74 ألفا و713 طالبا بالصف الأول الثانوي بالدقهلية يؤدون اليوم امتحان اللغة الأجنبية الأولى    45 دقيقة تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 24 مايو 2025    بشكل مفاجئ، إدارة ترامب تطرد عشرات الموظفين في مجلس الأمن القومي    القنوات الناقلة مباشر لمباراة بيراميدز ضد صن داونز في نهائي أبطال أفريقيا.. والموعد والمعلق    خالد يوسف يرد عمليا على شائعة اعتزاله الإخراج ويعلن تفاصيل فيلمه القادم (فيديو)    هزة أرضية تضرب جزيرة كريت بعمق يتجاوز 52 كيلومترًا    131 ألفا و784 طالبا بالصف الأول الإعدادي بالدقهلية يؤدون اليوم امتحان الرياضيات    مسؤول أوكراني: إصابات جراء حرائق اندلعت بعد هجوم روسي بالمسيرات على كييف    نبيلة مكرم عن شيخ الأزهر:" ما بقلوش غير أبويا وما استحملش عليه كلمة"    عيد الأضحى 2025.. أسعار الخراف والماعز في أسواق الشرقية    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    «ترانس جاس» تنفي شائعة تسرب الغاز بكفر الشيخ    ميلاد جديد ل«تاريخ لا يغيب».. العالم يترقب «سيمفونية الخلود» على أرض الأهرامات    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    «مش شبه الأهلي».. رئيس وادي دجلة يكشف رأيه في إمام عاشور    نجاح مركز طب وجراحة العيون بكفر الشيخ في إجراء جراحة دقيقة لزراعة طبقية قرنية    رابط نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    حملات أمنية لردع الخارجين عن القانون في العبور| صور    اليوم| أولى جلسات محاكمة «القنصل» أكبر مزور شهادات جامعية و16 آخرين    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    اليوم.. نظر دعوى الفنانة انتصار لزيادة نفقة أبنائها    الضرائب: أي موظف يستطيع معرفة مفردات المرتب بالرقم القومي عبر المنظومة الإلكترونية    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة الصفطاوي بمدينة غزة    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    واشنطن ترفع العقوبات عن موانئ اللاذقية وطرطوس والبنوك السورية    استشارية أسرية: الحب مجرد تفاعل هرموني لا يصمد أمام ضغوط الحياة    وزير الزراعة: صادرات مصر الزراعية إلى السعودية تتجاوز 12% من إجمالي صادراتها للعالم    ترامب والشرق الأوسط.. خطط مخفية أم وعود حقيقية؟!    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. جوتيريش يرفض أى خطة لا تحترم القانون الدولى بشأن قطاع غزة.. ترامب يتوعد "أبل" ب25% رسوم جمركية.. وإصابة 12 فى هجوم بسكين بمحطة قطارات هامبورج بألمانيا    وول ستريت تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبى    الأرصاد الجوية: طقس الغد شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    قبول 648 مدرسًا جديدًا ببني سويف ضمن مسابقة 30 ألف معلم    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    سعر الذهب اليوم السبت 24 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    إسقاط كومو لا يكفي.. إنتر ميلان يخسر لقب الدوري الإيطالي بفارق نقطة    "الظروف القهرية يعلم بها القاصي والداني".. بيراميدز يوضح تفاصيل شكواه للمحكمة الرياضية بشأن انسحاب الأهلي أمام الزمالك    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    الدوري الإسباني.. ريال بيتيس يضمن الدوري الأوروبي بالتعادل مع فالنسيا    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 24 مايو 2025    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    بحضور انتصار السيسي، "القومي لذوي الهمم" ينظم احتفالية "معًا نقدر"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة.. بعد الموت بسبع دقائق (1)
نشر في بص وطل يوم 21 - 05 - 2013


