لو سمحتم أنا في مشكلة كبيرة جدا، وهي إني أحببت شاب، هو أحسن شاب في الدنيا، حقيقي أحسن راجل شفته في حياتي، بس أنا عملت مواقف معاه زبالة أوي لدرجة إني احتقرت نفسي أوي، وكان دايما ييجي على نفسه أوي وكنا بنرجع لبعض؛ قلبه حنين جدا لأعلى درجة. المواقف اللي عملتها معاه يعني كانت بتضايقه تصرفاتي لأن أنا متسرعة جدا لأعلى درجة؛ باخد قراراتي غلط فعشان كده باخنقه مني، المهم هو خلّص دراسته وبعد كده كان مستني موقفه من الجيش فلما جه له جيش قال لي أنا آسف ماقدرش أظلمك معايا وسابني فعلا. وكان انهيار تام ليّ، كل ده عشان مصلحتي، وكل مرة بيكبر في نظري أكتر من اللي قبلها، لدرجة إني باحس إني حشرة صغيرة أوي من كتر ما أنا باحس إن دماغي صغيرة أوي، دلوقتي هو خلاص خلّص جيشه وفضلت السنة دي عايشة على أمل إن هو يخلص وييجي يخطبني. المهم رجعنا لبعض تاني فعلا بس كان هو من بداية كلامنا مفهمني إن هو مستواه صعب شوية، هو ساكن في منطقة شعبية جدا وهو ده المكان اللي لو ربنا جمعنا مع بعض في بيت واحد هانسكن فيه، لأننا هانعيش في بيت أبوه. مرة برضه كانت حصلت مشكلة جامدة جدا بسبب دماغي الصغيرة وقاطعني تماما، أخوه عنده مستشفى ناحية بيته في نفس المكان، المهم أنا رحت هناك ناحية المستشفى لقيت مكان شعبي فوق أي تصور، عشوائيات رهيبة، هو شافني هناك اتجنن وركّبني تاكسي ومشيت حتى ماتكلمناش في اللي حصل بعدها. وأنا دلوقتي مابقيتش فاهمة المشكلة في مخي الصغير ولا المشكلة في إن هو لو جه لأهلي استحالة إنهم يوافقوا عليه، إلا في حالة واحدة إن هما يتبرّوا مني ومايعرفونيش تاني، وقتها بس ممكن أتجوزه، أنا هاموت من الحزن ودي مش حالة مراهقة صدقوني، أنا مصدومة وماعرفش ليه حصل لي كل ده، أنا هاموت عليه ولو جه لأهلي استحالة يوافقوا عشان المكان اللي هنسكن فيه. يا جماعة ده شاب ممتاز وراجل أوي، أنا مش عارفة أتصرف إزاي، وأنا لما روّحني وركّبني تاكسي فضلت متنحة جامد أوي، وبقيت هاموت من الزعل، السواق قال لي: مالك إنتي حزينة ليه؟ قلت له أبدا، وقمت معيطة جامد أوي، كنت منهارة وأنا مروّحة، كنت باعيط في التاكسي بصيت لقيت يافطة مكتوب عليها: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، وكنت قبليها بادعي ربنا وأنا مروّحة، طيب دلوقتي إيه الحل؟ إزاي هاتجوز حد غيره وأنا بحبه كده؟ أنا قلت عشان تتم فرحتي لازم تحصل معجزة من عند ربنا.
toty
قبل أن أعلق على رسالتك اسمحي لي أن أبدي لكِ ملاحظة مهمة لشيء ضايقني، لا منكِ ولكن لكِ، وهو ذلك الإحساس السيئ باحتقارك لنفسك، فأنتِ طوال الرسالة تصفين نفسك بأوصاف مُحَقّرة لكِ، لماذا؟ على أي أساس تنظرين إلى نفسك أنكِ أقل من الطرف الآخر في علاقة الحب التي تعيشينها؟ أنتما متساويان في كل شيء كأشخاص، فلماذا ذلك الشعور بالدونية؟ الله تعالى كرّمك، وأنتِ حين تقللين من شأنك لهذا الحَد فإنكِ تهينين ما كرّم الله، وهذا خطأ فادح، فكفّي عن التعامل مع نفسك بهذا الاحتقار. فلننتقل من تلك النقطة إلى موضوع رسالتك.. الوضع بالفعل صعب، فلن أكون مفرط العاطفية وأنصحك بالتمسك بحبيبك وتحدي الظروف والعالم، لأننا لسنا منفصلين عن الظروف ولا عن العالم ولا يمكننا الاحتماء بالحب من كل شيء، ولا أنا أستطيع أن أنصحكِ بالتخلي عنه، فأكون قد أهدرت قيمة الحب لصالح الحسابات المادية. إذن فلنأخذ الوضع الوسط، وهو تحكيم كل من العقل والقلب بالتساوي، ودراسة كل الظروف والمعطيات بشكل هادئ خالٍ من التسرع العاطفي وكذلك من الحساب البارد للأمور، بحيث نصل إلى أفضل الحلول الممكنة. أنتِ الآن وقفتِ عند نقطة معينة علقت نفسك فيها، هي "أهلك ومدى تقبّلهم أو رفضهم لفتاكِ"، وقد قررت مسبقا أنهم سيرفضونه تماما، ولكن ألم تسألي نفسك ولو مرة ماذا لو جرّب التقدم لي؟ ألا يُحتَمَل ولو بنسبة واحد بالمئة أن يوافقوا؟. من المؤكد أن سؤالا كهذا دار بذهنك، لماذا لا تنتقلين من خانة التساؤل إلى خانة التجربة؟ أعلم أنكما تخشيان الفشل ولكن التجربة والفشل أرحم من السؤال الأبدي "ماذا لو..؟"، على الأقل ستقولان "جرّبنا ولم ننجح"، هذا أفضل بكثير من لوم النفس على عدم التجربة. أما لو نظرنا إلى مسألة سكنك معه -إذا تزوّجتما- في منطقته العشوائية، فأنا أريدك هنا أن تخضعي لأحكام العقل، رسالتك عبّرت بوضوح عن مدى صدمتك من المستوى العام للمنطقة رغم أنك لم تقضِ فيها سوى دقائق قليلة ونظرتِ إليها من الخارج، ولم تتعمقي فيها لتلمسي نمط حياة أهلها، ومخطئة أنتِ لو حسبتِ أن الحب وحده يكفيكِ لتتحملي الحياة في ظل الفجوة الواسعة بين عالمك وعالم فتاكِ، نحن لا نتحدث عن فارق مادي فحسب، بل عن الانتقال إلى عالم آخر له نظام ونمط وثقافة مختلفة تماما عن ما ألفتيه، هنا عليكِ التعرف على هذا العالم أولا وقبل أي شيء، وأن تسألي نفسك مباشرة: "هل أستطيع أن أعيش هنا؟". وأرجوكِ لا تسارعي بقولكِ: أنا مستعدة أعيش مع حبيبي في أي مكان، فهذا بالفعل تسرّع فادح وتهوّر فاحش، ولديّ عشرات القصص عن فتيات فعلن هذا وندمن أشد الندم بعد فوات الأوان، فبالله عليكِ لا تقعي في هذا الخطأ. ادرسي الأمر بهدوء، وفي نفس الوقت اطلبي من فتاكِ أن يدرس مدى قدرته على أن يوفّر لكما سكنا في مكان أكثر ملاءمة لكِ، افعلي هذا طبعا دون أن تجرحيه بالتقليل من شأن منطقته لأنه -كما بدا من رسالتك- شديد الحساسية لهذا الأمر. فليدرس كل منكما الجزء المتعلق به في المسألة بشكل عقلاني بعيدا عن أي ضغوط نفسية أو عاطفية، ثم لتجتمعا معا وتتبادلا الأفكار حول ما توصّلتما إليه، وبعدها تختارا الوقت المناسب لمفاتحة أهلك بالأمر. فإن كانت المعطيات تقول إن حياتكما معا ممكنة، سواء نجح هو في توفير مسكن آخر أو رأيتِ أنت أنك تستطيعين تحمّل الحياة في منطقته، فلتقولا هذا صراحة لأهلكِ، أما إن كانت المعطيات في غير صالحكما فليس أمامكما عندئذ -مع الأسف- سوى أن تنهيا علاقتكما، مع علمي بعمق ما في ذلك من ألم، لأن هذا سيكون أكثر رحمة من أن تستمرا في علاقة بلا أمل، فالحب ليس علاقة لذاتها بل هو مقدمة لعلاقة أخرى هي الزواج، وإن لم يستطع كل طرف فيها القيام بالحد الأدنى من التضحيات لشريكه فهي علاقة محكوم عليها بالفشل. هنا يبقى احتمال أخير يجب أن نفكر فيه، رفض أهلك، وهو احتمال كبير جدا بكل صراحة، في تلك الحالة ستجدين نفسك مخيّرة بين أهلك وفتاكِ. الحقيقة أنه وضع مؤلم شديد القسوة، تفترق فيه أحكام القلب عن أحكام العقل، لكني في تلك الحالة أميل إلى أحكام العقل، فهي أوسع نطاقا وأكثر دقة، وأجدني أنصحك بألا تخرجين عن طاعة أهلك، خصوصا أن في ذلك الخروج وقوع في ذنب هو عقوق الوالدين، وذنب آخر هو الزواج بغير موافقة الوكيل وهو زواج باطل، وأن تتحملي ألم فراق الحبيب أهون من أن تقعي في ذنبين عظيمين كهذين. مشكلتك بالفعل صعبة يا عزيزتي، وتزيد صعوبتها طبيعتك الرقيقة الحساسة، لكننا في النهاية لا نملك سوى أن نراعي الواقع، وأن نضع أملنا في ألطاف الله وما قد يأتي به القدر مما لا نحسب. وفقك الله وأعانك.. تحياتي.