بصي أنا تعبانة أوي، حاسة إني عاوزة أموّت نفسي، يا ريت تساعديني في مشكلتي. أنا بابا صعب أوي معايا، أنا محجبة بس إسبانيش وبالبس على طول طويل يعني فوق الركبة بشوية، يعني تونيك عليه بنطلون، وهو مضايقني في كده، على طول عايزني ألبس جيبة، وأنا باكره الجيب مووت. بابا على طول بيشك فيّ، ومادانيش المصروف بتاع الشهر ده، وأنا مش عارفة أعمل معاه إيه؟ على طول يزعق لي جامد ويفضحني قدام الناس، أنا بافكر أهرب مع صحابي وأسيب له البيت زي ما بنت عمتي عملت، وهو برضه مش معترف إني أحسن منها. بنت عمتي مش محترمة ولا مؤدبة خالص، بتكلم شباب كتير وبتيجي الساعة 2 بالليل من برة، وأنا أصلا مش باخرج خالص، وبتشرب سجاير وبتعمل حاجات وحشة، قامت هي سايبة لمامتها البيت. أنا بافكر أعمل كده، أرجوكي إنتي لو ماردتيش عليّ أنا بجد هاسيب البيت.
Hu7
لو تصورتي سيناريو خروجك من المنزل، أقصد هروبك منه، هل تعتقدي بالفعل أنك ستكونين في حال أفضل مما أنت عليها الآن مع والد -سأقول مبدئيا ووفقا لكلامك- قاس وصعب؟! هل تتصورين أن الحياة ستكون وردية بدونه وبدون أن يكون لك مصدر دخل ولا مأوى سوى منزل والديك؟ هل تتصورين أن حالك لن تكون مثل قريبتك التي عددتي ما بها من مساوئ تشمئزين منها وترفضين بشدة أن يتم لصق أي صفة من صفاتها بك؟ أقول لكِ بكل صراحة إن نموذج قريبتك هو نموذج متفائل جدا لما ستصلين إليه إذا غادرت المنزل هاربة، لا مأوى لك إلا الطرقات، ولا عمل لك تضمنين به أن تعيشي عيشة كريمة أو على الأقل غير مهينة. صديقتي.. قلت لك سأعتبر أن والدك قاسٍ بالفعل عليكِ وسبب هذه القسوة لن يخرج في وجهة نظري عن احتمالين: الأول.. والذي أعتقد أنك تعتقيدنه بشدة هو أنه يكرهك ويريد أن يتخلص منك ولا يهتم بك ومتجنٍ عليكِ. أما الثاني.. والذي أرغب منك أن تفكرين فيه بعقل وتروٍ، أنه يراك جوهرة ثمينة وأمانة في عنقه يريد أن يسلمها بكامل رونقها وبهائها لمن سيكون نصيبك وشريكك في الحياة. ويقيني أنه السبب الثاني الذي يبرر هذه القسوة لكنه فقط أخطأ التعبير، وربما وتّره بشدة ما يراه ويسمعه يوميا مما يجري للفتيات سواء بإرادتهن بعد أن يقعن ضحية لكلمات حب وهمية يندمن على تصديقها أشد الندم، أو غصبا عنهن من فئة من الشباب تخلوا عن كل ما يميّزهم كبشر وتحولوا إلى وحوش مفترسة تلتهم من أمامها ومن يوقعها حظها في طريقهم. ظني أنك سترفضين تصديق هذا الاحتمال، لكن صدقيني ستثبت لك الأيام أنه الاحتمال الصحيح، لكن دعيني أفترض معك أن سبب معاملة والدك القاسية هي أنه يكرهك ولا يطيقك، إذن هل هربك سيحل مشكلتك؟ بالعكس سيريحه منك إذا كان بالفعل لا يرغب بك في المنزل، وستكونين أنت من أضررت نفسك بنفسك ولن يكون في هذه الحالة متضررا سواكِ. لن أقول لك اقتربي منه وعامليه بلطف مصداقا لقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} لأن من الواضح أنك لست في حالة تسمح بهذا، لكن سأقول لك تعاملي بذكاء مع المتاح لك بالفعل، فأمامك أكثر من حقيقة لا تستطيعين الفرار منها.. فأولا هو عائلك الوحيد بعد الله تعالى، ومنزله هو مأواك وملجأك وتحتاجين إليه لاستكمال دراستك ثم تجهيز نفسك وغيرها من مصاريف وجوانب مادية بحتة. ألا تستحق هذه الأمور منك بعض الصبر، ألا تستحق بعض اللين ومحاولة سماع كلامه؟ بالنسبة إلى حرمانك من المصروف، فحمدا لله أنه يمنحك مصروفا أصلا، فهناك من يستغل بناته ليؤتين له بالأموال من أي طريق ومهما فعلن، وهناك من يمنح هذا المصروف مقابل تجاوزات أخلاقية تقدمها له ابنته. أتعمد صدمتك بهذه القصص، التي على بشاعتها تنقل واقعا حقيقيا تعيش فيه فتيات كثيرات ويزيد عددهن كل يوم، وبعضهن يبدأن الرحلة من الطفولة. إن قسوة والدك مهما كانت عليكِ لن تكون بمثل هذه البشاعة، وكونه يهينك أمام الناس فلا يمكن أن يكون هذا فجأة، فبالتأكيد تكون هناك مقدمات يمكنك بقليل من الحرص أن تتفاديها، وحتى إذا لم يكن هذا صحيح وأنه بمجرد أن يراكِ يشخط ويهين.. إذن فلتتحملي قليلا، إن لم يكن من أجل نفسك فمن أجل أن تكوني أنت أفضل منه عند الله تعالى، عندما تتحملين وتصبرين سيعوضك الله تعالى خيرا إن شاء الله. لكني في النهاية لا أستطيع أن أتصور أنك لا تستطيعين الاقتراب من والدك بذكاء ومحاولة طاعته، فالبنت حبيبة والدها كما يقولون، ولتبدئي بموضوع الملابس، فإذا كان يريدك أن ترتدي جيبا فلا بأس؛ فهي الموضة وجرّبي شكلك بها وخذي آراء من تثقين فيهم وهو أولهم، وتأكدي أنه لن يريد لك إلا الأفضل.. فإذا وجدت شكلك مناسبا بها فلا بأس من الاستمرار في ارتدائها ولو من باب التغيير، أما إذا وجدت العكس فحاولي أن تفهميه هذا بطريقة لطيفة ودون أن تعندي معه، وإن شاء الله النتيجة ستكون مرضية لك وربنا يوفقك.