صورة بألف كلمة.. بالفعل هو ما ينطبق على تلك الصورة التي تعبر عن الحال في بلدنا الآن بكل الأسف.. صورة الخراب والدمار والنيران التي ستأتي على كل شيء وهذا الرجل يمسك بآلته الموسيقية منتشياً بكم الخراب الحاصل ويضحك بفرحة جنونية وهو يعزف أنغام موسيقى الدم والنار. للحظة أتتني لقطة فيلم إسماعيل يس مليونير في عنبر العقلاء عن أحد النزلاء الذين تقمصوا شخصية نيرون، وكان التعليق المناسب على الصورة "نيروون شرف نيروون.. ده واد جد وسي تري بوون". ما يحدث في البلد لا يرضاه أي عاقل وأي حريص على البقية الباقية من هذه الأمة.. كمّ الخراب الذي صار معتاداً وصورة الدخان الأسود وهو يرتفع فوق سمائنا لا يعد إلا بكل ما هو كارثي بغضّ النظر عن كونك مؤيدا للرئيس أو معارضا.. ألتراس أو فلول.. برادعاوي حمديني إخواني... الخراب سيحل على الجميع بلا تفرقة.. وسيجلس هذا الشخص على أنقاض بيتك يغني ويضحك وتعزف آلته الموسيقية المزيد من سيمفونيات الفناء. المؤكد أن هذا الرجل -مثل الجميع- يرى نفسه على صواب، بل ويرى نفسه مناضلاً وصاحب رؤية.. ومن غيره عدو جاهل بغيض يستحق هذه النيران المشتعلة.. في كل مرة تظن أن البلد قد وصل لقمة اللامنطق تجد تحديا جديدا وإثباتا جديدا أنه ما زال في جعبتنا المزيد.. حكم بإحالة أوراق متهمين للمفتي فيقوم أهاليهم باقتحام السجن لإخراجهم فيموت بضع وعشرون، وتحال الدنيا لخراب في بورسعيد ويفرض حظر تجوال.. هل اكتفيت؟ لا هناك المزيد.. اشتباكات في مدينة السويس ومحاولات لاقتحام مبنى المحافظة ورصاص يتطاير على رؤوس الجميع عسكر ومتظاهرين.. لا لا انتظر هناك المزيد! الحكم بالفعل يعتبر سياسيا في المقام الأول.. فالأولتراس لم يكونوا ليرضوا بأقل منه وإلا أحالوا الدنيا جحيما.. لكن الجحيم حلّ علينا بالفعل! فالجانب الآخر والذي كان متوقعا ردة فعله غضب للحكم، وقرر أنه سيُخرج المحكوم عليهم بالقوة.. ينضم لهم البعض ويحاصرون القسم ويتم الضرب.. لم يعد يفهم أحد من مع من ومن ضد من وما الذي يجري من الأساس.. لكن الثابت كل مرة هو مزيد من الدماء تسيل ومزيد من أرقام الضحايا. لماذا لم يتم أخذ الاحتياطات والتعزيزات الأمنية حول السجن وتأمين مباني المحافظة والأقسام في بورسعيد، متوقعين ردة فعل عنيفة أيا كان الحكم؟ لما تم وضع المتهمين في بورسعيد.. هل كانت الناحية القانونية تلح على ذلك أم كان من الممكن إبعاد الجاز عن الكبريت حتى لا يستقوى ذووهم بمناطق نفوذهم. الكل شارك حتى نصل لتلك الصورة المحزنة.. معارضة وإخوان.. الكل تعامل مع الوطن بانتهازية وبنظرة قاصرة.. لا الرئيس وحكومته يتعاملون كما لو كان ما يحدث في بلد آخر ويكتفي الرئيس بتغريدات على تويتر، وكأن تناحر أبناء الوطن لا يستحق ولو بيانا جادا.. رئيس الوزراء في مؤتمر دافوس لا يخرج بأي تصريح.. هناك من يقوم بالتسخين لتتصاعد الأحداث.. لا لن يهدأ هذا البلد.. لا بد من النار للتطهير.. التطهير لا يمكن أن يكون سلميا.. سلمية الثورة قضى عليها الإخوان بنفعيتهم وتعاميهم عن مطالب الثوار.. هناك من يرفض مبدأ الحوار كذلك.. لا حوار مع من سقطت شرعيته.. الحل في الرحيل.. وحتى يتم الرحيل سيكون هناك المزيد مما رأيناه من خراب. حكومة تتعامى عن أي انتقاد ولا تتعظ من تأثير سياسة العناد السابقة.. جماعة لا ترى سواها على صواب ومن يوجّه الانتقاد فهو عميل مأجور لا يريد صالح البلد.. نفس سياسة التخوين والاستعداء السابقة التي أثبتت فشلها تمارَس حالياً.. الاكتفاء بذوي الثقة على ذوي الكفاءة عرض البلد لسلسلة من الخراب المستمر ولا شأن للحجة المعهودة من تركة مبارك الفاسدة بالأمر..
فانعدام الكفاءة وعدم توجيه الاهتمام للأولويات يؤدي بنا لتدهور سريع.. استهتار بالمواطن والفقراء يدفع الغضب في النفوس للتأجج.. حين يتم صرف الملايين على تسليح الأمن المركزي بزيه الجديد بينما يظهر رئيس الوزراء ليصرح أن "يا بخت الغلابة بالعيش" وبحصة الثلاثة أرغفة الكافية للمواطن.. لا تتوقع حينها أن يهلل لك شعبك طرباً. مللنا من طلب خطة زمنية محددة لتوضيح سياسة الحكومة للإصلاح.. نريد جدولا زمنيا يوضح أهدافا تسير عليها الدولة.. لكن ما يبدو أننا بالفعل العشوائية هي ما يحكمنا. هناك تصنيف وصفه أدولف هتلر للإنسان ورغم نازية هتلر وجنونه لكن هذا التصنيف بحاجة للتأمل.. الذكي الكسول والذكي النشيط والغبي الكسول والغبي النشيط.. الذكي النشيط كالعلماء والمخترعين.. الذكي الكسول غالباً يكون قائداً يعيّن الجميع في الأماكن الصالحة لهم.. الغبي الكسول يتم استخدامه كعامل توجه له الأوامر أو جندي حيث يؤمر يقوم بما اؤتمر به.. أخطرهم الغبي النشيط؛ لأنه يتطوع بغبائه ويقوم بأعمال كارثية دون تفكير.. وهذا في رأي هتلر ينبغي تدميره! المحزن أن نموذج الغبي النشيط صار في كل مكان حالياً، وكل التيارات، وسيحيل الدنيا خرابا بالفعل لو لم نتحلّ بقليل من المنطق والصدق. إن لم ينتهِ كل هذا العبث ويضع كل جانب مصالحه ويكون أميناً حقاً في مسعاه لصالح البلد سيكون هذا الرجل العازف هو المتحكم في شئوننا مستقبلاً.