أنا شاب أبلغ من العمر 27 عاماً، مهندس أحببت مهندسة، أعجبني تفكيرها ورقتها وأخلاقها وتدينها، تفكيرنا متقارب؛ لكن المشكلة أنني لا أعمل عملاً ثابتاً لكي أستطيع أن أتقدم لها، وهي لم تحاول أن تلمّح لي أن أتقدم لها، ولا تضغط عليّ؛ بالعكس دائماً تشجعني وتبحث معي عن عمل لي. ولكن أمي تضغط عليّ علشان أتزوج من ابنة خالتي، وهي ليست متعلمة، ولا فيها أي مواصفات من أحلامي؛ لكن والدتي شايفة إنها أنسب واحدة، وعارفة ظروفنا وبتيجي تخدمها، وإن الأيام دي الواحد بيشكّ في جيرانه، مع العلم إن اللي بحبها حكيت لها هذا الموضوع وقالت لي: إن أي قرار أنا هاخده هتحترمه ولو طلبت منها إنها تبعد هتبعد والآن هي قطعت الاتصال لغاية ما آخد قرار، وأنا حائر هل ألبي رغبة والدتي التي تبكي كل يوم وتقول لي عمرك ما ريّحتني حتى في آخر أيامي، ولا أتزوج من الإنسانة التي اختارها قلبي وعقلي؟ hoba أعلم صديقي أنك في حيرة تامة من أمرك؛ ولكن للأسف ظروفك هي سيدة الموقف، وما يتيسر منها سيكون لك المخرج من هذا المأزق الذي لا تحسد عليه. ففي كلا الارتباطين صديقي أنت غير مستعد لأن تتقدم للزواج لا من المهندسة زميلتك ولا من بنت خالتك؛ مما يعني أنك ستقارن بين الفتاتين من ناحية من تقبلك وأنت غير مستعد؟ ولنبدأ بالمهندسة زميلتك ونقول: لو أنها متفهمة جداً لظروفك ومقتنعة بك كإنسان يمكنها أن تضحي من أجله، وترضى به بعمل غير ثابت -وعلى ما أعتقد ليس لديك شقة- وبالطبع لم تكوّن نفسك بعد ليصبح معك ثمن شبكة كبداية لتتقدم لأهل المهندسة الذين لن يكون لهم نفس تفهّم ابنتهم لك؛ بمعنى أن رأي المهندسة فيك شيء ورأي أهلها والواقع شيء ثانٍ. فهل تنتظر حتى تتحسن ظروفك وتملك مفردات التقدم لأسرة تنتظر عريساً جاهزاً عنده ما يبدأ به على الأقل؟ أم تصرف نظراً وخيرها في غيرها؟! ولنعد لابنة خالتك ونقول: هل ستقبل الزواج منك مع والدتك ويستمر بها الحال بعد الزواج في رعاية أمك في أيامها الصعبة (الكبر في السن، والضعف، والمرض، والحاجة لأنيس؛ وخاصة أنك لم تذكر أن لك أخوات بنات يخدمنها أو لها بنات متزوجات ابتلعتهم بيوتهن وأولادهن، وأزواجهن، ولم يبق لأمهن منهن شيء). وهل ترضى ابنة خالتك بظروفك الحالية وممكن تنتظر معك حتى تتحسن ظروفك، على طريقة ومن يحتملك إذا لم تحتملك قريبتك التي لابد وأن تكون على علم بما تخطط أمك له، وتوافقها في الرأي عملياً بتقديم يد المساعدة. ونصيحتي لك صديقي تتلخص في الآتي: أولاً: الزواج لا يلزمه ما وجدت في زميلتك المهندسة ولا ما تقدمه ابنة خالتك لأمك؛ إنما يلزمه التوافق النفسي والعقلي بين الشاب والفتاة؛ بحيث يتمكنان من بناء بيت ثابت مستقر دائم. فما بينك وبين زميلتك المهندسة لا يقول إنها ستقنع أهلها بك وتقنعهم بقبولك وأنت لا تملك من مستلزمات الزواج شيئاً، وأمك معترضة. وما أراه من كلامك أن زميلتك رأيها في الارتباط بك واضح وصريح؛ فهي على الحياد تقف منك بعيداً حتى تستقر على برٍّ تكون معك فيه؛ بما يعني أن موقفها سلبي تجاه ظروفك؛ لأنها على علم تام بما سيطلبه أهلها منك أو من أي شخص يتقدم لها. كذلك ما تقدمه ابنة خالتك لأمك قد يكون بصفة مؤقتة حتى تتمكن وتتحكم وتنقلب عليك وعليها؛ لأنك لم تفكر فيها كإنسانة وتختارها لذاتها؛ ولكن لما تقدمه. بما يعني أنه لابد وأن يكون لك بمن ستتزوجها علاقة نفسية معنوية تؤكد لك فيها أنها ستكون معك ولك في الحلوة والمرة. ثانياً: سن ال27 سنة بالنسبة للرجل ليس السن الذي يدفعك للزواج والسلام؛ وما أقصده أن تنتظر بضع سنين يكون مركزك الوظيفي والمالي قد تبلور، وأصبحت تملك قرارك، وفي ذات الوقت وجدت من ترضى بك وبظروفك، وقادرة على إقناع أهلها بالمساعدة، أو حتى الصبر حتى تتحسن الأمور، أو ترى في ابنة خالك التعاطف الذي يشدك إليها ويتأكد لديك أن الحب لا يعرف فرق التعليم ولا الشهادات. فكر جيداً في الظروف المحيطة بك صديقي؛ فهي سيدة الموقف الآن، وابدأ بما يرضي أمك التي رضاها من رضا ربك، وغضبها عليك سيكون عليك لعنة إذا اخترت على غير إرادتها. لذلك أنصحك بمعاودة النظر والتفكير في ابنة خالك التي قدمت السبت بالحب العاطفي والعملي، وحاول أن ترى فيها ذاتها وإنسانيتها وتفهّمها للحياة، وقدرتها على الخوض فيها معك بحلوها ومرها؛ فالحب يا صديقي لا يعرف فرق التعليم؛ ولكن يعرف التضحية والأثرة، ومساعدة الحبيب لذاته ولمن يحبه. من الآخر فتش في ابنة خالك على نصفك الحلو، وكن جاداً في بحثك؛ حتى إذا فشلت أن تقنع أمك أنه حرام عليها أن تتسبب في تعاستك مقابل واحدة تخدمها. كذلك فكر في زميلتك وما يتطلبه ارتباطك بها الذي لن يعجب والدتك، وبذلك تصبح ظروف عدم استقرار عملك، وعدم استعدادك للزواج من زميلتك بالإضافة لعداوة أمك؛ كلهم ضدك. فكر جيداً وابدأ بابنة خالتك، وانظر للأمر بعين العقل؛ فربما ترى فيها إنسانة رغم قلة تعليمها ذات قلب وذات عقل، ويمكنك التفاهم معها عاطفياً ونفسياً؛ مما يحفزك للزواج بها. وصدقني محاولتك المخلصة هذه ستراها وتشعر بها أمك؛ فإذا لم يجمع الله (تبارك وتعالى) بينك وبين ابنة خالك ويفتح بينكما بالحق ولم تتمكن من التفاهم معها كزوج وزوجة؛ ستتفهم أمك موقفك وتعرف أنه من الصعب أن تغصبك على التعاسة لمجرد أن تحصل هي على من يساعدها ويخدمها.