رانيا حلمي تشهد الإسكندرية في الآونة الأخيرة وخصوصا يوم الجمعة من كل أسبوع، تظاهرات تخرج من أمام مسجد القائد إبراهيم، مع حضور لأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين في منطقة سيدي جابر، وعند وصول تلك التظاهرات إلى محطة قطار سيدي جابر تندلع الاشتباكات بالمنطقة المحيطة بها، وتؤدي إلى حدوث إصابات قبل أن يعود الهدوء مرة أخرى. كما شهدت الاشتباكات الأسبوعية بين الطرفين اعتداءات طالت بعض الصحفيين، فيما تبادل أطراف التظاهرات الدفاع عن مواقفهم، وإبراز أسباب الخروج في تلك التظاهرات. وقال عاطف أبو العيد -المسئول الإعلامي لحزب الحرية والعدالة بالإسكندرية- إن وجود أعضاء الجماعة بمنطقة سيدي جابر يأتي لحماية مقر الحزب، محمّلا بعض القوى السياسية كجبهة الإنقاذ ومجموعة ممن وصفهم ب"البلطجية"، مسئولية الهجوم على المقر، مضيفا: "تحدث الاشتباكات في الوقت الذي يوجد فيه بعض شباب الإخوان، وأهالي من سكان منطقة سموحة لحماية المقر". وعن نفي بعض القوى السياسية لمشاركتها في تلك المسيرات، قال أبو العيد: "هناك صور وفيديوهات موجودة تثبت تورط بعض الأشخاص في الهجوم بزجاجات المولوتوف، وهم معروفون". ونفى أبو العيد أن يكون الاعتداء على الصحفيين عن قصد، مستطردا: "هو غير مقصود تماما، لكن الاعتداء حدث بالخطأ وهو ما اعتذرنا عنه". من جانبه، حمّل الدكتور طارق قريطم -أمين حزب الوسط بالإسكندرية وعضو مجلس الشورى- مسئولية الاشتباكات التي تحدث في المدينة لوزارة الداخلية، وقال: "كان واجب الداخلية في الماضي قمع التظاهرات، لكنها يجب أن توفر الآن الأمن والحماية للمتظاهرين السلميين، وأن تتمتع بالقدرة على ردع من يخرج عن السلمية أو القانون، ونحن كحزب الوسط امتنعنا عن التظاهر في الإسكندرية طوال الفترة الماضية". وشدد قريطم على رفضه للاعتداء على أي طرف من الأطراف قائلا: "إذا كان الاعتداء على الخصم السياسي مرفوض مرة، فالاعتداء على الصحفيين مرفوض ألف مرة". وبدوره أكد وليد فكري -المسئول الإعلامي لحزب مصر القوية بالإسكندرية- أن الحزب ينظر بعين القلق إلى ما وصفه ب"الدعاوى المشبوهة" لبعض التظاهرات، مضيفا: "نحن نثق بصدق الدعاوى التي تطلقها أحزاب مشهود لها بالوطنية كالدستور، والتحالف الشعبي الاشتراكي، أو كيانات ثورية مثل الاشتراكيين الثوريين وحركة لازم وكفاية وغيرها، لكن فعاليات الجمعات الأخيرة لم تنطلق إلا ممن اتفق ثوار الإسكندرية على وصفهم ب"الزحاليق"، وهم مجموعة من مثيري العنف لصالح الأمن والفلول، وممن يسعون إلى توريط الثوار في اشتباكات عبثية نرفضها تماما ونبرئ الثوار الوطنيون من مختلف التيارات والفصائل منها". وتعقيبا على واقعة الاعتداء على الصحفيين، يرى فكري أن الصحفي بطبيعته هدف لكل نظام قمعي باغي، متابعا: "لوحظ في أحداث الجمعة الماضية استهداف مكثّف تقريبا لكل الصحفيين، وهذه رسالة علينا التقاطها، هؤلاء القوم يخشون من ينقل الحقيقة