صارحتني خطيبتي بأنها أصيبت وهي صغيرة بمرض اضطراب الشخصية البينية، وكنت أريد معرفة كل شيء عن هذا المرض، وما هي إمكانية توارثه للأولاد ومدى تأثيره عليهم؟ kranshy
صديقي العزيز.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اضطراب الشخصية البينية أو الحدية هو أحد أنواع اضطرابات الشخصية الجسيمة، والتي تتميز بوجود اضطراب شديد ومتغلغل في العلاقة بالآخر، مما يخلق نمطا من التقلبات الشديدة في العلاقة بين الحب والكراهية.. بل إن الحب والكراهية قد يوجدان معا في نفس اللحظة، كما أن هذه الشخصية تعاني من عدم ثبات صورة الذات والشعور بالخواء من وقت لآخر، والاندفاعية الشديدة في السلوكيات والتذبذب في كل الأمور حتى الأخلاقية والدينية، والرغبة في إيذاء الذات أحيانا ومحاولات الانتحار.. وسبب هذا الاضطراب يرجع إلى استعداد وراثي، بالإضافة إلى نمط التواصل بين الطفل وأمه في المراحل المبكّرة من الحياة، حيث لا تكون الأم قادرة على أن تفي باحتياجات الطفل الأساسية، مما ينتج عنه عدم الشعور بالأمان وتكوين الثقة بالآخر واختزان صورة مشوّهة للآخر في اللاشعور.. فتبقى الاعتمادية على الآخر والرغبة الشديدة في الحصول على مشاعر الحب والأمان من الأشخاص الآخرين، وبالطبع لن يستطيعوا إعطاءه هذه المشاعر البدائية الطفولية، مع ما يختزنه من صورة سيئة تحتوى على انعدام الثقة بالآخر، فينقلب عليه، ولذا هو لا يحتفظ بعلاقة لفترة طويلة.. وقد يضع كل المزايا فيمن يحب، وما أن ينقلب عليه حتى يُظهر كل عيوبه فيتحول من النقيض إلى النقيض.. وبالنسبة للمآل في هذه الحالات فهو يعتمد على مدى شدة الحالة مثلا قد يحدث الانتحار في نسبة قد تصل إلى 8-10% في الحالات الشديدة.. الأعراض في الغالب تكون مزمنة ومؤثرة بشكل بالغ على العلاقات والأداء في أوجه الحياة المختلفة في المراهقة وأول الشباب، وفي منتصف العمر تهدأ معظم الأعراض وفي الغالب العلاقات تتسم بكثير من الاتزان.. وكذلك الأداء الوظيفي. وبمرور الوقت ربما لا تدرك أن هذا الشخص كان يعاني من أي شيء، لكن بعض الأشخاص حتى في سن الخمسين وما بعدها قد تستمر معهم الأعراض، وخصوصا التقلبات المزاجية، والتفاوت في المآل يأتي من اختلاف شدة الحالة والدعم من المحيطين، فكلما استطاع المحيطون بالمريض فهمه واحتواءه أدّى ذلك إلى اختفاء الأعراض بشكل كبير.. وفي بعض الأحيان قد يحتاج المريض إلى علاج نفسي طويل، خصوصا التبصيري والمعرفي السلوكي، أما عن الوراثة فالوراثة تكون للاستعداد لحدوث الاضطراب، لكن البيئة الأسرية هي من تشكّل وتتحكم إلى حد كبير في ظهور الاضطراب من عدمه.. مع العلم بأن اضطراب الشخصية الحدية قد نجده منتشرا في العائلة الواحدة، لكن هذا قد ينتج من أن الأبناء يعيدون النمط التربوي مع أطفالهم الذين لديهم الاستعداد، لذا لو أدركت الأم معنى هذا الاضطراب ومنشأه يمكن أن تتجنب السلوك الذي يؤدي إلى ظهور الاضطراب في الأبناء، حتى ولو كان لديهم الاستعداد الوراثي.