت بها مثلا أكثر من زوجتك التي اختارها الله لك، والتي بالتالي كانت الأنسب لك، والتي تم اللقاء بها عبر طريقة زواج حافظت على كيانها الضعيف أكثر من قصص حب ترهق فيها مشاعر الفتاة، وتخسر فيها طوال الوقت الذي يمر عليها جزءا من مشاعرها وأعصابها وحيويتها إضافة إلى خسارة أكبر ما يعين على السعادة ألا وهو بركة الله. لقد قلت في رسالتك أنك إنسان رومانسي، وهذا شيء رائع ولكن الرومانسية ليس معناها أن تنتقل من قصة لأخرى لكي تبحث على ذلك الشعور الذي أدمنته، إن الرومانسية الحقيقية هي الحب الحقيقي، وهذا الحب لن يأتي إلا عندما يكون حب الله في داخلك أقوى من أي رغبة لطاعة أي كلمة يغريك بها الشيطان. إن أكثر ما تتطلع إليه روحك المتعبة الآن هو أن تغذيها بالتقرب إلى الله وملء قلبك بحبه؛ فالله تعالى هو خالقك وهو من في يده رزقك وسعادتك، وهو مَن ستقابله في الآخرة دون أي شخص آخر معك، هل تخيّلت الكلمات التي سوف تخبره بها عندما تقابله -ليس معك أي شيء من الدنيا- لماذا كنت تسعى بعلاقاتك مع الفتيات؟ ماذا ستكون حجتك وأنت تعرف أن هذا لم يكن يرضى الله ومع ذلك لم تقاوم لأجله.. ماذا نفعك الآن؟! ومن يدافع عنك في هذا الموقف؟ هل تخيلت إذا قبض الله روحك وأنت تحادث الفتيات كيف سيكون حالك؟ هل تضمن في أي ساعة سوف تقابل الله وتنزل في ظلمة القبر ويتفرق عنك الأحباب ثم لا تجد معك سوى أعمالك؟ فماذا تريد لصفحتك عند الله أن تكون، واحذر أن تستهين بالمعصية وتقول إنها أشياء صغيرة وأنك لم تفعل معصية كبيرة وذلك لأنها خطوات لن تشعر بنفسك إلا وقد خسرت الكثير حتى بسبب تلك الصغائر، والمؤلم أكثر أن استصغارك للذنب يجعله عند الله عظيما والعكس كلما استعظمته صغر عند الله، وما يجعل الذنب الصغير كبير أن تظهره وتتهاون بستر الله عليك، أو تتهاون بحلم الله عليك وهو يمهلك ويترك الله لك فرصة التوبة والرجوع إلى ما يرضيه {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُم}؛ فاختر يا صديقنا هل تريد الحياة السعيدة والمستقرة إذا حقق ما يريد الله سيكرمك بالحياة السعيدة فهو تعالى يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، أما الحياة الحزينة المليئة بالتعب والتي ستكون نهايتها -مهما أمهلك القدر- قاسية وحزينة قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى.وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً. قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}. المشكلة أننا نغفل كثيرا عن ذنوبنا وننسى أن الله الغفور الرحيم هو أيضا المنتقم الجبار يعطينا الفرصة أولا حتى ننصلح قبل أن يأتي عذابه قال تعالى: {وَرَبُكَ الغَفُورُ ذُو الرّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذَهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُم العَذَابَ بَلْ لَهُم مَوْعِد لَنْ يَجِدُوا مِن دُونِه مَوْئِلا}. لذا فأنت خلقت لكي تنجح في الاختبارات التي توضع لك في حياتك حتى تستفيد منها وتصبح أقوى؛ فإن تغلبت عليك هذه المشكلة فأين قوتك وثباتك على ما يرضى الله، لماذا هناك آخرون استطاعوا أن يصمدوا أمام المغريات وأنت تذهب إليها بنفسك على الرغم من ملك منها؟ كما أن هذه العلاقات العابرة لن تجعلك أبدا مستمتعا بحياتك بشكل فعلي كيف سيستمتع مدمن مثلا بحياته وبصحته وبمتعه الحلال إن لم يخرج السموم من جسده أولا؟! انظر إلى هذه العلاقات نظرة أخرى بمنظارها الحقيقي، واعلم أنك لن تسعد بهذه الطريقة مهما استمررت عليها؛ لأنها ستجعلك في عدم تشبع مستمر كما أنها ستفسد حياتك وتسحب منها البركة فإذا بمشاكل ومصائب تحيط بك لم تكن تضعها في حسبانك. استخدم رومانسيتك فيما يرضى الله ستجد لذة غريبة؛ لأنها الشيء الذي يرضى الله فكيف ستقاوم لأجله ويتخلى عن إسعادك، أنت في حاجة لإثبات طاعتك واستقامتك وسوف ترى النتيجة، وزوجتك تحبك وتريد إرضائك فاحمد الله على هذه النعمة حتى تقيدها بالشكر فلا تذهب منك إلى غير عودة فتندم وقت لا ينفع الندم، وتذكر أن هناك العديدين من حولك غير سعداء مع أزواجهم كما أن زوجاتهم تخونهم أو لا توفر لهم الحب من الأساس. حاول أن تزيد من الفترة التي تقضيها مع زوجتك، واذهب معها في أي مكان كانت فيه ذكرياتكما السعيدة حتى تجددها مرة أخرى، شاهد أي شريط ذكريات بينكما مثل حفل الزفاف مثلا وتأمل في الزوجة التي اختارها الله لك وتأكد أنها الأفضل وأن لو كانت هناك غيرها لما كنت سعيدا معها أبدا، حاول أن تتخيل حياتك من غيرها كيف ستكون ؟ أضف لمسات رومانسية إلى حياتك ما دام أنت رومانسي استخدم مشاعرك في خلق أفكار لزيادة الحب والسعادة بينكما، غير في حياتك وافعل ما زوجتك شيء غير اعتيادي وغير نمطي واجعل نفسك مشتاق لها دوما. أكبر مشكلة يمكن أن تواجهك هي الفراغ، اشغل وقتك وتفكيرك فيما ينهض بك ويعلي تفكيرك ومستواك وعملك، أو قم بهويات أو أعمال تحبها حتى تنفث فيها طاقاتك لأن الطاقة المتوفرة التي لا تجد لها مصرفا سوف تخلق لك حالة من عدم الرضا والملل الأمر الذي يجعلك تبحث عن الإثارة والمواقف الغريبة وأحداث أخرى في حياتك تشغل تفكيرك. تأكد أنك لو علمت الغيب لاخترت الواقع لذا لا تجعل خيالك يخدعك بأن ما ليس في يدك هو رائع ومثالي، ستجد بالتأكيد الحقيقة مؤلمة لأن خيالك أنت هو الذي أضفى على القصة جمالها وهي ليس جميلة في الأساس فكل ذلك فعل شيطان لا هم له سوى أن يزين لك الحرام ليفرق بينك وبين زوجتك، وعندما يحدث ذلك ستكتشف أن أي امرأة أخرى لن تكون مثلها وعلاقتك بها ستكون صادمة، وكفى أنها تحادثت معك حتى وإن كان الأمر صداقة لأن ذلك لا يرضى الله بدليل قوله: {وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}. فألجم فرس نفسك الجامح؛ لأن النفس لن تشبع بهذه الطريقة والإنسان نفسه هو من يستطيع أن يقنن رغباتها حتى لا تعتاد هذا الانفلات والذي هو أيضا خطوات الشيطان، وأبشرك بأنك شخصية تعبت من الخطأ وتريد أن تلجأ للصحيح؛ فاثبت على ذلك وغذٍّ روحك بما تحتاج إليه. مع أطيب تمنياتي لك بالحياة السعيدة،،،