أكثر مما يخشون حامل السلاح". وقدّم فكري نصيحة للصحفيين قائلا: "عليكم الاستمرار في مهمتكم بكل عناد وإصرار، ويجب أن تدركوا أن من يواجهكم بالعنف هو ضعيف لا يجد من الحيلة سوى التخويف بالقوة البدنية". وحمّل المسئول الإعلامي لمصر القوية مسئولية ما يحدث في البلاد في الآونة الأخيرة للنظام الحالي، وقال: "النظام يثبت كل يوم فشله في حفظ أمن المواطنين والمتظاهرين، ويصرّ على تجاهل مطلب تطهير الداخلية، ومعاقبة الضباط الفاسدين، وتغيير السياسة البوليسية القمعية الغاشمة، ويصرّ على معاملة المعارضة بالعنف والتخوين". في ذات السياق، نفى محمود الخطيب -المتحدث الإعلامي لحركة 6 إبريل جبهة أحمد ماهر- مشاركتهم في أي من تلك الاشتباكات، معللا ذلك بأن الجبهة تؤمن باستطاعتها فِعل ما تريد بشكل سلمي، وتابع: "نرى أن تلك الاشتباكات خسارة لنا كمعارضة". وحول اتهام جماعة الإخوان المسلمين لبعض القوى السياسية بالاشتراك في تلك الاشتباكات، علّق الخطيب: "هم يعرفون أن أمامهم معارضة كبيرة مثل 6 إبريل أو غيرها، فهم يحاولون بادّعاءاتهم تشويه صورتنا أمام الناس، لنظهر في صورة البلطجية، ولكننا سنستمر في ممارسة عملنا بكل الآليات السلمية". من جهته، نفى مصطفى الشيخ -المسئول السياسي ومنسق الشباب في حركة كفاية- هو الآخر مشاركة الحركة فيما حدث من اشتباكات، لكنه يرى أن جماعة الإخوان المسلمين هي السبب في أحداث العنف الأخيرة، لأنهم -على حد قوله- "يريدون العنف، ويستخدمون أسلحة خرطوش وغيرها". وردا على ما صرّحت به الجماعة بأن وجود أعضائها لحماية مقرهم، قال الشيخ: "الاشتباكات تحدث في ميدان فيكتور عمانويل، ومحطة سيدي جابر، والمنطقتان بعيدتان عن المقر، فبالتالي لم تُعرف نية المهاجمين حتى تقول الجماعة ذلك، فالإخوان مجرد أن يروا المتظاهرين يقومون بإلقاء الخرطوش والألعاب النارية وغيرها". وعن واقعة الاعتداء على الصحفيين قال: "نرفض ذلك، وتضامنا معهم قمنا بإصدار بيان رافض للاعتداء عليهم". وتصدى حزب الدستور لسهام منتقديه على لسان أحمد البلاسي -أمين الحزب في محرم بك- بنفيه مشاركة الحزب في أي من تلك المسيرات، مستطردا: "لم نشارك في هذه التظاهرات، ولكننا ندعم كل وسائل التظاهر السلمي، والاشتباكات التي حدثت هي شيء يدعو إلى الأسى". وسخر أمين الحزب من اتهام الجماعة لجبهة الإنقاذ -والذي يعد الحزب جزءا منها- بالتورط في تلك الاشتباكات، قائلا: "هي ضمن مسلسل تحميل مسئولية فشلهم للآخرين، مرة للفلول ومرة أخرى للمعارضة". وأدان البلاسي أي اعتداءات على الصحفيين واعتبرها محاولات لتكميم الأفواه، واستطرد: "الإخوان المسلمون يثبتون للجميع بناءهم لدولة استبداد جديدة، وتكميم أفواه الصحفيين ركن أساسي من أركان الاستبداد". وأنهى البلاسي حديثه قائلا: "فقدانهم للتأييد الشعبي يزيدهم تخبّطا، ومصر لن تخرج من تلك المأساة إلا بتخليهم عن هذه العنجهية، وإيجاد حل يشارك فيه كل القوى الوطنية".