قد يتصوّر البعض أن شخصية الكونت "دراكولا" مصاص الدماء التي ألهمت العديد من الأدباء وصناع السينما شخصية أسطورية لا تمتّ للواقع بصلة، إلا أنها في الواقع شخصية حقيقية للغاية، وكان أميرا لرومانيا، وتعتبره أوروبا أحد أبطالها القوميين؛ لمحاربته للدولة العثمانية في أوج قوتها، ووقوفه ضد المد الإسلامي في أوروبا. ولقب دراكولا أطلقه الغجر على الكونت فلاد الثالث الوالاشي؛ نظرا لدمويته الشديدة وسنوات حكمه الصعبة التي كان يعاقب فيها مخالفيه بشدة، لدرجة أنه يروى أن الجنود كانوا يقومون بنثر الذهب على جانبي الطريق، ويظل كما هو بالأعوام لا يقربه أحد؛ لعلمهم أن من سيقترب من هذا الذهب سوف يموت بأبشع وسيلة ممكنة وهي الإعدام بالخازوق. ومع أن فلاد الوالاشي تربى في كنف الدولة العثمانية، وهم من ساعدوه في السيطرة على والاشيا، إلا أنه ما لبث أن صار أحد معارضي الدولة العثمانية، وقد حاربها بضراوة شديدة، وكسب وقتا كبيرا لأوروبا لتعد نفسها في حربها مع الدولة العثمانية رغم هزيمته في النهاية. وقد اشتهر العهد الذي حكم فيه الكونت دراكولا بعهد الرعب؛ حيث إنه كان يحكم بالإعدام في كل الجرائم من أبسطها إلى أكبرها، وكانت وسيلة الإعدام بالخازوق هي وسيلته المحببة، حتى إنهم أطلقوا عليه في تلك الفترة لقبا جديدا وهو "فلاد المخوزِق"، وكان يقتل الأطفال والكبار، ولا يفرق بينهم في العقوبات. وضمن فلاد ولاء سكان ولاشيا وفرض نفسه كقوة مطلقة بقتل أكثر من مائة ألف من السكان بالخازوق، حتى باتت ولاشيا عبارة عن مقبرة ومستنقع للموت، حيث كانت هذه متعته الشخصية والدماء تنسال من المخزوقين وهم أحياء لتملأ الوعاء، وليغمس قطعة الخبز ويأكلها. وكان يضع الخوازيق لإرعاب أعدائه خارج المدن التي يهاجمها وارتفاع الخازوق يحدد مكانة الضحية، وقد أحس السلطان محمد الثاني بفظاعة المخوزق عندما وجد جثث عشرين ألف أسير تركي معلقة على خوازيق خارج حدود ولاشيا عندما وصلها بالجيش، لكن السلطان محمد الفاتح نجح في الانتصار وهرب فلاد إلى المجر. وكانت تلك بداية انتهاء عهد الرعب الذي نشره فلاد حيث لم يكتفِ بالخوازيق، بل كان أيضا يقطع الآذان والأنوف ويستعمل الحرق والشيّ والحيوانات المفترسة ودق الرأس بالمسامير. ومن الأساطير التي رويت عنه أنه دعا أمراء رومانيا في مأدبة كبيرة أقامها في الساحة التي يقتل فيها أعداءه، وكانت الجثث معلقة حولهم في كل مكان، فما كان من أحد الأمراء إلا أن تأفف بعض الشيء وهو يأكل، فأمر فلاد في لحظتها بإعدامه مثلهم. ويروى عنه أنه كان ينزل الحرب بنفسه ويقف في الصفوف الأولى، وكان مميزا في ضرب الرمح، وكان رمحه من شدة قوته يستطيع قتل شخصين أو ثلاثة في المرة الواحدة. واعتبرت الكنيسة فلاد بطلا قوميا أبان فترة حربه ضد الدولة العثمانية، وقد لقي تأييدا من البابا لمحاربته الأتراك، ووقوفه ضد انتشار الإسلام وامتداده، واستطاع حماية دولته وحماية المسيحية من العثمانيين، إلا أن الأتراك نجحوا في النهاية في غزو ولاشيا، وقد انتحرت زوجته بأن رمت نفسها من القلعة إلى مياه نهر أرجيس بدلا من الاستسلام للأتراك. وقد وقع فلاد في الأسر ويقال إنه كان يقضي وقته في السجن بأن يسلخ الحيوانات حية أو يضع الطيور على خوازيق، وفي النهاية لقي نهايته على يد مجموعة من القتلة أرسلهم الشاه، وتم قطع رأسه ووضعها في العسل ليحفظ وجهه على حاله، وتم إرسال الرأس إلى الشاه ليكون دليل موته، وقد وضع جسده على خازوق ليكون عبرة بعد ما استعمل هذه الطريقة نفسها لإرهاب شعبه.
اقرأ أيضا: Google يحتفل بذكرى ميلاد مؤلف "دراكولا" الروائي برام ستوكر برام ستوكر.. كاتب "دراكولا" الذي مات لأسباب مجهولة