سالي عادل
(1)
- هل تأكدتِ من أرقام كارت الشحن؟
- نعم.
- إذن.. فهل تُنزلي الكاميرا لأسفل قليلا؟
- هكذا سريعا؟ لم نتعرف بعد.
يرجع بوجهه المجعّد للوراء متأففا، ثم يعود فيكتب:
- وما الذي تريدين أن تعرفيه؟
ترفع عينيها للأعلى، تديرهما يمينا ويسارا:
- هممم..
ثم تواجهه بنظرتها الباسمة:
- من أين أنت؟
يحرّك رأسه للأمام ببطء، يتأمل ملامحها بعينيه الناضبتين، وبالرغم من أنه تعرّفها لغرض مشين، إلا أنها بدت له بريئة جدا في تلك اللحظة:
- هل يمكنك أن تقتربي أكثر من الكاميرا.
يقترب وجهها من الكاميرا حتى يملأ شاشته كلها، ذاك الشعر الناعم الفاحم الذي يعدم بهجة الألوان، إنه يستلزم عينين سوداوين بالمثل كي يوضّح بياض بشرتها ويبرزه بالتضاد، وهي تملك كل ما تستلزمه.
- خذيها كلمة من رجل مولع باثنتين: الطب والحريم، أنتِ بارعة الجمال.
تبتسم في خجل طفولي، تعيد توجيه السؤال:
- وأنت من أين؟
- إسكندرية، محطة الرمل.
- وكم عمرك؟
يمد يده المعروقة ويكتب:
- ثلاثين.
- غريبة!
بحركة تلقائية رفع عينه إلى كاميرا الويب الخاصة به، إنها غير موصّلة، وبالرغم من هذا شعر بأنه مُراقَب، هرش ما بقي من شعره الأشيب وطبع متوجسا:
- وما الغريب؟
- هذا لأني أعرف أيضا شخصا في الثلاثين من محطة الرمل.
- ومن هو؟
تقول بنبرة ضاحكة:
- أنت.
يبادلها الضحك:
- أنا! حسنا يا سيدتي، والآن، هلاّ أنزلتِ الكاميرا لأسفل قليلا.
تميل رأسها لأسفل بينما عيناها مثبتتان إلى الكاميرا ولا تزال تبتسم:
- هل أنت مستعد؟
يبتلع ريقه وتعلو دقات قلبه:
- نعم.
- حسنا.
تهتز الكاميرا وتضطرب الصورة التي يتلقاها، تميل زاوية الكاميرا رويدا للأسفل، من بعد أنفها الدقيق هناك شفاها حمراء مكتنزة ومثيرة، ومن بعد شفاهها الحمراء هناك ذقن مسحوبة يعلوها طابع حسن، ومن بعد الذقن المسحوبة هناك رقبة مقطوعة يتخثر دمها الأحمر حتى يستحيل أسود، مما يوضح بريق بشرتها ويبرزه بالتضاد.
ينتفض للوراء كاتما شهيقه.. ومن بعد الرقبة المقطوعة هناك.. لا شيء.. ترجع الكاميرا إلى الرأس المعلّق مبتسما في الفراغ.

***

(2)
يهتز خلخالها أسفل ساقيها المصبوبتين صبّا من الملاءة السوداء..
ملاءة سوداء، عيون سوداء، وشعر أسود، ووحدها بشرتها الناصعة توضح البهاء وتبرزه بالتضاد، وفي الحارة الضيقة، لا تسمع سوى هتاف الشاويش من بعيد "هع! مين هناك!" ورنين الخلخال.
تنعطف عند محل عطارة، تقول بنبرة تجمع ما بين الدلال والمرح والحسم والثقة:
- سعيدة.
تلك النبرة التي اكتسبتها من تلقي الإعجاب تلو الإعجاب من الرجال. يترك العطّار الشاب ما كان بيده، يرفع رأسه إليها ويفغر فاه:
- رباه!
ها قد بدأ، إن الزمن لم يخيّب حسنها في أي مرة، فتقول بنفس النبرة التي لم يعد بإمكانها إتقانها أكثر:
- هات بقرش صاغ حبّهان.
لا تتلقى أي استجابة من العطار الذي وقف شادها يتأمل حسنها، ثم أنه أحنى رأسه يتفحص جسدها بينما يقول:
- أتدرين بأنكِ أكثر امرأة رأسها راكبة على جسمها؟
لم تفهم بالضبط ما قد قال، لكنها أدركت أنه نوعا من الغزل.. مدّت كفّها بالعملة قائلة:
- باقول لك اديني بقرش صاغ حبّهان.
يمد يده يقبض على ذراعها الممدودة ويتحسسها بين أصابعه:
وأنا أقول لكِ أنتِ شديدة الحسن.
تنتفض يدها في قوة:
- احفظ يدك بدلا من أن أقطعها لك.
ثم تستدير مغادرة، لكنه يسارع باستوقافها من ذراعها بنبرة ليّنة:
- سامحيني، حُسنك أطار لبي، سأحضر لكِ الحبّهان حالا.
لكنها من جديد نفضت يدها وقالت بنبرة خلت من كل شيء إلا الثقة:
- ألم أقل لك احفظ يدك أو أقطعها لك؟
اختفى العطار لجزء من الثانية خلف طاولته، ثم وجدت سكّينا يجز عنقها بينما يردد:
- الذي يريد أن يقطع لا يتحدث كثيرا.
وقد تم الأمر بأسرع من قدرتها على التصوّر، وارتمت على الأرض تجاهد كي لا تغلق عينها، ومن منظور رؤيتها بالأسفل بدا لها عملاقا مائلا فوقها يسحبها من قدميها نحو غرفة داخلية، وفي أذنيها تختلط أصوات الجرجرة مع رنين خلخال، ونداء بعيد لشاويش يتساءل عمّن هناك.
وإذ تغمض عينيها بالنهاية ساد ظلاما أوضح نضارة شبابها وأبرزه بالتضاد، لمرة أخيرة.

