ما دمتَ ستكتب عن الإخوان وتوافقت وجهة نظرك مع وجهة نظرهم ولو في أمور قليلة، فلا بد أن تقسم بأغلظ الأيمان بأنك لست من الإخوان، وأن تعاطفك معهم ذنب ستستغفر الله منه قريبًا، ولن تعود!! هكذا علّمونا في إعلام وسياسة ما بعد الثورة.. ونحن علينا أن نجاريهم!! فأقسم لكم إنني لست من الإخوان، وإنني أشعر أن تعاطفي معهم في بعض أو معظم القضايا، ذنب وجريمة نكراء!! المهم، دعونا نتساءل: هل المعارضة من حقها أن تسعى للضغط على الإخوان، وأن ترفض خريطة الطريق التي يريد الإخوان أن يمضوا فيها؟ نعم، ونص. هل من حق الإخوان أن يرفضوا خريطة الطريق التي تريدها المعارضة وتحاول الضغط من أجل تحقيقها؟ نعمين، ونص. طيب ما المشكلة؟ المشكلة، أن بعض قوى المعارضة تريد أن تلعب مع الإخوان سياسة، ولكن بغير أدوات السياسة! لأنها رأت أن أدوات السياسة ما راح تنفع، ولن تؤدي إلى غرضهم. بعض المعارضة يعيشون في وهم، ويتصورون حجمهم بصورة أكبر من الواقع، ويطمحون في طلبات أكثر مما تؤهلهم قوتهم المعنوية والمادية، حسب أصول اللعبة الديمقراطية. وإلا، فهل من أدوات السياسة رسم جرافيتي، ليس فيه إلا السباب والشتائم، واللغة السوقية المبتذلة، البعيدة تمامًا عن لغة العمل السياسي؟! وهل من أدوات السياسة أن تتظاهر أمام مقر خصمك، بشتائم وألفاظ جارحة؟ في الأيام الأولى بعد الثورة، أراد الإسلاميون أن يتظاهروا في مليونية بميدان التحرير -الذي هو ملك لك المصريين- وكان بالميدان معتصمون؛ فأخلَوا الميدان حتى انتهاء فعاليات المليونية، وانصرف الإسلاميون بسلام، وعاد المعتصمون بأمان. لكن في مرات لاحقة، ومع زيادة حالة الاستقطاب، أراد الإسلاميون التظاهر بالتحرير، فتعالت الأصوات في الإعلام الثوري المحترم: أن ذهاب الإسلاميين للتحرير، يعتبر "جرّ شَكل" مع القوى الثورية، وقد يسقط "شهداء". وبالفعل، كان الإسلاميون عقلاء، وذهبوا للتظاهر أمام جامعة القاهرة، في مرتين مختلفتين. فأين تطبيق هذا المبدأ فيما حدث أمام المقطم من تظاهرة امتلأت بالسباب والشتائم وأصوات الخرفان، أعقبها غضب واعتداء من بعض شباب الإخوان؟ لماذا لم نجد عاقلاً يرفع صوته: لا تلعبوا في المقطم، وأمامكم ميدان التحرير فسيح جدًا، بس املأوه أنتم وهو سيسعكم؟! لماذا لم يجرؤ أحد منهم أن ينصحهم: احذروا جرَّ شكل الإسلاميين، ولا تلوموا إلا أنفسكم إذا حدث مكروه؟! يجب أن نعترف أننا لم نتعود بعدُ على ممارسة أدوات السياسة بشياكة وحرفنة.. البعض يريد أن يعودنا على مشاهد العنف، حتى وهو يلعب سياسة.. لَمّا أدوات السياسية لا تكفي، يعوضها بالشتائم، والسباب، وأصوات الخرفان!!! قبل أن تلوموا من غضب، اسألوا من اعتدى.. ثم عليكم أن تدينوا الطرفين معًا، ولكن كل واحد بقدر جريمته. متى ينتهي الحَوَل السياسي والإعلامي؟! ومتى نبتعد عن "جر شكل" بعضنا ونمارس السياسة بنظافة؟! إذا كانت المعارضة صادقة في زعمها أن أغلبية الشارع معها، فلماذا تذهب لتلعب في المقطم، وتترك صناديق الانتخابات؟ هل هو افتعال أزمات؛ لتظل مصر تدور في حلقة مفرغة من الاتهامات والاتهامات المتبادلة، حتى إنهاك الإخوان أو هدم المعبد فوق الجميع؟! في مقال سابق، قلت: لا مفرَّ من الذهاب لصندوق الانتخابات، واليوم أقول: لا تسمعوا لمن يريد أن يلعب في المقطم.. التحرير أوسع!