***
(3)
ينتفض للوراء كاتما شهيقه.. ومن بعد الرقبة المقطوعة هناك.. لا شيء.. ترجع الكاميرا إلى الرأس المعلّق مبتسما في الفراغ.
- ما بكَ؟ لماذا تلبّكت هكذا حين لم ترَ جسدي؟
لا يجيب، يتراجع بكرسيه حتى يفقد توازنه ويسقط إلى الأرض، فيكمل التراجع زحفا، تقول مطمئنة:
- حسنا، ما دمت خائفا هكذا سأريك جسدي.
يواصل تراجعه الحثيث بظهره حتى يصطدم بشيء، يصرخ، ويلتفت للخلف، فيعلو صراخه أكثر، إنه جسدها، غالبا جسدها، فكيف يتيقن ما دام الجسد من دون رأس؟!
تضحك ضحكة رنانة:
- هاه! هل أعجبك جسدي؟
تتساقط ملاءة سوداء عن الجسد، فيقف متغنّجا في فستانه المجسّم واضعا ذراعيه حول خصره ومدبدبا بقدمه. ينقل الرجل بصره بين رأسها على الشاشة، وجسدها الواقف أمامه.. لا يدري إلى أين يتراجع، لا يملك إلاّ أن يصيح:
- أرجوكِ! ارحمي عجوزا في سنّي!
تلك العبارة التي لم تثر إلاّ ضحكها:
- لا تقل عجوزا؛ ألم تقل عمرك ثلاثين؟
- ما الذي تريدينه مني؟
- أريد أن أمنحك ما تستحقه.
يتحشرج صوته:
- مم.. ما أستحقه؟!
تقول ببساطة:
- نعم، فلقد أخذتُ مقابل عملي، ويجب أن أؤديه على أفضل وجه.
يتراجع الجسد قليلا ليمنحه مجال رؤية أفضل، يخلع الحذاءين ثم يبدأ العرض بحركات مغرية، تصاحبها نغمات خلخال.
يلتفت إلى وجهها على الشاشة، فتغمز بعينها وترسل قُبلة. لا يستطيع أن يتقبل شيئا من هذا، لا يستطيع أن يتحمل شيئا من هذا، يخفي وجهه بكفيه ويصرخ:
- كفى! كفى! من أنتِ، وماذا تريدين مني؟
- تؤ.
تطلقها بدلال، بينما يذهب الجسد ليجلس على مقعد:
- كان هذا مُحبِطا.
ثم ترفع ساقا فوق ساق، وتقول:
لم تكن هكذا زمان، لقد تبدلت كثيرا عن ذي قبل، ولو كان هذا العرض قد وقع قبل خمسين سنة من الآن ما كنت لتكتفي بالمشاهدة مرعوبا.
يخفض كفيه عن وجهه، ويرفع رأسه إليها من موضعه على الأرض:
- أتقولين بأنكِ تعرفيني منذ زمن؟ فمن أنتِ؟
دقق جيّدا في ملامحي، فقد تكون معرفتنا قصيرة لا تتجاوز سبع دقائق، لا قبل موتي ولا بعده، ولكنها بما يكفي جدا، لكي أذكرك ما بقي لك من العمر.
تقترب بوجهها من الشاشة من جديد أكثر، يضيّق عينيه بشدة، ويشده بصره إليها قبل أن تتسع عينه إلى مداها:
- إنها أنتِ.. أنتِ حسناء محطة الرمل. ياه! كم مر من العمر!
- صدقت، عمر طويل، لم أعش منه شيئا، ولكن أتظن أن ذاك العمر الطويل قد مُنِحته اعتباطا؟ ألا تؤمن بأنك هنا بانتظار شيء ما يجب أن يقع قبل أن ينتهي عمرك؟
- شيء مثل ماذا؟
- مثل.. عطية يجب أن تأخذها، رسالة يجب أن تصلك، أو مهمة..
يقوم الجسد، ويقترب تجاهه فيما تقول بحسم:
أو مهمة يجب أن تساعدني لأتمها اليوم.
ينظر إلى الجسد ويقول بخشوع:
- أتقصدين المهمة التي أخذتِ ثمنها؟
تدوّي ضحكتها، فيما يهتز جسدها:
- بالتأكيد لا، بل أقصد المهمة التي ثمنها عمرك.

***
يُتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.